تسبّبت الهزّات الأرضية المتتالية التي تشهدها الجزائر في الآونة الأخيرة في حالة كارثية لدى سكان القصدير، فلقد وجد سكان حي مبارك القصديري أنفسهم عالقين في أكواخ مهترئة متصدّعة تحوّلت إلى خطر ماثل أمامهم يهدّدهم بالموت تحت الأنقاض في أيّ لحظة. مليكة حراث يترقّب السكان القاطنون بحي مبارك القصديري بمنطقة الشراربة التابعة لبلدية الكاليتوس بالعاصمة، بشغف كبير اِلتفاتة من طرف السلطات المحلّية والولائية بترحيلهم إلى سكنات لائقة تحفظ كرامتهم، آملين انتشالهم من الوضعية المزرية التي طالما عاشوا فيها لمدّة عقود كاملة يتخبّطون في معاناة يومية في ظلّ جملة المشاكل في مقدّمتها العيش داخل بيوت هشّة تفتقر إلى أدنى ظروف العيش الكريم، بالإضافة إلى الغياب التام للمشاريع التنموية التي تفكّ عنهم العزلة والتهميش، بينها هاجس غياب الإنارة العمومية، ما أدخلعن في دوّامة الخوف بسبب الظلام الحالك الذي ساهم بقسط كبير في انتشار ظاهرة السرقة وعمليات السطو على الممتلكات، والأمر الذي زاد من معاناتهم وتذمّرهم هو غياب دوريات الأمن في المنطقة، ممّا جعل شلّة من المنحرفين ينشطون بكل حرية -حسب هؤلاء السكان-، فضلا عن انتشار أكوام الأوساخ والنفايات المنزلية التي حوّلت الحي إلى مفرغة عمومية بكل المعايير، مطالبين بتدّخل السلطات المعنية بتكليف عمالها برفع تلك القمامات حفاظا على سلامة المواطنين من انتشار الأمراض والأوبئة. وعليه، ناشد السكان السلطات المحلّية التدخّل لانتشالهم من الجحيم الذي يتخبّطون فيه منذ سنوات طويلة. ولم تنته المشاكل اليومية عند هذا الحدّ، بل يضاف إليها مشكل تدهور شبكة الطرقات التي تتحوّل إلى برك من المياه والأوحال بعد حلول فصل الشتاء، ما يؤدّي إلى استحالة السير بها واجتيازها، سواء على المارّة أو أصحاب السيّارات التي كثيرا ما تتعرّض لأعطاب متفاوتة الخطورة بسبب التدهور الحاصل على مستوى المسالك والطرقات التي لم تعرف تهيئتها منذ سنوات طويلة، الأمر الذي أثار حفيظة السكان واستياءهم من تلك الوضعية الكارثية، وحسبهم رغم توجيه مئات الرسائل والشكاوى بخصوص هذا المشكل إلاّ أن السلطات تقف موقف المتفرّج ولم تكلّف نفسها يوما عناء التنقّل إلى المنطقة لمعاينة جملة المشاكل والجحيم الذي تعيشه العائلات هناك، الأمر الذي جعل هؤلاء المواطنين يدخلون في عزلة تامّة، أمّا عن إقامتهم في تلك السكنات الهشّة فحدّث ولا حرج، فهي آلت إلى حالة متقدّمة من الاهتراء أبدى قاطنو الحي استياءهم الشديد من الوضع المزري الذي يواجهونه في ظلّ تدهور شبكة الطرقات التي تتحوّل إلى برك مائية وأوحال عند كل تساقط للأمطار، ما جعل اجتيازها أمرا صعبا، سواء على المارّة أو أصحاب السيّارات التي كثيرا ما تتعرّض لأعطاب متفاوتة الخطورة، مع العلم أن هذه الأخيرة لم تعرف أيّ تهيئة منذ سنوات. وما أثار استغراب السكان هو صمت السلطات المعنية اتجاه الأمر، وبالرغم من عديد الشكاوى التي قاموا بها إلاّ أنها لم تكلّف نفسها عناء تهيئة طرقات الحي، الأمر الذي دفع المواطنين إلى رفع مطالبهم مجدّدا إلى السلطات من أجل صيانة طرقات الحي. تعيش العديد من العائلات وضعا أقلّ ما يقال عنه إنه مأساوي في سكنات لا تصلح لإيواء البشر نتيجة وضعها المتدهور بشكل متقدّم، وعلى الرغم من مناشدتهم للسلطات المحلية إلاّ أنها لم تبد أيّ ردّ فعل اتجاه الوضع المزري الذي يعيشونه في سكنات شبيهة بالإسطبلات. وفي السياق ذاته، عبّر بعض المواطنين عن تذمّرهم من الوضعية المتردّية لهذه السكنات التي مرّت على إقامتهم بها سنوات خلت، غير أنه مع مرور الزمن وبفعل العوامل الطبيعية والتقلّبات الجوية أصيبت بتشقّقات وتصدّعات في أسقفها وجدرانها، حيث أضحت غير صالحة للإيواء، إذ تشهد جدرانها وأسقفها تدهورا رهيبا، كما أنها قد تقع فوق رؤوس قاطنيها في أيّ لحظة، سيّما الأيّام الأخيرة التي عرفت فيها الهزّات الأرضية ارتدادات متتالية، فضلا عن تساقط الأمطار بكمّيات كبيرة حوّلت بيوتهم إلى مسابح ومستنقعات، كما نتج عنها انجراف كبير للأوحال والتربة. وعليه، جدّد هؤلاء السكان مطالبهم للجهات المعنية بضرورة التدخّل من أجل إنقاذهم من خطر الموت الذي يتربّص بهم، ناهيك عن الرطوبة العالية التي تحاصرهم في كل مكان، والتي باتت تشكّل خطرا على صحّة قاطنيها، لا سيّما مرضى الحساسية والأمراض الصدرية الذين تزداد حالتهم سوءا، خاصّة في فصل الشتاء، أين تعرف درجات الحرارة انخفاضا كبيرا، ناهيك عن الحرارة الشديدة التي يعانون منها في فصل الصيف، علما بأن أسقف هذه البنايات مصنوعة من الزنك، الأمر الذي زاد الوضع تأزّما، كما أن انعدام شبكة الصرف الصحّي من بين أهمّ المشاكل التي تحاصرهم بالنظر إلى أهمّيتها في التخلّص من المياه القذرة، حيث يضطرّون إلى صرفها بطريقة عشوائية، الأمر الذي قد تنجم عنه أمراض وأوبئة خطيرة، خاصّة على الأطفال نتيجة لعبهم في الأماكن القذرة، إضافة إلى انتشار الحشرات الضارّة بسبب تراكم المياه القذرة. شبكة الطرقات متدهورة من جهة أخرى، يعاني سكان الحي كثيرا من تسرّب المياه داخل مساكنهم بسبب الأمطار، الأمر الذي جعلهم يعيشون ليالٍ بيضاء في ظلّ الحالة المزرية التي يتخبّطون فيها، والتي وصفوها بالمأساوية، على حدّ تعبيرهم. كما اشتكى السكان من انعدام الغاز الطبيعي بالحي، خاصّة في فصل الشتاء، أين تكثر استعمالات هذا الأخير خاصّة في التدفئة، حيث نقل السكان معاناتهم في البحث عن قارورة غاز البوتان، متحمّلين بذلك مصاريف وأعباء التنقّل. ومن جهة أخرى، طرح السكان مشكل الانقطاعات المتكرّرة على مستوى خدمات التيّار الكهربائي، وهو الأمر الذي أرّقهم كثيرا، خاصّة وأن هذه الوضعية تسبّبت لهم في خسائر مادية معتبرة. وعليه، طالب المواطنون الجهات المعنية بضرورة النظر إلى المشكل وتقديم حلول خاصّة فيما يتعلّق برفع ضغط التيّار الكهربائي وتغطية حاجة سكان المنطقة بهذه الخدمة. تراكم القمامات يهدّد صحّة السكان إلى جانب ذلك اشتكى السكان من كثرة الأوساخ والنفايات المنزلية التي تحاصر الحي من كل جهة، مشوّهة بذلك المنظر الجمالي للحي. وتعود أسباب انتشار النفايات -حسب السكان- إلى نقص أعوان النظافة، الأمر الذي ساهم في تأزّم الوضع، بالإضافة إلى عدم احترام البعض لمواقيت رمي النفايات، ما ساهم في انتشار الروائح الكريهة التي أصبحت مصدر إزعاج للسكان والمارّة، كما استقطبت الحشرات الضارّة والجرذان، بالإضافة إلى الكلاب الضالّة، ما جعل السكان يبدون تخوّفهم من أن يتسبّب هذا الوضع في كارثة صحّية وإيكولوجية. انعدام الإنارة العمومية تؤرّق السكان كما اشتكى قاطنو حي مبارك من غياب الإنارة العمومية، حيث عبّر المواطنون عن المعاناة التي يعيشونها يوميا جرّاء غياب هذه الأخيرة، حيث بات قاطنوه لا يغادرون منازلهم، خاصّة في الفترات المسائية بسبب الظلام الدامس الذي يعرفه الحي تخوّفا من الاعتداءات والسرقة التي باتت تهدّدهم من قِبل المنحرفين، خاصّة في ظلّ انعدام الأمن وانتشار الآفات الاجتماعية والسرقة التي يتعرّضون لها، والتي باتت تهدّد السكان وممتلكاتهم، خاصّة ليلا. وأمام هذا الوضع يطالب سكان الحي السلطات المعنية بضرورة التدخّل العاجل في أقرب الآجال من أجل وضع حدّ لمشكلاتهم بتوفير الإنارة العمومية في المنطقة بسبب الاعتداءات المتكرّرة التي يتعرّض لها القاطنون بذات الحي.