يمثل رسولنا الكريم (محمد بن عبد الله) صلى الله عليه وسلم رمزاً دينياً وثقافياً في العالم بأسره، إنه الرمز الأكثر إنسانية في ضمير الثقافة العالمية التي سعت مبكراً لدراسة فكره ومسيرته كقائد ومعلم ومفكر، مازالت أمته تقتدي به وتسير على دربه، خاصة أن الإنسانية تدين بتقدمها إلى حصاد الحضارة الإسلامية وما أفرزته من علوم وعلماء. قدم المفكرون والفلاسفة وأساتذة الجامعات بالغرب شهادات تدل على عظمة محمد صلى الله عليه وسلم وسجلوا شهاداتهم هذه في مقالاتهم وكتبهم، ومن هؤلاء: مهاتما غاندي في حديث لجريدة (ينج إنديا) تكلم فيه عن صفات سيدنا محمد صلَى الله عليه وسلم فيقول: _أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسفا لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة_. الروائي الروسي _تولستوي_ أكد في مقالات عديدة أنه أحد المبهورين بالنبي محمد صى الله عليه وسلم الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه، وليكون هو أيضا آخر الأنبياء فيقول: (إن محمداً هو مؤسس ورسول. كان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة. ويكفيه فخراً أنه أهدى أمة برمتها إلى نور الحق. وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد ومنعها من سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتي قوة، ورجل مثله جدير بالاحترام والإجلال). أضاف -تولستوى-: (أنه خلص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم. وأن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة). أما الفيلسوف الإنجليزي (برناردشو) فقد أكد أن محمد صلى الله عليه وسلم هو منقذ البشرية فقال: (إن رجال الدين في القرون الوسطي ونتيجة للجهل أو التعصب قد رسموا لدين محمد صورة قاتمة، لقد كانوا يعتبرونه عدواً للمسيحية، لكنني أطلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبة خارقة، وتوصلت إلى أنه لم يكن عدواً للمسيحية، بل يجب أن يُسمي منقذ البشرية، وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.. إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد. هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالد خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة. وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة -يعني أوروبا-. وأعجب (لامارتين) شاعر فرنسا الشهير ب(محمد) صلى الله عليه وسلم فقال: (من ذا الذي يجرؤ من الناحية البشرية علي تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد؟ ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه عند النظر إلى جميع المقاييس التي تقاس بها عظمة الإنسان؟!فأعظم حب في حياتي هو أنني درست حياة محمد دراسة وافية، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود). آرنولد توينبي (المؤرخ البريطاني الكبير) قال: (الذين يريدون أن يدرسوا السيرة النبوية سيجدون أمامهم من الأسفار ما لا يتوافر مثله للباحثين في حياة أي نبي من أنبياء الله الكرام.... إنني أدعو العالم إلى الأخذ بمبدأ الإخاء والمساواة الإسلامي، فعقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام هي أروع الأمثلة على فكرة توحيد العالم، وأن في بقاء الإسلام أملاً للعالم كله). وقال(جوته) شاعر ألمانيا الشهير معجباً بالقرآن و النبي (محمد) صل الله عليه وسلم: (كلما قرأت القرآن شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي، فهو كتاب الكتب وإني أعتقد هذا كما يعتقده كل مسلم فلم يعتر القرآن أي تبديل أو تحريف، وعندما تستمع إلى آياته تأخذك رجفة الإعجاب والحب، وبعد أن تتوغل في دراسة روح التشريع فيه لا يسعك إلا أن تعظم هذا الكتاب العلوي وتقدسه، وظني أن التشريع في الغرب ناقص بالنسبة للتعاليم الإسلامية، وإننا أهل أوروبا بجميع مفاهيمنا لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد، وسوف لا يتقدم عليه أحد، وقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان فوجدته في النبي العربي محمد). قال(مايكل هارت) مؤلف كتاب العظماء مائة وأعظمهم محمد: (إن اختياري محمداً ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلي نجاح علي المستويين: الديني والدنيوي... فهناك رسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة ولكنهم ماتوا دون إتمامها، أو شاركهم فيها غيرهم أو سبقهم إليهم سواهم، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية وتحددت أحكامها وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته، ولأنه أقام بجانب الدين دولة جديدة فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضا وحد القبائل في شعب والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية وأتمها). وول ديورانت مؤلف (قصة الحضارة) يقول: (إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمداً كان من أعظم عظماء التاريخ؛ فلقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحاً لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله، وقل أن نجد إنساناً غيره حقق ما كان يحلم به، ولم يكن ذلك لأنه هو نفسه كان شديد التمسك بالدين فقط، بل لأنه لم يكن ثمة قوة غير قوة الدين تدفع العرب في أيامه إلى سلوك ذلك الطريق الذي سلكوه). وقال (كارل ماركس): (هذا النبي افتتح برسالته عصراً للعلم والنور والمعرفة، حري أن تدون أقواله وأفعاله بطريقة علمية خاصة، وبما أن هذه التعاليم التي قام بها هي وحي فقد كان عليه أن يمحو ما كان متراكماً من الرسالات السابقة من التبديل والتحوير، إن محمداً أعظم عظماء العالم. والدين الذي جاء به أكمل الأديان). وقال توماس كارليل في كتابه (الأبطال وعبادة البطل): إن العار أن يصغي الإنسان المتمدن من أبناء هذا الجيل إلى وهم القائلين أن دين الإسلام دين كذب، وأن محمداً لم يكن على حق، لقد آن لنا أن نحارب هذه الادعاءات السخيفة المخجلة؛ فالرسالة التي دعا إليها هذا النبي ظلت سراجاً منيراً أربعة عشر قرناً من الزمن لملايين كثيرة من الناس، فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة التي عاشت عليها هذه الملايين وماتت أكذوبة كاذب أو خديعة مخادع؟! ولو أن الكذب والتضليل يروجان عند الخلق هذا الرواج الكبير لأصبحت الحياة سخفاً وعبثاً، وكان الأجدر بها أن لا توجد). وقال الكاتب والأديب البريطاني المعروف (هربرت جورج ولز) في كتاب (معالم تاريخ الإنسانية): (كل دين لا يسير مع المدنية فأضرب به عرض الحائط، ولم أجد دينا يسير مع المدينة أنى سارت سوى دين الإسلام). وهذا عالم اللاهوت السويسري المعاصر د. هانز كونج يقول: (محمد نبي حقيقي بمعنى الكلمة، ولا يمكننا بعد إنكار أن محمدًا هو المرشد القائد على طريق النجاة).