* مسيرة ووقفات (محتشمة) في العاصمة وولايات أخرى / قام عدد من قيادات ما يسمّى بتنسيقية الانتقال الديمقراطي أمس الثلاثاء بتنظيم مسيرة (متواضعة) في شارع (ديدوش مراد) في الجزائر العاصمة (تضامنا) -حسبهم- مع المعارضين لاستغلال الغاز الصخري، كما شهدت ولايات أخرى تنظيم وقفات (محتشمة)، حيث لم تلق دعوة المعارضة استجابة شعبية كبيرة، وهو ما يشير إلى إخفاق التنسيقية المذكورة والمعارضة بوجه عامّ في حشد الجماهير رغم محاولتها ركوب موجة احتجاجات الغاز الصخري. شوهد في المسيرة المنظّمة بالعاصمة، والتي لم يشارك فيها غير جمع قليل من الأشخاص بعض الوجوه المحسوبة على المعارضة، مثل رئيس حزب الأرسيدي عبد المحسن بلعباس ورئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، بالإضافة إلى بعض المواطنين المعارضين لاستغلال الغاز الصخري. وسرقت استعراضات فولكورية تمّ تنظيمها بمناسبة الاحتفال بمرور 44 سنة على تأميم المحروقات الأنظار من أبرز قيادات المعارضة الذين حاولوا تنظيم مسيرة كبيرة في الجزائر العاصمة قبل أن يصدمهم البرود الشعبي في التفاعل معهم. وشهدت العاصمة تعزيزات أمنية حرصا على تفادي أيّ انزلاقات بسبب المسيرة التي دعت تنسيقية الانتقال الديمقراطي إليها، قبل أن يتّضح عجز أصحاب التنسيقية عن إقناع الجزائريين بجدوى التظاهر في يوم استعادة السيادة على تسيير الثروات النفطية. وعاشت ساحة البريد المركزي التي اختارتها التنسيقية مكانا لتنظيم وقفة احتجاجية، منذ الساعات الأولى للصباح على وقع استعراضات فولكورية بحضور والي الجزائر العاصمة عبد القادر زوخ. لا للمغامرة.. كانت دعوة التنسيقية الوطنية للانتقال الديمقراطي للخروج إلى الشارع يوم 24 فيفري قد أثارت زوبعة من ردود الفعل (غير المرحّبة) في صفوف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يوجّه الشارع صفعة قوّية لأقطاب المعارضة في ظلّ توفّر كلّ عوامل الفشل التاريخية، السياسية والتاريخية. (لا للمغامرين باستقرار الجزائر) جملة تداولها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع في ردّهم على دعوة تنسيقية المعارضة للتظاهر ضد ما يسمّونه (الاستغلال غير الشرعي للغاز الصخري). وفي السياق، أظهرت نتائج استطلاعات للرّأي قامت بها صفحات فايسبوكية ومواقع إلكترونية جزائرية، على غرار صفحة (3.2.1 فيفا لالجيري) وموقع (الجزائر 24)، رفض غالبية الجزائريين المشاركة في تظاهرة تنسيقية المعارضة، فيما تأرجحت أسباب الرفض بين عدم الثقة في الأحزاب الداعية إلى الخروج إلى الشارع والخوف من الفوضى وإدخال البلاد في دوّامة عنف هي في غِنى عنه. لماذا تفشل المعارضة الجزائرية في حشد الجماهير؟ يسجّل متتبّعون تكرار مشاهد الفشل لتجمّعات المعارضة خلال السنوات الأخيرة، وهي مشاهد تكرّرت أمس بعد أن شوهدت في مناسبات سابقة عديدة، بدءا بالفشل الذي كان يلاحق خرجات الزّعيم السابق لحزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي، الذي كانت تجمّعاته (السبتية) تشهد تناقصا في أعداد المشاركين فيها حتى (انقرضت) تماما بعد أن أيقن من تبقّى من أنصاره بعدم جدوى (تلبية نداءاته)، وهو المصير نفسه الذي آلت إليه الحركة التي تسمّي نفسها (بركات) بعد صفعة الرئاسيات التي أثبتت للمرّة الألف فشل المعارضة في حشد الجماهير. فلماذا هذا الفشل؟ سؤال يجيب عليه أساتذة ومتتبّعون بالإشارة إلى أن إخفاق المعارضة ناجم عن ضعف خطابها السياسي وعجزها عن إقناع الجماهير بجدوى أطروحاتها من جهة، وكذا عن رغبة غالبية الجزائريين في تجنّب (فوضى الشارع) على خلفية المأساة الوطنية التي تجعل الجزائريين يتعاملون بكثير من الحذر والتوجّس مع محاولات الزجّ بهم في تجمّعات احتجاجية يجهلون حقيقة أهدافها والواقفين وراءها، خصوصا في ظلّ وجود شبهات تحوم حول هويتهم. فيما يرى آخرون أن المعارضة في الجزائر فاشلة منذ الأزل ولم تثبت نجاعتها ووجودها لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الشعبي كونها لا تملك قاعدة أساسية ولا أهدافا معيّنة تريد تحقيقها، هذا ما أدّى بالشعب الجزائري إلى فقدان الثقة فيها ونيّتها في التغيير. أمّا بعض الآراء فتلخّص عوامل الفشل في أن معارضة اليوم هي نفسها التي كانت تطبّل وتزمّر بالأمس، لذلك فهي لا تستطيع اِستغباء الشعب الجزائري، علاوة على أنها تستعمل وسائل تقليدية في حشد الجماهير لأن العالم اليوم يعيش في تطوّر رهيب ومواقع التواصل الاجتماعي مثل (الفايس بوك) و(تويتر) التي تستهوي الشباب الجزائري لم تستطع المعارضة السيطرة عليها، لذلك تلجأ إلى الطريقة الكلاسيكية عن طريق التظاهر في الشارع لأنه (طريق سهل نحو الفتن). الموالاة تقطع طريقا مقطوعة أصلا! في تحرّك وصفه المراقبون بأنه ردّ صريح على (حراك) المعارضة، سارعت أحزاب الموالاة إلى الانخراط في معترك الصخب السياسي في 24 فيفري من خلال تجمّعات تحت شعار عريض هو تأميم المحروقات وإنجازات جزائر الألفية الجديدة. هذه الخطوة اِستغربتها بعض الأطراف الخبيرة في الشأن السياسي، معتبرة أنها محاولة قطع طريق مقطوعة أصلا بالنظر إلى توفّر كلّ عوامل فشل تظاهرات المعارضة دون اللّجوء إلى الهجومات المعاكسة والتحرّكات الموازية لأقطاب الموالاة.