وللحرية الحمراء باب .. بكل يد مضرجة يدق الحرية.. كلمة تمثِّل الكثير للكشميريين، وهي تعني لأهل الريف والحضر على حدٍّ سواء، إنهاء الحكم الهندي المستبد، الذي يتلاعب بمستقبل الشعب ويقمع ثوراته بيد حديديَّة، وأثبت بجدارة أنه لا يختلف في شيء عن المحتلين السابقين للإقليم. ولاستمرار السيطرة على كشمير، تلجأ الهند إلى تصوير مطالب الشعب الكشميري كما لو أنها تمثل تهديدًا لأمنها وسلامتها الخاصة، وتفتعل عدوًّا وهميًّا، هو في حالتنا (الآخر) المسلم -كعادتها على مرّ التاريخ- وتمنح شرطتها رخصةً للقتل، وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وتعذيب الأطفال، واعتقال الرجال بدون اتّهامات، ونزع اعترافات كاذبة بالإكراه، والاعتداء -بالتعاون مع القوات شبه الحكوميَّة- لفظيًّا وجسديًّا على المعارضين من نشطاء المجتمع المدني. وقد شهدت كشمير، في الفترة ما بين 11 جوان و 22 سبتمبر 2010، مقتل 109 رجل وامرأة على أيدي الشرطة والجيش والقوَّات شبه الحكومية الهنديَّة، ومنذ 7 جوان الماضي، عاشت كشمير 37 يومًا تحت حظر التجوال، و 75 يومًا من الإضرابات وأعمال الشغب، التي استمرَّت حتى يوم عيد الفطر، الذي وافق 11 سبتمبر. ولم يكن صيف 2010 مختلفًا، سوى في زيادة جرعة القَمْع الحكومي، الذي تنوعت وسائله ما بين تعذيبٍ، وإعدام، وترويج لوقائع كاذبة مثل المواجهات المزيَّفَة وارتفاع مستوى التهديد على الحدود؛ كذريعة لاستمرار هيمنتها على الإقليم المسلم. وكما هو الحال غالبًا فيما يتعلَّق بهذه الجرائم، تحرص الهند على إلصاق وصف (المليشيات المسلَّحة الأجنبيَّة) على المدنيين الذين يسقطون صرعى قمعها ووحشيتها، والترويج لهذا التزييف الدموي أمام العالم -الذي غالبًا ما يغضُّ الطرف عما يحدث- لأنه يمنحها الشرعيَّة في عيون الإعلام، ويعطي انطباعًا بأن تواجدها في وادي كشمير محتومٌ لوقف عمل "المليشيات"؛ والنتيجة أن كشمير لا تزال أحد أكثر المناطق عسكرةً في العالم، مع تواجد أكثر من 700 ألفٍ من القوَّات شبه العسكرية الهندية بموجب قوانين الأمن الصارِمة، الأمر الذي قد يدفع إلى التساؤل: ما الذي تريده الهند من وراء ذلك كله؟ تريد الهند أولًا أن يذعن الكشميريون المسلمون لهيمنتها، ويتخلون عن مطالبتهم بالانفصال (أي أن يكونوا دولة مستقلَّة، أو أن ينضمُّوا إلى باكستان، كما ينادي البعض) أو بتشكيل حكم ذاتي للإقليم، وإلا فإنها ستجبر الكشميريين على حمل السلاح مرةً أخرى، وهو ما سيعزِّز المزاعم الهنديَّة بأن المجتمع المدني الكشميري المعارض للحكم الهندي يتلقى دعمًا خارجيًّا من قوى وجماعات في باكستان وأفغانستان. هذا السيناريو الأخير سيكون كفيلًا بتحييد مطالب كشمير وحصرها في نزع السلاح وفضّ النزاع، وهو ما سيضفي على التواجد الهندي شرعيَّة قد تزيد الأوضاع اشتعالًا. أما الدول القوميَّة المهيمنة فإنها تغضُّ الطرف عن حقيقة أن صراعات الحريَّة لا علاقة لها بأخلاقيَّات العنف في مواجهة اللاعنف، لكنها تعكس رغبة في التحرُّر، وتتناسى تلك الدول أنه كلما اشتدَّ القمع، كلما اشتعلت المقاومة، وكلما ازداد العنف، كانت النتيجة زيادة في العنف المضاد، وعليه فمن المرجَّح أن تدفع الوحشيَّة الهندية الشباب الكشميري إلى اختصار المسافة الزمنيَّة بين إلقاء الحجارة واستخدام القنابل الحارقة، وربما ما هو أكثر. وإذا فشلت الهند في حلّ المشكلة، أو تحركت باكستان بصورة منفردة، ولم يصرّ المجتمع الدولي على التوصل إلى حلّ لنزاع كشمير، فمن المرجح –في ظلّ التخاذل الدولي- أن يضطر الكشميريون إلى حمل السلاح مرة أخرى، لاسيما وأن كل المؤشرات تدل على أن المجتمع المدني في كشمير لن يهدأ: ليس بسبب ضغوط خارجيَّة، لكن لوجود دوافع تاريخيَّة. * شهدت كشمير، في الفترة ما بين 11 جوان و 22 سبتمبر 2010، مقتل 109 رجل وامرأة على أيدي الشرطة والجيش والقوَّات شبه الحكومية الهنديَّة، ومنذ 7 جوان الماضي، عاشت كشمير 37 يومًا تحت حظر التجوال، و 75 يومًا من الإضرابات وأعمال الشغب، التي استمرَّت حتى يوم عيد الفطر، الذي وافق 11 سبتمبر. ولم يكن صيف 2010 مختلفًا، سوى في زيادة جرعة القَمْع الحكومي، الذي تنوعت وسائله ما بين تعذيبٍ، وإعدام، وترويج لوقائع كاذبة مثل المواجهات المزيَّفَة وارتفاع مستوى التهديد على الحدود؛ كذريعة لاستمرار هيمنتها على الإقليم المسلم.