بحث يكشف إعجاز النظام الاقتصادي الإسلامي * هكذا تنبأ القرآن الكريم بكل الأزمات المالية في العالم عدد الدكتور الشيخ علي القره داغي -الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث- أوجه الإعجاز الاقتصادي بالقرآن في تحريم الربا، موضحًا كيف أن الربا محق، وأن الصدقات زيادة. وقال داغي خلال بحث له باسم (الإعجاز الاقتصادي في مجال المال والاقتصاد) الإعجاز الاقتصادي يتحقق، من خلال الحل المعجز في النظام الاقتصادي الإسلامي أمام فشل النظامين الدوليين - كما يراه العالم - نجد أن النظام الاقتصادي الإسلامي قد تفادى كل هذه العيوب الجوهرية والعملية. وأوضح الدكتور أن الصيغة المناسبة في هذه المسألة هي (الشفاء) الذي يدل على أن علاجه منضبط متوازن، ومتواز، لا تترتب عليه آثار جانبية على عكس (العلاج) الذي قد يترتب عليه بعض الآثار الجانبية التي تظهر مخاطرها فيما، وقد تكون أكثر ضرراً وخطراً من أصل المرض السابق، وهذا ما حدث فعلاً حيث إن الرأسمالية الحرة حينما طغت ترتب عليها رد فعل عنيف أكثر ضرراً، وهو الفكر الشيوعي الذي طبق على أشلاء الدكتاتورية الظالمة وهكذا. وأضاف أن الهدف الأسمى للاقتصاد الإسلامي من خلال نصوص الشريعة ومقاصدها هو الوصول إلى اقتصاد متزن متوازن موزون، حيث إن الله تعالى خلق كل ما في هذا الكون فأعطى لكل شيء وزنه، ووضع كل شيء في مكانه بتوازن دقيق للوصول إلى كوْن موزون بجميع عناصره وطبائعه، فقال تعالى: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ). القرآن الكريم يتنبأ وذكر داغي أنه هناك جانب غيبي تحدث عنه القرآن الكريم في محق الربا حيث يقول تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) وهذا ما تحقق فعلاً خلال الأزمات المالية وبخاصة الأزمة المالية الحالية التي بدأت من عام 2008 ولا زالت آثارها قائمة إلى اليوم. وقال إن القرآن تنبأ بهذه الانهيار فقد جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا ) وفي الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرناها، وكذلك توصل بعض الاقتصاديين إلى ذلك من خلال الدراسات التحليلية، منهم: الدكتور شاخت مدير بنك الرايخ الألماني سابقاً في محاضرة له بدمشق عام 1953م، ومنهم الشيخ أبو الأعلى المودودي في كتابه القيم: أسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة. وأكد العالم الجليل أن الإعجاز أيضاً تحقق في ميزان العدل في جميع العقود الإسلامية، والظلم والاختلال في الربا ونحوه فالله تعالى أنزل نظاماً دقيقاً يقوم يقوم على أساس التوازن، والمساواة الحقيقية بين الحقوق والواجبات لكل من العاقدين (المقرض والمقترض) لتصبح كفتا الميزان متعادلتين، وأن الربا هو ظلم وخلل في هذا الميزان كما سماه القرآن الكريم بالظلم فقال تعالى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) حيث وزع الإسلام حقوق العقد وواجباته على كفتي الميزان (أي العاقدين) بعدالة ومساواة دقيقة، فحينما يختل هذا التوازن يصبح العقد باطلاً ومحرماً. ودلل أنه حينما يكون العقد عقد ربا تجتمع جميع الإيجابيات لصالح المقرض، فقرضه مضمون، والزيادة المشروطة أيضاً مضمونة، في حين أن المقترض محمل بكل السلبيات، فهنا اختل التوازن، ويترتب على هذا الاختلال اختلال اقتصادي واجتماعي له آثاره الخطيرة التي ظهرت خلال الأزمات الاقتصادية ولا سيما خلال الأزمة المالية الأخيرة. واختتم الدكتور بأن الإسلام شدد في تحريم الربا، وقدم بدائل تحقق العدالة والتوازن الدقيق بين حقوق وواجبات العاقدين، مثل المضاربة حيث إن كفة المضارب فيها إيجابية عظيمة وهي حرية التصرف فيه، وعدم ضمانه لرأس المال إلاّ في حالة التعدي والتقصير والإهمال ومخالفة الشروط، والعرف التجاري، وفي مقابلها سلبية أن الأرباح التي حققها المضارب بخبرته العظيمة يشارك فيها رب المال الذي لم يشترك في الإدارة أصلاً، وأما كفة رب المال فتضم إيجابية وهي المشاركة في الأرباح المحققة حسب الاتفاق، وفي مقابلها أن ماله ليس مضموناً إلاّ في الحالات التي ذكرناها.