مسار المحاكمة لم يخدم (الفتى الذهبي)-- دخلت قضية الخليفة يوم الأحد فصلها الأخير مع الانتهاء من مرافعات الدفاع ودخول هيئة المحكمة في المداولات للنطق بالحكم يوم 23 جوان في حقّ المتّهمين ال 71 المتابعين في القضية وعلى رأسهم عبد المومن خليفة المتّهم الرئيسي في القضية الذي يبدو أن مسار المحاكمة لم يخدمه في النّهاية عكس البداية التي فاجأ فيها المتتبّعين. تركّزت مرافعات الدفاع على امتداد أكثر من أسبوع على عدم وجود سند قانوني للتهم الموجّهة لموكّليهم وطلبهم إفادتهم بحكم البراءة. والتمس عبد المومن خليفة في كلمته الأخيرة إفادته بحكم البراءة من كلّ التهم المنسوبة إليه والمتعلّقة بجنايات تكوين جماعة أشرار والسرقة الموصوفة وخيانة الأمانة والتزوير في محرّر رسمي واستعمال المزوّر والتزوير في محرّر مصرفي والرشوة واستغلال النفوذ والأفلاس بالتدليس، وهي التهم التي اعتبرها مجرّد (كلام قيل طوال مجريات المحاكمة دون أن يساق عليه أيّ دليل، رافضا تشبيه النيابة العامّة له بصاحب مشروع الوعد الصادق). وتوافقت الكلمة الأخيرة للمتورّطين في قضية الخليفة على منحى اِلتماس البراءة من كلّ ما نسب إليهم من أفعال، وهو نفس ما جاء في مضمون جميع مرافعات محامي الدفاع التي أخذت عدّة اتجاهات، بعضها منح المتّهمين صفة (الضحايا) وأخرى اعتمدت سياسة الطعن في الأساس القانوني للتهم الموجّهة للمتورّطين وأخرى تمسّكت بإبراز (النيّة الحسنة) للمتّهمين. وعرفت القضية منذ انطلاقها في 4 من ماي المنصرم جلسات سماع مطوّلة للمتّهمين ومن ثَمّ الشهود، وكان حضور المتّهم عبد المومن خليفة بمثابة الجديد في القضية التي عادت من المحكمة العليا بعد النقض في الأحكام الصادرة عن المحاكمة الأولى، والتي تعود إلى سنة 2007. تضمّنت أقوال عبد المومن خليفة لدى مساءلته من قِبل القاضي عنتر منوّر إنكارا لكلّ التهم الموجّهة إليه، نافيا مشاركته في تزوير عقدين خاصّين برهن فيلاّ بحيدرة ومحلّ بالشرافة للحصول على قرض بنكي لإنشاء بنكه الخاص كونهما لا يحملان ختمه ولا يحملان خصوصيات منزله العائلي ومحلّه، غير أنه اعترف بوقوع تجاوزات قانونية في بنك الخليفة بعد شهرين من تأسيسه سنة 1998، وأن المكلّفين بالجانب القانوني للبنك كانوا المعنيين بتلك التفاصيل وليس هو، كما برّر بعض التهم المنسوبة إليه ب (حسن نيّته في خدمة الوطن)، قائلا إنه ترك شركات مجمّع الخليفة (ناجحة وغير مفلسة بتاتا) قبل مغادرته الجزائر سنة 2003 بما فيها بنك الخليفة، علما بأن العدالة أخطرت بهذه القضية بعد أن تمّ تسجيل ثغرة مالية بقيمة 2ر3 مليار دينار جزائري على مستوى الخزينة الرئيسية للبنك، وقال إنه أراد خدمة صورة الجزائر بإنشائه لقناتين تلفزيونيتين تبثّان من خارج الوطن، مشيرا إلى أن باقي الدول كانت لها صورة نمطية تشير إلى الدمار والتقتيل رغبته كانت تتمثّل بتغيير تلك الصورة بأخرى تشير إلى جزائر قوية قادرة على النهوض من أزمتها والمُضي قُدما. واكتفى المتّهم في ردّه على سؤال للقاضي حول سبب مغادرته التراب الوطني في فيفري 2003 بأنه أراد (تجنّب الفوضى والدماء)، مؤكّدا أنه لم يترك بنكه في حالة إفلاس، وأن لديه قناعة بأن المستقبل سيؤكّد ذلك. بالمقابل، تراجع الكثير من المتّهمين خلال المحاكمة عن أقوالهم السابقة أمام قاضي التحقيق، والتي كانت موجّهة ضد المتّهم الرئيسي، على غرار قيامه بإصدار أوامر شفوية تمكّن عددا من الأشخاص المقرّبين إليه من سحب مبالغ مالية من الخزينة الرئييسة دون أيّ صكوك بنكية ودون تسجيل تلك المبالغ في عمليات المحاسبة وعن طريق قصاصات ورقية تحمل إمضاءه وختمه. وشملت تصريحات غالبية الشهود المتابعين سابقا في القضية، والذين أدّوا العقوبات التي أدينوا بها خلال محاكمة 2007 تراجعا أيضا عن حقائق أكّدوها حول شخص عبد المومن خليفة في وقت سابق، ما عدا المدير السابق للخزينة الرئيسية آكلي يوسف الذي أكّد أن هذا الأخير هو من كان وراء الثغرة المالية المقدّرة ب 3.2 مليار دج التي تضمّنها 11 إشعارا كتابيا عالقا بين الوكالات.