لا تتوقّف إجراءات التضييق على المساجد في مصر منذ الانقلاب العسكري قبل عامين فبعد تحجيم الاعتكاف بالمساجد في رمضان ومنع إقامة أيّ أنشطة دعوية أو اجتماعية في المساجد أو ملحقاتها تتّجه وزارة الأوقاف إلى مراقبة المصلّين بكاميرات تثبّت في المساجد. منذ تولّي محمد مختار جمعة وزارة الأوقاف بمصر أصدر عدة قرارات تهدف لمحاصرة ومراقبة المصلّين في المساجد كان آخرها تركيب كاميرات مراقبة في المساجد وحظر إقامة أي أنشطة دعوية أو اجتماعية أو غيرها بأي مسجد أو ملحقاته. وفي الفترة التي تلت الانقلاب أغلقت السلطات الكثير من المساجد كما حصرت صلاة التراويح والاعتكاف في شهر رمضان الماضي بعدد محدود من المساجد. وضمن الإجراءات التضييقية قصرت الوزارة الاعتكاف خلال رمضان على أبناء الحي المجاورين للمساجد المصرح لها وهو ما لم يسبق العمل به في أي من العهود السابقة. * مخالفة للدستور هذه الإجراءات رآها المحامي والناشط الحقوقي أحمد بهاء الدين (مخالفة لما نص عليه الدستور المصري الحالي بأن حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون) وتابع في حديثه: (بما أن النص جاء مجردا لكل أصحاب الديانات السماوية فإن أي قرار يخص حرية العبادة لابد ألا يفصل بين ديانة وأخرى حتى وإن كان القرار أو الإجراء صادرا من وزارة الأوقاف أو الأزهر) ولفت إلى أن التباين في موقف الدولة تجاه المساجد والكنائس يخالف أيضا ما نص عليه الدستور ف (المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة). ورأى بهاء الدين في هذه القرارات (دعوة للعنصرية والتمييز بين المصريين وتتماشى مع سياسة الدولة الحالية فيما يتعلّق بمحاربة كل ما هو إسلامي تحت دعوى محاربة الإرهاب). * انتهاك للحقوق في تصريحات تلفزيونية رفض عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة قرار وضع كاميرات مراقبة داخل المساجد وأضاف: (من المؤكّد أن وزارة الأوقاف ستستعين بعناصر أمن ممّا يخضع جميع المصلّين للمراقبة الأمر الذي يعتبر انتهاكا لحقوقهم). بدوره رأى أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية وصفي أبو زيد أن (خطوة زرع كاميرات تلصّص ومراقبة في المساجد تأتي في إطار سياسة عسكرة المساجد التي انتهجتها وزارة الأوقاف بعد الانقلاب وبدأت بحصار المساجد وتجفيف منابع الخير فيها) وتابع: (لا شكّ أن زرع كاميرات في المساجد يعمل على هجرها وهذا يناقض ما أقيمت له المساجد كما يتعارض مع مقاصد وزارة الأوقاف التي أنشئت لتهيئة المساجد للمصلين وحيازة الريادة في العبادة) ومضى قائلا: (لا يمكن للمسلمين أبدا أن ينعموا بحرّيتهم في ظلّ أنظمة ديكتاتورية فاشية مستبدة ولا أستبعد أن يكون أداء الصلوات بالبطاقة الشخصية في المستقبل كما فعلوا في اعتكاف رمضان هذا العام).