كشف جمال ولد عباس وزير التضامن الوطني والأسرة والجالية الوطنية بالخارج أمس على هامش الملتقى الدولي حول ضحايا الإرهاب المنعقد بالأوراسي ليومين كاملين وتحت إشراف المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب، عن تخصيص 3.26 مليار دينار من ميزانية الدولة من أجل التعويض والتكفل الأمثل بضحايا المأساة الوطنية بمختلف شرائحها، حتى أولئك الأطفال الذين وُلدوا بالجبال، وكذا المسرحين من العمل، بعدما أنهت الوزارة الوصية كافة التحقيقات حول الملفات المودعة لديها، وذلك من أجل غلق ملف المأساة الوطنية بصفة نهائية. وأكد وزير التضامن أنه تم تعويض كافة الضحايا في الوقت الذي تم منح مناصب عمل للبعض الآخر بعدما دفعت اشتراكاتهم في الضمان الاجتماعي، علما أنه تم تخصيص في السابق 19 مليار دينار للتكفل بهذه الشريحة، التي تم تعويضها كليا، حسب تصريحات الوزير، الذي أكد أن العملية سبقتها تحقيقات صارمة للكشف عن الضحايا الحقيقيين من المزيّفين، وأعطى مثال عن أحد الأشخاص الذي سجل نفسه على أنه من ضحايا الإرهاب بعدما فقد أحد ذراعيه. وبعد التحقيق الجذري للوزارة تم اكتشاف أنه تعرّض لحادث مرور! كما أن العملية شملت حتى الأطفال الذين فقدوا أولياءهم خلال سنوات المأساة، وأولئك الذين وُلدوا بالجبال بعدما تم تسجيلهم في الحالة المدنية من أجل منحهم الحق في التعليم وتسجيلهم بمختلف المدارس. كما مست العملية كل الذين تم تسريحهم من العمل في الفترة ذاتها. من جهة أخرى، نفى ولد عباس أن تكون ظاهرة التحرش الجنسي ضد السيدات قد أخذت أبعادا بالشركات البترولية بالجنوب وبالتحديد بحاسي مسعود، وأن الظاهرة اقتصرت على إيداع شكويين من طرف سيدتين لمصالح الأمن المختصة في مثل هذه القضايا، الأمر الذي لا يدعو، حسبه، إلى إعطائه أكثر مما يستحق. هذا، وقد استرجع وزير التضامن في مداخلة خاصة به في الملتقى، الأحداث المؤلمة التي عايشها الشعب الجزائري خلال أكثر من 100 سنة من الاحتلال، ليجد نفسه مرة أخرى تحت صدمة جديدة خلفت الإرهاب الهمجي خلال عشرية سوداء كاملة. كما قدّم تحية إجلال وإكرام للمرأة الجزائرية من الصحفية إلى الطبيبة والريفية، اللواتي ناضلن من أجل أن تحيا الجزائر بهناء وكرامة. السلم.. من أجل التنمية كما تحدثت السيدة فليسي الأمينة العامة للمنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب خلال كلمة افتتاح الملتقى، عن شريحة ضحايا الإرهاب التي تكافح من أجلها، وعن ضرورة طي صفحة الماضي المحملة بالمآسي لنشر السلم والمصالحة التي تقابلها بوادر التنمية، بعدما تم عرض بالمناسبة شريط وثائقي يبرز الأحداث المأساوية التي عايشتها الجزائر طيلة تلك الفترة، سواء تعلق الأمر بالأرياف أو حتى بالمدن التي لم تسلم من بطش آلة الدمار. كما شارك في هذا الملتقى العديد من الشخصيات البارزة على الساحة الدولية والوطنية، والتي ساهمت طيلة مسيراتها بالتزامها في خدمة الدفاع عن السلم والمصالحة، أمثال فاروق قسنطيني، الذي ستكون له مداخلة في الموضوع اليوم. ومن بين المحاور والورشات التي ارتكز عليها اللقاء نذكر »تلقين ثقافة السلم«، التي تدخّل فيها السيد أوصديق حميد، ومداخلة أخرى حول »منع العنف«، من تقديم قاردنس رافاييل كومبو، إلى جانب مداخلة حول »الصراع والسلم التنمية المستدامة« للأستاذ بن صالح قاسم. هذا، كما تحدّث السيد بوشامة كمال عن موضوع »السلام في الإسلام«، تلتها مداخلة لعبد القادر قاسمي ممثل عن وزارة الشؤون الدينية حول الإسلام والسلام في مكافحة الإرهاب في رأي الشرع. المصالحة تقضي على العنف من جهته، أكد نائب المدير العام بالنيابة لمنظمة اليونسكو السيد تيجاني سيربوس نورييني، أن سياسة المصالحة المنتهجة في المجتمع تجعل الحقد والخراب يتراجعان ويفسحان المجال أمام ثقافة السلم. وأشار السيد سيربوس نورييني في تدخل له بمناسبة أشغال الملقى الدولي حول ضحايا الإرهاب والمصالحة الوطنية، إلى أن موضوع المصالحة الوطنية »يُعتبر دعوة إلى تجاوز الأحقاد والضغائن، ويدفع المجتمع إلى التصالح«. وذكر المتدخل بأن منظمة اليونسكو كانت قد بادرت سنة 1989 ببرنامج بعنوان »مساهمة اليونسكو في السلم وحقوق الإنسان«، ولمحاربة كل أشكال التمييز؛ بغية إحلال السلم بالنسبة للجميع. وأبرز أن تنظيم هذا الملتقى من طرف المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب يعبّر عن الدور الحيوي للمجتمع المدني في رفع التحديات. من جهته، أكد رئيس لجنة أوروبا - إفريقيا السيد جونسون كينيث الذي تحدّث باسم الاتحاد الإفريقي، أن إفريقيا تتجند وتطالب بحقها في التكفل بمصيرها. وفي هذا الإطار قال إن الاتحاد الإفريقي يشجع كل الجهود الرامية إلى محاربة الإرهاب، مشيدا في هذا الصدد بمبادرة المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب من خلال تنظيمها للملتقى، مضيفا أن العولمة لا ينبغي أن تقتصر على الاقتصاد والمال، بل يجب أن تتعداهما إلى الجانب الإنساني والأخلاقي، داعيا إلى تعزيز ثقافة السلم عبر العالم عامة، وفي إفريقيا بصفة خاصة. وبدوره، المدير السابق للصندوق الدولي من أجل ترقية الثقافة السيد بيست كيفلي سيلاسي الذي تحدّث كممثل للسيد فيديريكو مايور ساراغوزا رئيس المؤسسة من أجل ثقافة السلم، أشار إلى أن ضحايا الإرهاب هم الذين عليهم رفع أصواتهم عاليا لإدانة الإرهاب وفضاعته. كما أنه من خلال هؤلاء الضحايا - يضيف المتدخل - »تُفتح أبواب السلم والمصالحة دون نسيان معاناة الماضي«.