يفتتح في العاصمة الروسية موسكو يوم الأربعاء المقبل مسجد موسكو الكبير الذي اكتمل بناؤه بعد طول انتظار، وذلك بالتزامن مع عيد الأضحى المبارك. وأعلنت الإدارة الدينية لمسلمي روسيا أنها تنوي افتتاح المسجد الذي أعيد بناؤه وتوسعته ليصبح الأكبر في أوروبا. وقالت إنها وجهت دعوات لقادة دول من العالمين العربي والإسلامي لحضور مراسم الافتتاح التي من المقرر أن تحضرها أيضا وفود من منظمات وهيئات من دول أخرى. وسيقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقص شريط الافتتاح. ومسجد موسكو الكبير من المساجد العريقة في روسيا، فقد بُني عام 1904على نفقة تاجر تتري يدعى صالح أورزين، على مساحة ثلاثة آلاف متر مربع، وهو المسجد الوحيد الذي ظلت تقام فيه الصلوات في موسكو في العهد السوفياتي. لكن في الأعوام الأخيرة بدأت جدرانه تتصدع، وأظهرت التقارير الهندسية أن حالته الفنية أصبحت سيئة، وتسببت الأمطار الغزيرة في انهيار الجدار الغربي منه. معلم بارز ويشغل المسجد الجامع في حلته الجديدة مساحة 19 ألف متر مربع، ويتألف من ست طبقات، ويمكنه استيعاب 12 ألف مصلٍّ، وتعلوه مئذنتان ارتفاع كلٍّ منهما 75 مترا. أما جدران المسجد فبنيت بالحجارة البيضاء والخضراء، وشارك فنانون معروفون من فلسطين وتركيا في تصميم وتنفيذ زخارفه الداخلية. وفضلا عن قاعات الصلاة الخاصة بالرجال وتلك المخصصة للنساء، يضم المسجد مركزا ثقافيا إسلاميا، وقاعات للمؤتمرات والمعارض. وقال روشان عباسوف، نائب رئيس مجلس الإفتاء الروسي إن لعيد الأضحى هذا العام وقعا خاصا بافتتاح المسجد الجديد، علما بأن هذا المسجد له تاريخ حافل، فقد كان الوحيد في موسكو في العهد الشيوعي، وقد زاره رؤساء راحلون مثل المصري جمال عبد الناصر والإندونيسي سوكارنو. وبمرور الذكرى المئوية على إنشائه اتُخذ قرار بتوسيعه، وقد حصلنا على موافقة من الرئيس بوتين على ذلك، وبدأ العمل في المشروع فعليا عام 2006، وبجهود وتبرع مسلمين في مقدمتهم الملياردير سليمان كريموف -الذي تبرع بمئة مليون دولار- اكتمل بناء المسجد). وأضاف عباسوف (أرسلنا دعوات رسمية للعديد من رؤساء الدول العربية والإسلامية في إطار التوجه نحو توثيق الصلات بين دول العالم الإسلامي والعربي وروسيا الاتحادية بمختلف مكوناتها، وسوف يقوم الرئيس بوتين مع عدد من الرؤساء والشخصيات الإسلامية والعربية بالمشاركة في الافتتاح). وأوضح عباسوف أن المسجد سيكون (الأكبر والأجمل، وقد صمم ليجمع بين الطراز المعماري السائد في مدينة موسكو وبين الطراز التتري الباشكيري. ونأمل في أن يصبح المسجد الجديد من المعالم البارزة في المدينة، وأن لا يقتصر زواره على المسلمين، وإنما من أتباع الديانات الأخرى). تعدد واعتبر الدبلوماسي الروسي السابق سيمون باغداساروف الافتتاح الاحتفالي للمسجد (حدثا بارزا لروسيا، ومشاركة الرئيس الروسي والقادة العرب والمسلمين تجعل منه ملتقى سياسيا روسيا إسلاميا مهما، وهذه المناسبة تحمل دلالات عديدة منها أن روسيا بلد متعدد الثقافات والأديان، وتعتبر أن هذا التنوع هو عامل إثراء للأمة الروسية). وأضاف أن المكون الإسلامي (مكون مهم وأساسي في المجتمع الروسي، ويساهم في التقريب وتعزيز التعاون بين روسيا والعالم الإسلامي، فروسيا كانت دوما حريصة على الاحتفاظ بعلاقات قوية مع العالم العربي، كما أنها انضمت لمنظمة التعاون الإسلامي كعضو مراقب عام 2005، لكن التغييرات التي تشهدها المنطقة والعالم أوصلت العلاقات إلى حالة من الجمود. لكن مشاركة زعماء عرب ومسلمين ربما تكون فرصة مناسبة لإجراء لقاءات وحوارات بناءة). يذكر أن الأعوام الماضية شهدت طفرة في بناء المساجد في روسيا، بإعادة بناء نحو ثمانية آلاف مسجد كانت قد أغلقت في العهد السوفياتي. وبالرغم من ذلك تبقى موسكو هي المدينة الأكثر معاناة من حيث قلة أعداد المساجد.