ارتفع علم فلسطين أمس الأربعاء فوق مقر الأممالمتحدة في نيويورك وفوق مكاتبها في كل أنحاء المعمورة في الذكرى السبعين لتأسيسها وأخيراً رفرف علم فلسطين عالياً... وإن كان التوقيت محزناً. ففي وقت اعتبرت رام الله الحدث (إنجازاً عظيماً) إلا أنه أتى في وقت لا يزال المرابطون داخل (الأقصى) يختنقون بفعل الغاز المسيل للدموع ويتلقون بصدورهم العارية زخات الرصاص التي تنهال عليهم من (حراس الهيكل) المزعوم. أما في غزة فآخر الغارات توقفت قبل ساعات عدّة. ق. د/ وكالات اقتحامات للأقصى وغارات على غزة هذه حصيلة يوم العلم الفلسطيني. وهكذا رد الاحتلال على هذا الإجراء الذي انتظره الفلسطينيون طويلا فلم يظهر لهذا الحدث التاريخي أي تأثير بالنظر إلى الأخطار الكبيرة المحدقة بالفلسطينيين والى التصعيد الكبير للهجمات الصهيونية على المقدسات. كيف يوصّف الفلسطينيون مشهد اليوم؟ يشير الصحافي الفلسطيني نجيب شراونة (الخليل الضفة الغربية) إلى أن رفع العلم يعدُّ إنجازاً فلسطينياً على الصعد كافة وأن الثلاثين من سبتمبر يوم تاريخي بامتياز رفرف فيه العلم الفلسطيني إلى جانب أعلام دول العالم في خطوة إلى التحرر الوطني من ويلات الاحتلال. أما الناشطة السياسية دعاء حوش (كفرمندا أراضي ال48) فقد اعتبرت أن رفع العلم الفلسطينيّ على مبنى الأمم المتحدّة قضيّة شكلية نسبةً للنضال الفلسطينيّ التاريخيّ الذي اتسم لفترات عديدة بالمقاومة والكفاح الحقيقيين أمام محتل مباشر. بيد أن رمزية الحدث تضفي حضوراً قوياً لهذه القضيّة العنيدة أمام العالم كله بل وتغيظ هذا المحتل المتغطرس وتحرجه. لكن الأهم من ذلك هو أن يهتم من يقود هذا النوع من النضالات بأن لا يفصله عن المعنى الحقيقي وراءه أي أن لا يكتفي به وحده فيفقد أهميته. وللاشارة فلقد شارك عدد من قادة دول العالم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رفع العلم على سارية في باحة مبنى الأممالمتحدة في نيويورك و ذلك بعد أن صوتت أغلب الدول الأعضاء لصالح هذا القرار في وقت سابق. وقال الرئيس الفلسطيني في مقال نشر على موقع المدونات والأخبار الأميركي هافنغتون بوست تم رفع العلم الفلسطيني للمرة الأولى في مقر الأممالمتحدة في نيويورك وفي مكاتب الأممالمتحدة الأخرى في جميع أنحاء العالم . وأضاف لقد كان الشعور بالفخر غامرا لدى الشعب الفلسطيني يوم صوت العالم لصالح هذه المبادرة التاريخية. وأنا على يقين أنه في اليوم الذي يرتفع فيه علمنا بين أعلام مجتمع الأمم سيكون أيضا يوم فخر واعتزاز .. وتابع لقد أكد تصويت الجمعية العامة مرة أخرى أننا شعب فلسطين لسنا وحدنا في سعينا من أجل الحرية وإعمال حقوقنا ووضع حد لعقود من الاحتلال الإسرائيلي واضطهاده . الفلسطينيون دفعوا من حياتهم مقابل رفع العلم يقول الإعلامي إياد حمد الذي عاصر سنوات طويلة من الاحتلال خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى و الثانية و ما قبلها أشعر بسعادة وفخر عندما أرى العلم الفلسطيني يرفع عاليا في الأممالمتحدة.. وأتذكر عشرات الشبان الذي دفعوا حياتهم ثمنا لرفع هذا العلم أتذكر من دفع من سنوات عمره داخل السجون الإسرائيلية بسبب هذا العلم مرت سنوات طويلة ناضل الشعب الفلسطيني من أجل رفع هذا الرمز الفلسطيني عاليا.. كنا تستغل كل فرصة لنعلق هذا العلم على أعمدة الكهرباء وعلى الشجر وفي أي مكان مرتفع وكان الاحتلال يلاحق الفلسطينيين لمجرد اقتناء علم . اما الإعلامي محمد اللحام فيقول كلما رأيت علم فلسطين عدت بذاكرتي إلى سنوات الانتفاضة الاولى كنا شبابا نفعل المستحيل لحياكة علم فلسطين ورفعه عاليا أذكر أنني اضطررت مرة لتمزيق بنطال رياضي لي حتى أتمكن من توفير قطعة قماش خضراء لإكمال صناعة العلم الفلسطيني ومن ثم رفعه فوق المدرسة . علم فلسطين من الممنوعات ولسنوات طويلة كان فيها علم فلسطين من الممنوعات وفق القوانين الإسرائيلية وخصوصا قبل اتفاقية أوسلو خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى وما قبلها ويقول الإعلامي أكرم النجار كنت اخفي العلم الفلسطيني في سور حجري خلف المنزل وأخرجه للاستعمال فقط في التظاهرات فقد كان العلم عملة نادرة في حينها لا يمكن توفيره بسهولة كما أنه كان مثل الممنوعات فإذا قبض على شاب ووجد بحوزته علم فإنه يضرب ضربا مبرحا من قبل قوات الاحتلال . الفلسطينيون على قناعة بأن رفع العلم الفلسطيني ما هو إلا انتصار رمزي واعتراف ضمني من العالم بوجودهم وخطوة صغيرة في طريق النضال من أجل تحقيق دولتهم المستقلة و الخلاص من الاحتلال. هذه ردود الاحتلال خلال رفع العلم تجمّع آلاف المستوطنين صباح امس الأربعاء قرب باحات المسجد الأقصى المبارك في الوقت الذي اعتقلت فيه قوات الاحتلال إحدى مرابطات المسجد ضمن 18 فلسطينياً من القدس عقب دهم منازلهم وتفتيشها فجر امس. وذكر المركز الإعلامي المتخصص بشؤون القدس والمسجد الأقصى المبارك كيوبرس في بيان له أن قوات الاحتلال ما زالت ولليوم الثالث على التوالي تمنع الرجال والنساء ممن هم دون ال 50 عاماً من الصلاة في _المسجد الأقصى بينما اقتحمت قوات الاحتلال الخاصة صحن _قبة الصخرة في الأقصى. وتجمع آلاف المستوطنين منذ صباح امس الأربعاء في ساحة البراق قرب المسجد الأقصى المبارك والتي سيطرت عليها قوات الاحتلال بعد العام 1967 وأطلقت عليها اسم حائط المبكى حيث يقود أولئك المستوطنين نحو 500 من الكهنة والأحبار اليهود لإقامة طقوس خاصة بهم عند بوابات الأقصى وفي ساحة البراق. ويقوم أولئك الكهنة الذين يطلق عليه كهنة الهيكل المزعوم بقيادة تلك الطقوس الدينية كل سبع سنوات ومن المتوقع أن يتواصل تجمع عشرات الآلاف من المستوطنين في تلك الساحة ليل الى غاية اليوم ضمن احتفالات اليهود بأعيادهم وحولت قوات الاحتلال البلدة القديمة من القدس ومحيطها إلى ثكنة عسكرية صباح امس الأربعاء استباقاً لتلك الاحتفالات. وفي سياق الاقتحامات اليومية التي ينفذها المستوطنون للمسجد الأقصى المبارك أفاد مكتب الأحوال التابع لإدارة الأوقاف الإسلامية بأن 80 مستوطناً متطرفاً اقتحموا باحات الأقصى منذ الصباح ويتوقع أن تقتحمه مجموعات أخرى. وفرضت قوات الاحتلال قيوداً مشددة على دخول المصلين خاصة النساء واعتدت على العديد منهن بالضرب قرب بابي السلسلة والمجلس في ما اعتقلت إحدى المرابطات من باحة الأقصى وتعرضت للاعتداء بالضرب والسحل من قبل مجندات وجنود الاحتلال حيث اقتيدت إلى أحد مراكز شرطة الاحتلال. كما تعرض أحد الفتية للضرب والاعتقال قرب باب المجلس فيما تجمعت عشرات النسوة قرب باب القطانين أحد أبواب الأقصى وشرعن بالهتاف والتكبير تنديداً بإجراءات الاحتلال ومنعه لهن من دخول الأقصى. من جهة أخرى قال رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب إن عدد المعتقلين منذ بدء اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى خلال الأسابيع الثلاثة الماضية ارتفع إلى نحو 180 معتقلاً وهو عدد قياسي في فترة زمنية قصيرة . ولفت أبو عصب إلى أن حملة الاعتقالات المستمرة منذ أيام في البلدة القديمة من القدس وأحيائها طاولت حتى الآن أكثر من ثلاثين فتى وشاباً في وقت ضاعفت فيه قوات الاحتلال من إجراءاتها العقابية ضد المقدسيين خاصة من تتهمهم بالمرابطين والمرابطات في الأقصى حيث تتجه لتطبيق عقوبة الاعتقال الإداري بحقهم أي الاعتقال دون محاكمة. غارات على غزة شنت طائرات حربية ثلاث غارات جوية على الجزء الغربي من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة حيث استهدفت موقعين للمقاومة الفلسطينية ومركزا للشرطة البحرية بينما استهدفت غارة رابعة نقطة مدنية. وقالت مصادر إن الغارات لم تسفر عن وقوع إصابات بحسب المصادر الطبية الفلسطينية لكنها أحدثت أضرارا في المواقع العسكرية التي كانت خالية من المقاومين. وظلت الطائرات تحلق في أجواء القطاع مما يفتح الاحتمالات على شن مزيد من الغارات في وقت تسود فيه أجواء من التوتر في القطاع. ونقلت وكالة الأناضول عن شهود عيان أن الطيران الحربي ا قصف بصاروخين منطقتين خاليتين ملاصقتين لموقعي تدريب عسكري يتبعان لكتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أحدهما في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع والآخر غربي مدينة غزة. وبحسب المصادر فإن الغارات جاءت ردا على إطلاق صاروخ على الأقل من قطاع غزة باتجاه النقب وقالت إذاعة الجيش إن القبة الحديدية أسقطت مساء الثلاثاء صاروخا أطلق من غزة بينما لم تتبنَّ أي جهة فلسطينية إطلاقه. كما أعلن مصدر أمني في دولة الاحتلال أن صاروخا أطلق الثلاثاء من قطاع غزة تم اعتراضه من قبل نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ فوق مدينة أسدود حيث أطلقت صفارات الإنذار في المدينة.