فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    10 آلاف مشروع مصرح به بقيمة تقارب 4.340 مليار دج    توقيف 6 عناصر دعم للإرهابيين في عمليات متفرقة عبر الوطن    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    غزة: فشل مجلس الأمن الأممي في فرض وقف إطلاق النار ستكون له تداعيات وخيمة    التزام عميق للجزائر بالمواثيق الدولية للتكفّل بحقوق الطفل    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على لبنان إلى 3558 شهيدا و15123 مصابا    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء: السيدة روز-كواتر تلتزم بتجسيد مبادئ الديمقراطية والحكم الراشد    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الطريق السيار شرق-غرب: دفع رسم المرور غير مدرج في برنامج الحكومة    اكتشاف الجزائر العاصمة في فصل الشتاء, وجهة لا يمكن تفويتها    الطبعة الرابعة ل "جائزة الشيخ عبد الكريم دالي" من 25 إلى 29 نوفمبر بالجزائر العاصمة    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    إسرائيل تعتقل 270 طفلا فلسطينيا بسجونها..استشهاد 16 فلسطينيا بغارات إسرائيلية    صواريخ أميركية بعيدة المدى داخل روسيا.. إردوغان: التطورات قد تدفع بالمنطقة والعالم إلى شفا حرب كبرى    الأسبوع الاوروبي للهيدروجين ببروكسل: سوناطراك تبحث فرص الشراكة الجزائرية-الألمانية    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بغرداية : دور الجامعة في تطوير التنمية الإقتصادية    سبر آراء "وأج" : قائمة الرياضيين المقترحين لجائزة ابراهيم دحماني لطبعة 2024    استفادة نحو 20 إطارا من تكوين    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    عرقاب يستعرض المحاور الاستراتيجية للقطاع    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    خدمة الوطن.. وتجسيد برنامج الرئيس    أمن دائرة بابار توقيف 03 أشخاص تورطوا في سرقة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    هتافات باسم القذافي!    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    سيفي غريب يستلم مهامه كوزير للصناعة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معالم على طريق الهجرة
نشر في أخبار اليوم يوم 14 - 10 - 2015


من هنا بدأ تاريخنا..
معالم على طريق الهجرة
في عمر الزمن أيام حاسمة تمضي ولكنها تترك على صفحة الوجود أثرًا عميقًا كُتب لها أن تغيِّر من مجرى التاريخ وتصحح من أوضاع الحياة. ويوم الهجرة يومٌ ميمون أغر لا يُنسى مهما تعاقبت الأيام وتوالت السنون. وكيف يُنسى يوم فرّق بين الحق والباطل وصدع بين النور والظلام وفتح للدنيا عصرًا مجيدًا تزهو به وتاريخًا حافلاً بالبطولات الرائعة والمثل العليا؟!
وقد استحق هذا اليوم من تقدير المسلمين له ما جعلهم يعتبرونه بداية تاريخهم في هذه الحياة فلم يؤرخوا بميلاد نبيهم ولا بمبعثه وإنما أرخوا بهجرته لما تحمل هجرته من معان وتحدد من معالم وتوضح من أهداف..
ليست الهجرة مجرد سفر من مكة إلى المدينة فكم في الدنيا من أسفار أطول مدى وأبعد شُقَّة!! وليست الهجرة مجرد تحول من مكان إلى مكان فما أكثر المهاجرين الذين تزدحم بهم طرق الأسفار من وطن إلى وطن ابتغاء ثروة أو طلبًا للراحة أو فرارًا من ضيق! إنما الهجرة إيمان وفداء وحب وإخاء.
إيمان يتمثل في هذه الساحة الحرجة التي أحس فيها الرسول الكريم وصاحبه أبو بكر بالمشركين يحيطون بالغار الذي يختبئان فيه إحاطة السوار بالمعصم يقول أبو بكر: نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدمه لرآنا! فماذا قال الرسول الكريم؟ قال والإيمان بالله يملأ نفسه والثقة بنصر الله تغمر جوانحه: (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما). والقرآن الكريم يصور هذا الإيمان المضيء في حلكة هذه اللحظة العصيبة فيقول تعالى: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُود لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].
والهجرة فداء كريم يبدو واضحًا في مبيت علي -رضي الله عنه- ليلة الهجرة في فراش الرسول وهو يعلم أن حول الدار جموعًا متكاثرة قد بيتت الشر ودبرت الغدر توشك أن تقتحم الدار فتقتل النائم! بات عليٌّ على فراش الرسول قرير العين وهو يعلم أن بالباب سيوفًا تهتز في سواعد أصحابها تريد أن تخالط بدن النائم فتمزق لحمه وعظمه!
في الهجرة تتجلى عاطفة الحب الكريم لقائد الدعوة صلى الله عليه وسلم وافتداؤه بالنفس وذلك أن أبا بكر حين انطلق مع الرسول إلى الغار جعل تارة يمشي بين يديه وتارة يمشي خلفه فقال له الرسول: (ما لك يا أبا بكر؟) فقال: يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك وأذكر الرصد فأمشي أمامك. فلما انتهيا إلى الغار قال: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ الغار -أي أتأكد من خلوِّه من كل ما يؤذيك- فاستبرأه ثم قال: انزل يا رسول الله. فنزل صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يقول له: (إنْ أُقتل فأنا رجل واحد من المسلمين وإن قتلتَ أنت هلكت هذه الأمة).
في الهجرة يتجلى الإخاء الجميل والحب في الله بين المهاجرين والأنصار فقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم فوجد المهاجرون من الأنصار قومًا كرماء أفسحوا لهم صدورهم قبل أن يفسحوا لهم دورهم. وإن الحب في الله هو الذي جعل هؤلاء الأنصار (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر: 9).
تلك مبادئ خالدة ومُثُل عليا تنبثق عن الهجرة وإنها مشاعل على الطريق تحدد للمسلمين هدفهم ليمضوا إلى غايتهم في صدق وجد ّ. وجديرٌ بنا ونحن نقف على مفترق طريق زمني نودع عامًا ونستقبل عامًا أن نحاسب أنفسنا حسابًا دقيقًا صريحًا وأن نطرح عليها هذا السؤال: ماذا قدمنا لديننا؟ وهل حركنا خُطَانا على طريق العمل الجاد لإفساح المجال أمام هذا الدين ليأخذ طريقه إلى تجديد ما بلي من أمر المسلمين وإلى قيادة البشرية وإنقاذها مما تردت فيه؟!
نخشى أن يكون سعينا مجرد خطب تلقى وكلمات تكتب وتصريحات تطلق ومؤتمرات تعقد هنا وهناك. ثم يتحول كل هذا إلى فقاقيع مليئة بالهواء لا تلبث أن تنفثَ ما بها ثم تعود كأن لم تكن!!
هل آن للمسلمين أن تتحول الهجرة في حياتهم إلى عمل نافع وسلوك راشد؟ فيهاجروا من دنيا التخلف والتفرق والضعف إلى حياة التقدم والوحدة والقوة؟ يومئذ تعلو رايتهم وتسمو مكانتهم. {وَيَوْمَئِذ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} (الروم: 4. 5).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.