قال عبيد الله بن المغيرة: سمعت عبد الله بن الحارث قال: (ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه الترمذي. المزاح والضحك في هدي وحياة النبي صلى الله عليه وسلم مقيد بضوابط لابد وأن تُراعى منها: ألا يقع في الكذب ليضحك الناس ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم ويل له ويل له ويل له) رواه الترمذي. وقد كان صلى الله عليه وسلم يمزح ويضحك ولا يقول إلا حقا وصدقا ومن ثم فينبغي ألا يشتمل المزاح والضحك على تحقير لإنسان آخر أو استهزاءً به وسخرية منه قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات:11) وقال صلى الله عليه وسلم : (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) رواه مسلم. ومن ضوابط المزاح والضحك في هدي النبي صلى الله عليه وسلم : ألا يترتب عليه تفزيع وترويع لمسلم قال صلى الله عليه وسلم : (لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا) رواه أبو داود. ويكون المزاح بقدر يسير معقول وفي حدود الاعتدال والتوازن الذي تقبله الفطرة السليمة ويرضاه العقل الرشيد ويتوافق مع المجتمع الإيجابي العامل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (يا أبا هريرة أقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب) (رواه ابن ماجه). المنهي عنه هو الإكثار من الضحك فالمبالغة في المزاح والضحك يُخشي من ورائه الإلهاء عن الأعباء أو تجرؤ السفهاء أو إغضاب الأصدقاء أو الوقوع فيما حرم الله. المواقف التي مزح وضحك فيها النبي صلى الله عليه وسلم فهي كثيرة ومتنوعة فتجده صلى الله عليه وسلم يضحك فرحًا بكرامة وفتح لأمته أو تفاعلًا مع أصحابه أو مداعبة لزوجاته أو لإدخال السرور على الأطفال. عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه إذ وضع رأسه فنام فضحك في منامه فلما استيقظ قالت له امرأة من نسائه: لقد ضحكت في منامك فما أضحكك؟ قال: أعجب من ناس من أمتي يركبون هذا البحر هول العدو يجاهدون في سبيل الله فذكر لهم خيرًا كثيرًا) رواه أحمد وفي رواية: (يركبون هذا البحر كالملوك على الأسِرَّة).