ليس مَن قال أنّه رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في منامه يكون قد رآه حقًا وإنّما مَن رآه بأوصافه وصورته الثابتة بالنقل الصحيح وهو الّذي يكون قد رآه حقًا، مصداقًا لما جاء في الحديث الصحيح: ''مَن رآني في المنام فقد رآني حقًا، فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي'' رواه البخاري ومسلم، ولما جاء في الحديث المتفق عليه: ''مَن رآني فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتزين بي'' أخرجه البخاري ومسلم. فمَن رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بغير أوصافه كأن رآه طويلاً جدًا أو قصيرًا أو شديد السمرة أو رأى لحيته بيضاء كلّها بالشيب، فإنّه لم ير النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حقًا. ''فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن النّاس وجهًا وأحسنهم خُلقًا، ليس بالطويل البائن ولا القصير'' أخرجه البخاري ومسلم. ''وكان صلّى الله عليه وسلّم أبيض مليح الوجه'' رواه مسلم، ''وكان وجهه مثل الشّمس والقمر وكان مستديرًا'' رواه مسلم. ''وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مربوعًا -أي ليس بالطويل ولا القصير-، عريض ما بين المنكبين، كثّ اللّحية، تعلوه حمرة، جمّته إلى شحمة أذنيه، أي شعره يصل إلى شحمة أذنيه'' رواه البخاري. ''وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يضحك إلاّ تبسّمًا، وكنت إذا نظرتُ إليه قلت أكحل العينين وليس بأكحل'' أخرجه أحمد والترمذي وهو صحيح. وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: ''ما رأيتُ رسول الله مستجمعًا قط ضاحكًا حتّى أرى منه لهواته، إنّما كان ضحكه التبسّم'' رواه البخاري. هذه بعض أوصافه صلّى الله عليه وسلّم الثابتة في الأحاديث الصحيحة، فمَن رأى في منامه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهذه الأوصاف لا بغيرها فقد رآه حقًا، وهي بُشرى طيّبة للعبد المؤمن الصالح الّذي يطيع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويتّبعه ويشتاق إلى لقائه. أمّا مسألة التشريع الجديد في الرؤى والأحلام فهذا مخالف لنص الكتاب الّذي جاء فيه: ''اليومَ أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكمُ الإسلام دينًا'' المائدة.3 وقد ذكر العلماء أنّ الرؤيا لا يؤخذ منها الأحكام، والله أعلم.