نحو ارتفاع أسعار سلع وخدمات *** بثّ وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة الرعب في نفوس كثير من المواطنين بتصريحاته أمس الأربعاء حيث قال إن الحكومة تعتزم خلال السنوات القادمة مراجعة سياسة دعم الأسعار بشكل يستهدف الطبقات الاجتماعية التي هي في حاجة إلى هذا الدعم فعلا وهو ما يجعل المتتبّعين يتوقّعون ارتفاعا محسوسا في أسعار العديد من السلع والخدمات. جدّد السيّد بن خالفة -خلال ردّه على تساؤلات نواب المجلس الشعبي الوطني بمناسبة مناقشتهم لمشروع قانون المالية 2016م- التأكيد على إبقاء الحكومة على سياستها الاجتماعية مبرزا في الوقت ذاته ضرورة مراجعة هذه السياسة تدريجيا. وردّ الوزير بخصوص تساؤلات البرلمانيين التي تضمّنها النصّ لمشروع قانون المالية والمتعلّقة بالزيادات في أسعار الكهرباء والوقود قائلا: (لقد شرعنا حقّا في التفكير على مستوى الحكومة في التوجّه على مدى سنة أو سنتين أو ثلاث نحو استهداف الدعم). ويقترح مشروع قانون المالية 2016 تعديل نسبة الرسم على القيمة المضافة على بيع الديازال وعلى استهلاك الغاز الطبيعي الذي يتجاوز 2.500 وحدة حرارية في الثلاثي واستهلاك الكهرباء الذي يتجاوز 250 كيلوات-للساعة/ثلاثي حيث تنتقل من 7 بالمائة إلى 17 بالمائة وأضاف: (يوجد حاليا على مستوى مختلف الوازارات قائمة الأشخاص المعوزين سنمرّ من نظام دعم عام إلى نظام دعم مستهدف لكن سنقوم بهذا مرحلة بمرحلة) وقال في هذا الخصوص إنه لا يوجد من بين الدول الأخرى المصدّرة للنفط بلد لازال يخصّص 19 مليار دولار للتحويلات الاجتماعية في ظلّ تراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها. كما أكّد الوزير أن التدابير الجديدة لمشروع القانون المتعلّقة برفع أسعار المنتجات الطاقوية تمّت دراستها بشكل جيّد وأنها لن تمسّ الطبقات الأكثر حرمانا وتابع في هذا السياق أن (هذه التدابير مستهدفة أيضا) مشيرا إلى أنه بالنّسبة للمازوت فإن الفلاّحين سيستفيدون من تعويض عن هذه الزيادات وأنه بالنّسبة للكهرباء فإن 9 ملايين عائلة جزائرية لن تمسّها الزيادات بصفة مباشرة. وشدّد الوزير على أنه (في حال الشروع في استهداف الدعم فإن العملية ستنطلق بصفة تدريجية حتى توجّه المساعدات إلى من هم بحاجة اليها فعلا) وقال إن هذه الزيادات تهدف كذلك إلى تقليص الفارق الهام بين سعر الكلفة وسعر البيع. وبالرجوع إلى تقرير المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي خلال السداسي الأوّل من سنة 2015 الذي عرض يوم الاثنين الفارط أكّد السيّد بن خالفة أن استراتجية الحكومة التي تتضمّن مراجعة سياسة الدعم (حتمية) في ظلّ تهاوي عائدات تصدير المحروقات. وقال وزير المالية إن (الوضعية الحالية تستدعي إدراج تغييرات. أكيد أننا لن نتعد الخطوط الحمراء لكن يجب علينا تغيير آليات التسيير من أجل اعطاء نفس جديد للاقتصاد الوطني). ظرف اقتصادي وطني ودولي خاص أجمع رؤساء الكتل البرلمانية بالمجلس الشعبي الوطني أمس الأربعاء على أن مشروع قانون المالية 2016 يأتي في ظرف وطني ودولي خاص لا سيّما على الصعيد الاقتصادي داعين إلى (تكثيف الجهود) على المستوى الداخلي للتخفيف من أثار التحولات الدولية الجارية. وأوضح رؤساء الكتل الستة بالمجلس خلال جلسة ترأسها محمد العربي ولد خليفة رئيس الغرفة السفلى بحضور عدة أعضاء من الحكومة أن مناقشة مشروع القانون تأتي في ظروف اقتصادية (صعبة) تتميز بانخفاض حاد في أسعار البترول وكذا تباطؤ اقتصادي عالمي أدى بتراجع نسبة النمو العالمية ما اثر كذلك على الاقتصاد الوطني. في هذا الصدد أشار رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني محمد جميعي إلى أن الظروف الاقتصادية الدولية والوطنية (الاستثنائية) تستدعي تكاتف الجميع بالنظر للتراجع الحاد لأسعار النفط الذي اثر على إيرادات الجزائر. في المقابل قال السيّد جمعي أن حزبه سجل (بارتياح واقتناع) منهج الواقعية والعقلانية الذي اعتمدته الحكومة في التعاطي مع المؤشرات الاقتصادية (غير المريحة) مثمّنا (حذرها الشديد) وعدم لجوئها إلى (إجراءات تقشفية صارمة) قد ترهق كاهل المواطن. وللخروج من هذه (الوضعية الصعبة) اقترح جميعي تسريع وتيرة إصلاح المؤسسات المالية والمصرفية الوطنية والاعتناء بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومواصلة دعم القطاع الفلاحي والاهتمام بتكنولوجيات الإعلام والاتّصال داعيا في نفس الوقت إلى وضع إستراتيجية وطنية لبعث قطاع السياحة وتوسيع قطاع النقل. من جهته أكّد رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي محمد قيجي أن مشروع قانون المالية 2016 (يرمي إلى مواصلة مسعى التنمية الوطنية ودعم التطور الاجتماعي) رغم (المعضلات التي يشهدها الاقتصاد العالمي) ما يتوجب (توخي الحذر واتخاذ تدابير خاصة) من أجل الحفاظ على التوازنات المالية وتمويل التجارة الخارجية ومواصلة تنفيذ برامج التنمية. أما بالنسبة لتكتل الجزائر الخضراء فقد انتقد رئيس هذه المجموعة البرلمانية عبد الرحمن بن فرحات مضمون بعض تدابير نص المشروع التي تعتبر -حسبه- (تحايلا على القاعدة 49/51) المتعلقة بالاستثمارات الخارجية. كما انتقد السيّد بن فرحات الزيادات المرتقبة في أسعار الكهرباء والغاز والبنزين مشددا على أنها تمسّ بسياسة الدعم الاجتماعي. من جهته انتقد رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية شافع بوعيش مشروع القانون خاصة في الشق المتعلق بالتسهيلات والامتيازات الممنوحة لصالح بعض المتعاملين الخواص -حسبه- وكذا (السماح للخواص عن طريق بعض المواد للاستيلاء على المؤسسات عن طريق الخوصصة بعد أن صرفت الدولة عدة ملايير لدعمها ومرافقتها) يضيف النائب.