التحالف الإسلامي ضد الإرهاب *** القرار مرتبط ب (عقيدة) الجيش الوطني *** فاجأ عدم انضمام الجزائر إلى ما سمّي بالتحالف الإسلامي ضد الإرهاب بعض المتتبّعين لكنه لم يفاجئ الجزائريين المدركين لحقيقة عقيدة الجيش الوطني الشعبي الذي (يحظر) على نفسه القيام بمهام قتالية خارج حدود الوطن مثلما تنأى الجزائر بنفسها عن التدخّل في شؤون الغير رغم حرصها الشديد على مكافحة الإرهاب وتسوية الأزمات المختلفة. أعدّ موقع (CNN) بالعربية تقريرا تحت عنوان (لماذا خرجت الجزائر من قائمة التحالف الإسلامي ضد الإرهاب؟) استعرض فيه (سرّ) غياب الجزائر عن التحالف الإسلامي ضد الإرهاب وهو غياب لافت للنّظر بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء الماضي على لسان وزير خارجيتها من باريس تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب ستحتضن الرياض مقرّ قيادته. ويتألّف هذا التحالف من 34 دولة عربية وإسلامية واستثنيت منه دول أخرى لها ثقل وإلمام بملف الإرهاب على غرار الجزائر. وأورد التقرير أنه ككل مرّة ترفض الجزائر أن تشارك بجيشها في تحالفات عربية أو إقليمية أو دولية اِلتزاما بدستورها الذي ينصّ على عدم انخراط الجيش الجزائري في أيّ مهام قتالية خارج الحدود ممّا شكّل عقيدة راسخة في السياسة الخارجية مفادها عدم السماح بخروج قوّات مقاتلة جزائرية خارج الوطن إلاّ أن هذه العقيدة لم يتمّ الثبات عليها سنتي 67 و73 خلال الحروب العربية-الإسرائيلية. ووفقا للعقيدة نفسها التي تُبنى عليها السياسة الخارجية للبلد فقد سبق للجزائر وأن امتنعت عن المشاركة في القوّة العربية المشتركة التي شكّلتها الجامعة العربية والتي تهدف إلى مواجهة تهديدات التنظيمات الإرهابية والمساس بأمن وسلامة واستقرار أيّ من الدول المشاركة في القوّة العربية وتشكّل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي. كذلك هو الشأن بالنّسبة لعاصفة الحزم التي شاركت فيها بعض الدول العربية تحت قيادة السعودية في حربها على (الحوثيين) في اليمن حيث عبّرت الجزائر وقت ذاك عن رفض المشاركة فيها امتثالا لمبدأ (الجزائر لديها موقف سياسى يقضي بعدم مشاركة جيشها في حرب خارج أراضيها) حسب ما ورد على لسان وزير الخارجية رمطان لعمامرة في تصريحات صحفية سابقة. وفي إطار محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه في دول الساحل الإفريقي أسّست الجزائر لجنة الأركان العملياتية المشتركة العام 2010 ومركزها مدينة تمنراست جنوبالجزائر والتي تهدف إلى التنسيق الأمني والمعلوماتي لجيوش الدول الأربعة (الجزائرماليموريتانياالنيجر) دون تدخّل هذه الجيوش خارج أراضيها. ومعلوم أن الجيش الجزائري لم يشارك في قوّات حفظ السلام التابعة للأمم المتّحدة ومشاركة الجزائر مرّة واحدة كملاحظ في الكونغو الديمقراطية وهذا ما ينسحب أيضا على القوّات نفسها في إطار الاتحاد الإفريقي. وحول عدم انضمام الجزائر إلى التحالف الإسلامي ضد الإرهاب قال الضابط السابق العقيد محمد خلفاوي: (مبدئيا الدستور الجزائري لا يسمح للجيش بأن يتدخّل خارج تراب بلاده) وأضاف (أن الجزائر لا تساعد أيّ بلد من أجل احتلال بلد آخر). وتساءل خلفاوي: (هل التحالف الدولي الغربي بكل ترسانته العسكرية فشل حتى نذهب إلى تحالف أضعف منه على كل المستويات؟ وما هو المراد من هذا التحالف؟) وهو ما ذهب إليه المحلّل السياسي المصري الدكتور حسن نافعة حيث قال: (هو تحالف شكلي عبارة عن تحالف سياسي أكثر منه عسكري) وتابع قائلا: (هذا التحالف يحاول تجميع الدول السُنّية ضد الشيعة وهو تحالف خطر مبني على الطائفية ويعمّق الحرب الطائفية ولا يساعد على احتواء المشكلة). وبرأي رئيس ديوان الحكومة السابق الدكتور منصور قديدير فإن الجزائر لديها نهجا مختلفا لمكافحة الإرهاب خلافا للسعودية وعدد من الدول العربية الأعضاء في التحالف والتي تستبعد الحوار السياسي مع الجماعات الإسلامية فالجزائر -حسبه- تعمل بطريقتين (العمل السياسي مع الخصوم والوسائل العسكرية والأمنية لمكافحة العنف الإرهابي). ويؤكّد قديدير أن التحالف جزء من الصراع الجيوسياسي في المنطقة بين المملكة العربية السعودية وإيران فلهذا (الجزائر تفضّل البقاء خارج الصراع لأنها تخشى أن يجرّها التحالف إلى حرب طائفية في المنطقة). وحسب أبصير أحمد طالب الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية فإن التحالف جاء (في اطار استباقية للتطوّرات الحاصلة في الفضاء الأوروبي والذي بدوره قرّر تشكيل قوّة عسكرية حمائية لفضاء شنغن) خصوصا وأن إعلان التحالف كان من باريس وهذا ما يوحي -حسب المتحدث- بوجود (تقارب فرنسي-سعودي).