ابتعاد عن محور المقاومة وتقارب مع الكيان الصهيوني *** فتح وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور الباب على مصراعيه فيما يخص إمكانية تطبيع السودان مع الكيان الصهيوني ما يشكل تراجعاً واضحاً عن المبادئ التي تبنتها الحكومة السودانية في مواقفها المعادية للكيان الصهيوني الذي كان مجرد الكلام عنه بإيجابية يُعد جريمة حيث قال غندور في 14 جانفي الجاري: إن بلاده لا تمانع في دارسة إمكانية التطبيع مع إسرائيل وأن الصلات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ظلت متأرجحة على مر الحكومات. تصريحات وزير الخارجية السوداني تعد مؤشراً لتراجع الموقف الحكومي السوداني من الكيان الصهيوني إذا ما قُرِن بموقف عضو لجنة العلاقات الخارجية بالحوار الوطني محمد عبد الله 10 أكتوبر 2015 الذي رفض تضمين طلب رئيس حزب المستقلين بالتطبيع مع الكيان الصهيوني في توصيات مؤتمر الحوار الوطني الذي شهد خلافاً حول ضرورة إدراج عبارة (كل الدول عدا إسرائيل) على الجواز السوداني من عدمها. دعوات سودانية للتطبيع مع الكيان الصهيوني وبحسب ما سربه موقع (ويكيليكس) أنه في 29 جويلية 2008 جرى اجتماع بين مستشار الرئيس السوداني مصطفي عثمان إسماعيل والقائم بالأعمال الأمريكي حينها البرتو فيرنانديز قال فيه إسماعيل إن الخرطوم ترغب في إقامة علاقات مع إسرائيل وذكرت البرقية أن عثمان إسماعيل قال لمخاطبه الأمريكي إن أوجه التعاون التي تقترحها الحكومة على الولاياتالمتحدة تشمل بنداً لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وأضاف المستشار السوداني وبحسب الوثيقة أن الخرطوم كانت قد صاغت سياسة للتعامل مع الولاياتالمتحدة على المدى القريب والمتوسط والبعيد وأن أحد جوانب تلك الاستراتيجية علاقات مع إسرائيل غير أن فشل المفاوضات الثنائية قضى على احتمال المضي قدما في هذا التوجه. بخلاف ما سبق فإن التحركات الأخيرة ل(تراجي مصطفى) الحاصلة على الجنسية الكندية والتي أسقطت عنها الجنسية السودانية لدعوتها التطبيع مع الكيان الصهيوني تتجه بالخرطوم نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني حيث استقبلتها الحكومة السودانية خلال الفترة الماضية وبصفتها الاعتبارية كرئيسة جمعية الصداقة مع إسرائيل التي أنشأتها عام 2006 وكانت لقاءاتها على مستوى القمة حيث قابلت الرئيس السوداني عمر البشير فضلاً عن إشراكها في الحوار الوطني. تراجي والتي زارت إسرائيل بحسب صحيفة الرأي العام السودانية بتاريخ 25 أكتوبر 2011 تلبيةً لدعوة قدمتها لها جمعية الصداقة السودانية الإسرائيلية تسعى جمعيتها إلى التحريض على الفلسطينيين في وسط الجالية السودانية وتحسين صورة الصهاينة وتأتي تحركات تراجي في السودان دون أي إزعاج من الحكومة السودانية بمثابة ضوء أخضر من الحكومة لأفكار ومواقف تراجي. توتر العلاقات السودانية مع إيران العلاقات السودانية الإيرانية امتدت لسنوات خاصة في إيصال إيران المساعدات لقطاع غزة من خلال السودان ما دفع الكيان الصهيوني لتنفيذ مجموعة من الهجمات على السودان حيث استهدف فيها قوافل ومصانع للأسلحة في 23 أكتوبر 2012 وقع انفجار بمصنع اليرموك للذخائر جنوب العاصمة السودانية الخرطوم وبعد التفجير بيوم وصف المسؤول بوزارة الدفاع عاموس جلعاد السودان بأنه (دولة إرهابية خطيرة) دون أن يؤكد تورط إسرائيل بالقصف ورأى أن الرئيس السوداني عمر البشير (يعتبر مجرم حرب وأن السودان كان قاعدة لعمليات أسامة بن لادن وأن النظام تدعمه إيران ويستخدم كنقطة عبور لنقل أسلحة إلى الإرهابيين في حماس والجهاد الإسلامي عن طريق الأراضي المصرية) على حد قوله. كان القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية قد ثمن جهود السودان في دعم القضية الفلسطينية قائلا: إن السودان شريك في انتصار المقاومة بغزة على الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة. ومنذ أكثر من 20 عاماً على استلام عمر البشير الحكم في السودان توطدت العلاقات الاستراتيجية بين السودان وإيران فالسودان كان يسعى إلى للاستفادة من الخبرات الصناعية الإيرانية مدنياً وعسكرياً بدلاً من التقيد باستخدام السلاح الروسي والصيني فضلاً عن طموحه في الاستفادة من الدعم الإيراني في تخفيف وطأة الديون الخارجية التي تجاوزت 45 مليار دولار كما كانت طهران تنظر للسودان على أنها بوابتها للعلاقات العربية والإفريقية. نقطة التحول الأبرز والتي وصفها مراقبون بأنها جاءت على حين غفلة عندما طردت الحكومة السودانية الملحق الثقافي من أراضيها 2 ديسمبر 2014 كما تم غلق المراكز الثقافية الإيرانية وبررت السودان وقتها هذه الخطوة بأن هذه المراكز تنشر المذهب الشيعي بين مواطنيها وبذلك تجاوزت التصديق الممنوح لها وعندما سُئل البشير عن العلاقات الجيدة بين السودان وإيران قال: ليست لدينا أي علاقات استراتيجية مع طهران بل علاقات عادية للغاية كما كشف وزير الخارجية السوداني السابق علي كرتي في ماي2014 عن رفض الخرطوم لعرض إيراني بإنشاء منصة دفاع جوى على ساحل البحر الأحمر للحد من عمليات القصف الإسرائيلي للأراضي السودانية حتى لا ترى السعودية أنها موجهة ضدها. التقارب السوداني السعودي التباعد السوداني الإيراني رافقه تقارب سوداني سعودي وهو ما رآه مراقبون من أهم الأسباب لابتعاد الخرطوم عن طهران فالسعودية تعد إحدى أكبر الدول المستثمرة في السودان وتملك ورقة المال التي تستطيع من خلاله الضغط على الخرطوم خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها حكومة البشير والمحاصر دولياُ بمجموعة من العقوبات التي تقوض الاقتصاد السوداني وتقلل فرص الاستثمار الأوروبي والخليجي فيه. التقارب السوداني السعودي بدا جلياً في الأزمة الأخيرة بين الرياضوطهران وقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما على خلفية إعدام السعودية الشيخ نمر باقر النمر حيث طالبت المملكة السعودية وقتها الدول العربية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وكانت السودان من أوائل الدول العربية التي لبت هذه الدعوة وقطعت علاقاتها مع طهران حيث قالت وزارة الخارجية السودانية في بيان سابق لها إن الخرطوم قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران رداً على اقتحام محتجين للسفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد. التقارب السوداني من السعودية حليفة الولاياتالمتحدةالأمريكية في المنطقة وابتعادها عن إيران التي تعتبرها أمريكا محور الشر يشير إلى تغير السياسة السودانية المعادية للكيان الصهيوني والأمريكي إلى علاقات تتجه نحو التطبيع. العلاقات السودانية الأمريكية أغلق الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون سفارة واشنطن في الخرطوم عام 1996 وفرض حظراً تجاريا على السودان وفي 3 نوفمبر 1997أدرجت الولاياتالمتحدةالأمريكية السودان ضمن لائحة الدول السبع الراعية للإرهاب وفرضت عليها عقوبات اقتصادية متوالية أثرت على قطاعات حيوية سودانية في مقدمتها الطيران والسكك الحديدية والنقل بشكل عام وأن خسائر تلك المقاطعة تتجاوز ال 40 مليار و531 مليون دولار. جاء الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش فأصدر قراراً تنفيذياً آخر في 27 أفريل 2006م ليزيد استدامة وتعقيد وتشديد العقوبات على السودان وفي نهاية ماي 2007م وسّع الرئيس الأمريكي الحظر ليشمل شركات وأشخاص لم يكونوا مشمولين بالقرارات السابقة. في 2 نوفمبر 2011 جدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما العمل بقانون الطوارىء الوطني المفروض على السودان منذ 1997 وأشار أوباما في رسالته للكونجرس أن هذا التمديد يشمل توسعة نطاق القانون المعني ليشمل تجميد ممتلكات بعض المسؤولين السودانيين المتورطين في الصراع بدارفور موضحا أن الوضع في دارفور يشكل تهديداً غير عادي واستثنائي للأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية. في 2013 بدأ الحوار بين الدولتين يأخذ منحى جديداً بتجاوز مرحلة التفاوض عبر المبعوثين إلى التفاوض المباشر لترفيع العلاقات وفي جانفي 2016 قال وزير الخارجية السودانية إبراهيم الغندور بأن هناك انفراجة في العلاقات السودانية الأمريكية واستشهد في ذلك على عدة شواهد من بينها تولي السودان في الفترة الأخيرة لعدد من اللجان الدولية بدعم ومساندة أمريكية وفوزه برئاسة لجنة الغذاء العالمي في منظمة (فاو) وبمقعد في المكتب التنفيذي لليونسكو كما تم إخراج السودان من القائمة الرمادية ما يتيح انسياب التحويلات الخارجية وخروج الخرطوم من الفقرة الرابعة لحقوق الإنسان. موقف الكيان الصهيوني من التطبيع مع السودان أعلن الكيان الصهيوني في بيان صادر عن نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية تسيبي حوطوبيلي 15 جانفي رفضها التطبيع مع السودان باعتباره دولة عدوة لإسرائيل وهاجمت حديث وزير الخارجية السوداني غندور قائلة: إسرائيل تغلق أبوابها أمام أي محاولات من حكومة السودان. ع. خالد