تحت شعار "الخطوات الاخيرة نحو الحرية" ، عاشت جوبا عاصمة جنوب السودان أمس السبت اجواء من الفرح والمسيرات الداعية الى التصويت لصالح الانفصال في الاستفتاء المقرر اليوم الاحد، مع ظهور مخاوف غربية من تأثير ذلك الاستفتاء على القارة الإفريقية برمتها. وخرج الجنوبيون في مسيرات للاحتفال المسبق بانفصالهم عن شمال السودان، وتقدمت تلك المسيرات فرقة موسيقية ارتدى افرادها قمصانا كتب عليها "نحن مغادرون" اي عازمون على الانفصال عن السودان. وقبل بدء التصويت في استفتاء تقرير مصير الجنوب، انخرط قادة جنوب السودان في مهمة لاختيار اسم للدولة المتوقع اعلانها رسمياً في التاسع من جويلية المقبل. واكدت مصادر وثيقة الاطلاع انه بات من المرجح اختيار اسم "السودان الجديد" للدولة المقبلة باعتباره كان شعار الحركة الشعبية بقيادة مؤسسها الراحل جون قرنق، فيما يتداول القادة الجنوبيون أسماء أخرى، ك"جمهورية النيل" و"السودان الجنوبي"، و"جنوب السودان"، و"كوش"، وهو الاسم القديم والتاريخي للسودان، و"أماتونغ" وهو أعلى قمة جبلية في جنوب السودان، والذي اصطدمت به طائرة مؤسس مشروع السودان الجديد قرنق عام 2005 بعد توقيعه على اتفاق السلام الشامل. اكتمال الاستعدادات من جهتها، أنهت العاصمة السودانية "الخرطوم" كافة الاستعدادات لبدء عملية التصويت في الاستفتاء الذي يعقد اليوم الأحد، ويستمر التصويت لمدة أسبوع بسبب صعوبة المسالك في الولايات العشر التي يتألف منها الجنوب السوداني، والتي تفتقر إلى أدنى مقومات المواصلات. ويشارك في الاستفتاء أكثر من 400 مراقب دولي و2100 مراقب محلي لمنظمات المجتمع المدني الدولية والإقليمية والسودانية، بالإضافة إلى مشاركة 18 ألف مراقب سياسي من الأحزاب السودانية. وقال المتحدث باسم مفوضية الاستفتاء جورج ماكير ان الاستعدادات لإجراء الاستفتاء باتت مكتملة تماما. واضاف "وصلت البطاقات الى كل مراكز الاقتراع في الجنوب كما ان كل الترتيبات الادارية جاهزة استعدادا للاستفتاء". واوضح أن قوة الأممالمتحدة في السودان قدمت طائرات لنقل بطاقات الاقتراع إلى المناطق النائية. مخاوف الانقسام من جهتها، أشارت صحيفة "الغارديان" البريطانية الصادرة أمس السبت إلى "أن الاستفتاء حول مصير جنوب السودان ستكون له انعكاسات على إفريقيا برمتها؛ إذ لم تعد التقسيمات الحدودية التي وضعها الاستعمار مقدسة أو خطا احمر، بل يخشى البعض أن يصل الأمر إلى "بلقنة" القارة الإفريقية برمتها". واشارت الصحيفة الى ان "الاستفتاء سيكون له في الغالب، تأثير على اجزاء اخرى من افريقيا وخصوصا غربي القارة حيث تقسم الخطوط بين مسلمين ومسيحيين". واشارت الصحيفة البريطانية الى ان "نيجيريا، البلد الأكبر سكانياً في افريقيا، تراقب استفتاء السودان عن قرب، وهو البلد الذي يعاني بين فترة واخرى من صراعات وموجهات دموية بين مسلميه وفي الشمال ومسيحييه في الجنوب الغني بالنفط". ونسبت الصحيفة الى ناشط نيجيري قوله "ان ما يحدث في السودان يثير الكثير من المخاوف وعلى الاخص في نيجيريا، التي تعتبر من حيث الجوهر بلدا من اختراع الاستعمار، وقد يكون مصيره مثل مصير السودان اذا اندلعت فيه مطالب التقسيم". وتقول الصحيفة ان الازمة السياسية الاخيرة في ساحل العاج اثارت مخاوف جديدة من تجدد الحرب الاهلية بين مسلمي الشمال ومسيحيي الجنوب، وان التقسيم ربما يكون حلا مناسبا على المدى البعيد. الا ان التقسيمات في ساحل العاج اكثر تعقيدا من مجرد انقسام ديني، وهذا يسري على السودان ونيجيريا، حيث يوجد اكثر من 250 تجمعا عرقيا، وحيث تقوى الاختلافات القبلية والتراثية والثقافية وحتى اللغوية. وتشير الصحيفة ايضا الى الفروق الاقتصادية، حيث تنعدم المساواة بين الجماعات المختلفة، وكذلك التهميش السياسي والحرمان من الثروة، والخلاف بين المدينة والريف، والفوارق التي اورثها الاستعمار، وهي امور ستسهم في اذكاء التوترات. * اشارت صحيفة "الغارديان" البريطانية الصادرة أمس السبت الى "ان الاستفتاء حول مصير جنوب السودان ستكون له انعكاسات على افريقيا برمتها؛ اذ لم تعد التقسيمات الحدودية التي وضعها الاستعمار مقدسة او خطا احمر، بل يخشى البعض ان يصل الامر الى "بلقنة" القارة الافريقية برمتها".