محمية الشريعة بأعالي الأطلس البليدي تستغيث.. منشآت سياحية تهدد المناطق المحمية تكتسي المناطق الجبلية المرتفعة أهمية كبيرة من حيث التنمية المستدامة وتعتبر هذه المناطق الممون الرئيسي للمناطق الفلاحية والعمرانية بالمياه بالإضافة إلى هذا الدور الحيوي تمثل هذه المناطق مساكن نادرة للتنوع البيولوجي مما يمكنها من أخذ مكانة إستراتيجية من الناحية التنموية والعلمية بالفعل تعتبر مختلف الأصناف المتواجدة بها وسائل وموارد بيولوجية متجددة لابد من الحفاظ عليها قصد استغلالها بطريقة مستدامة وتوريثها للأجيال القادمة. ك. جيار بالتوازي مع ذلك تعتبر المناظر التي ترسمها هذه التكوينات البيولوجية مورد سياحي ذو أهمية لا تقل عن تلك المرتبطة بالأدوار السابقة الذكر (الموارد المائية والبيولوجية ) السؤال الذي يتبادر إلى الذهن كيف يمكن استغلال هذه المناطق وموردها بصفة مستدامة ؟ موارد طبيعية هامة الإجابة عن هذا السؤال تتطلب ترتيب الأولويات في هذا المجال لا يختلف اثنان على أن الموارد المائية والبيولوجية تصنف في أولى الأولويات بالنظر إلى الطبيعة المناخية للجزائر الذي يسودها المناخ الجاف وشبه الجاف وكذلك بالنظر إلى ظاهرة التغيرات المناخية وما أصبح يترتب عنها من جفاف من جهة وفيضانات من جهة آخرى من هذا المنطلق لابد من الحفاظ على الغطاء الغابي لهذه المناطق من كل التدخلات الإنسانية غير المحسوبة بل أكثر من ذلك إن تنمية وتكثيف هذا الغطاء يتطلب الاستعجال حتى يمكن من تثمين مياه التساقط (الأمطار والثلوج) واستغلالها في شكل مياه جوفية وسطحية بتوازي مع هذا الدور الخاص بالموارد المائية يعتبر الغطاء النباتي لهذه المناطق خزانا لمختلف الموارد البيولوجية المجددة لتنمية مختلف المجالات وخير مثال على ذلك هو العدد الهائل من الأصناف النباتية ذات الخصائص الطبية. مشاريع سياحية على حساب الطبيعة إن هذه الأدوار الحيوية لا تتناقض مع الاستغلال السياحي للمناظر التي تسخر بها هذه المناطق بشرط أن يخضع هذا الاستغلال إلى دراسات معمقة تراعي مختلف الأدوار وديمومتها. لابد أن تركز هذه الدراسات على بقاء الغطاء النباتي في منأى عن كل التدخلات التي قد تؤدي إلى تدهوره في المدى البعيد. إن منطقة الشريعة المتواجدة على أعالي الأطلس البليدي والغنية عن التعريف بثرواتها المائية البيولوجية والسياحية تطرح حاليا هذا النوع من الإشكال بكل رهاناته بعد برمجة إنجاز مشاريع سياحية ومركبات رياضية على قمم الشريعة وسط التكوينات الغابية ذات القيمة الإيكولوجية النادرة كغابة الأرز الأطلسي لا شك أن التنمية السياحية من القطاعات التي قد تساهم في النهوض بالتنمية لكن هذا النوع من السياحة وهي السياحة الجبلية أو الإيكولوجية تتطلب التأني والتريث قصد تفادي تأثيرها السلبي على الأصناف والتكوينات الطبيعية ودورها الإيكولوجي والعلمي إن الأهمية السياحية لمنطقة الشريعة منبثقة خاصة من المناظر الطبيعية المتميزة والنادرة التي ترسمها غابة الأرز الأطلسي المعروفة على المستوى الوطني والمتوسطي وحتى العلمي. الحفاظ على الغطاء النباتي مسؤولية الجميع وبالتالي إن التنمية السياحية لمنطقة الشريعة مرتبطة بالحفاظ على غطائها الغابي بصفة عامة وغابة الأرز الأطلسي بصفة خاصة إن الحفاظ على هذه الثروة يستدعي تفادي انتشار كل أنواع البنايات والمنشآت العمرانية في وسطها أو بالقرب منها قصد تركها في حالة طبيعية عذراء تمكنها من لعب الأدوار المختلفة المتعلقة بالموارد المائية البيولوجية والسياحية في نفس الوقت. إن تمركز المنشآت من فنادق ومنتجعات سياحية في مناطق السفلى يمكن من إرساء سياحة إيكولوجية في إطار التنمية المستدامة التي ترعي احتياجات الأجيال القادمة وفي الأخير لابد من التذكير بأن المنطقة المستهدفة بالمنشآت مصنفة ضمن المساحات المحمية للحظيرة الوطنية للشريعة وبالتالي إنجاز هذه المشاريع قد لا يتماشى مع الإطار القانوني لهذه المحمية ونود أن نذكر كذلك بأن مردودية هذه المشاريع تبقى غير مؤكدة بحيث تحتوي بلدية الشريعة منذ عقود على منشآت قديمة وليست مشغلة حاليا فلماذا ننجز مشاريع أخرى على حساب المناطق المحمية وقد يؤول مصيرها كسابقاتها في كل الأحوال إنجاز المنشآت السياحية وسط المناطق الطبيعية يعتبر تدميرا ذاتيا للسياحة بالإضافة إلى ما يخلفه من تهديد للموارد المائية والبيولوجية.