في (رمضان 658ه) خرج سلطان مصر سيف الدين قطز من مصر على رأس الجيوش المصرية ومن انضم إليه من الجنود الشاميين وغيرهم وأمر الأمير بيبرس البندقداري أن يتقدم بطليعة من الجنود ليكشف أخبار المغول فسار حتى لقي طلائع لهم في غزة فاشتبك معهم وألحق بهم هزيمة كان لها أثر في نفوس جنوده وأزالت الهيبة من نفوسهم. ثم تقدم السلطان قطز بجيوشه إلى غزة فأقام بها يومًا واحدًا ثم رحل عن طريق الساحل إلى عكا وكانت لا تزال تحت سيطرة الصليبيين فعرضوا عليه مساعدتهم لكنه رفض واكتفى منهم بالوقوف على الحياد وإلاَّ قاتلهم قبل أن يقابل المغول ثم وافى قطز الأمير بيبرس عند عين جالوت بين بيسان ونابلس. وكان الجيش المغولي يقوده كيتوبوقا (كتبغا) بعد أن غادر هولاكو الشام إلى بلاده للاشتراك في اختيار خاقان جديد للمغول وجمع القائد الجديد قواته التي كانت قد تفرقت ببلاد الشام في جيش موحَّد وعسكر بهم في عين جالوت. خطة قطز وثبات المسلمين: اقتضت خطة السلطان قطز أن يخفي قواته الرئيسية في التلال والأحراش القريبة من عين جالوت وألاَّ يظهر للعدو المتربص سوى المقدمة التي كان يقودها الأمير بيبرس. وما كاد يشرق صباح يوم الجمعة (15 من رمضان 658ه) حتى اشتبك الفريقان وانقضت قوات المغول كالموج الهائل على طلائع الجيوش المصرية حتى تحقِّق نصرًا خاطفًا. وتمكنت بالفعل من تشتيت ميسرة الجيش غير أن السلطان قطز ثبت كالجبال وصرخ بأعلى صوته: واإسلاماه! فعمت صرخته أرجاء المكان وتوافدت حوله قواته وانقضوا على الجيش المغولي الذي فوجئ بهذا الثبات والصبر في القتال وهو الذي اعتاد على النصر الخاطف فانهارت عزائمه وارتد مذعورًا لا يكاد يصدق ما يجري في ميدان القتال وفروا هاربين إلى التلال المجاورة بعد أن رأوا قائدهم كيتوبوقا يسقط صريعًا في أرض المعركة[1]. ولم يكتفِ المسلمون بهذا النصر بل تتبعوا الفلول الهاربة من جيش المغول التي تجمعت في بيسان القريبة من عين جالوت واشتبكوا معها في لقاء حاسم واشتدت وطأة القتال وتأرجح النصر وعاد السلطان قطز يصيح صيحة عظيمة سمعها معظم جيشه وهو يقول: واإسلاماه! ثلاث مرات ويضرع إلى الله قائلاً: يا الله!! انصر عبدك قطز. وما هي إلا ساعة حتى مالت كِفَّة النصر إلى المسلمين وانتهى الأمر بهزيمة مدوِّية للمغول لأول مرة منذ جنكيز خان.. ثم نزل السلطان عن جواده ومرغ وجهه على أرض المعركة وقبّلها وصلى ركعتين شكرًا لله.