الشيخ: قسول جلول الحراقة بالمصطلح الشعبي هم من يذهبون بطرق غير شرعية لبلدان أخرى ويتعرضون لمخاطر كبيرة تترك آثارها على الحراق وعلى أهله وأقاربه فكم من مرة سمعنا مهاجرين حراقة من شواطئنا من مختلف الجهات قد تعرضوا لخطر الغرق وبعضهم تعرض لعصابات تعمل في عرض البحر وخاصة في فصل الصيف وإن وصلوا للضفة الأخرى في انتظارهم السجون والمحتشدات ....!! هل يعلم هؤلاء حكم الله تبارك وتعالى في من يعرض نفسه للخطر ؟؟ الوسيلة والكيفية والطريق غير الآمن وهل يعلم حكم الله في البلد الذي يذهب إليه ؟ وما حكم محبته وموالاته ؟ بحجج مختلفة ! وما هو الدافع لذلك؟ فإن كان بدافع محبة هذا البلد الكافر المشرك والعيش فيه...فإن ذلك يعرض إيمانه وإسلامك للخطر ..!! وإن كان بدافع العمل فهل يجوز العمل والإقامة في بلد الكفار والمشركين ...؟ وحتى يعلم الحراق قول الله تبارك وتعالى: (وَلَا تُلْقُواِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرةالآية: 195 ما أعظمه من توجيه وما أكمله من هدي وما أجلَّها من قاعدة شريفة القدر عليَّة الشأن نافعة غاية النفع لو عُقلت على شواطئنا وعُمل بها (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وهو أصلٌ جامع وأساسٌ متين يقتضي من العبد أن يبتعد بنفسه عن كل أمر فيه هلاكه أو هلاك الآخرين في كل باب وفي كل مجال وفي كل وسيلة وفي جميع الأمور وخاصة فيما يعرف بالحراقة من أخطار البحر ليَسْلَم وليُسْلَم منه كما أن البلد الذي يريد الذهاب إليه بلد الكفار ويقتضي منا أن نبتعد عنهم وأن لا نحبهم ...!! . لأن محبة الكفار أمر محرم بالإجماع ولو كان محبة طبيعية ناهيك أن تكون دينية علماً بأن محبة الكافر لملته أو لصفة دينية فيه تُخالف الشرع ليست كفراً بإطلاق وإن كانت تلك المحبة محرمة بالإجماع. وذلك أن الحُبَّ القلبي الديني لغير المسلمين لأجل دينهم الباطل ليس شيئًا واحداً فمنه ما ينقض الإيمان ويَكْفُرُ صاحبُه ومنه ما يَنقصُ من الإيمان ولا يَنقضُهُ فيكون معصيةً تَنقصُ الإيمانَ ولا تنفيه. أمّا الحبّ القلبيُّ الذي يَنقضُ الإسلام وينفي أساسَ الإيمان فهو حُبُّ الكافر لكُفره وأمّا الحبُّ القلبي الذي لا يصل إلى حدّ النَقض لكنه يُنقصُ الإيمانَ ويدل على ضعف في معتقد المسلم فهو محبّة الشخص كافراً كان أو مسلماً لِفسْقِه أو لمعصية يقترفها فهذا إثمٌ ولاشك ولكنه لا يصل إلى درجة الكفر لكونه لا ينافي أصل الإيمان وهذا الحبّ قد يكون كبيرة من كبائر الذنوب وقد لا يكون كذلك بحسب حال المحبوب ومعصيته فمن أحبّ محبوباً لارتكابه الكبائر فهذا الحب كبيرة ومن أحبّه لصغيرة يرتكبها فلا يزيد إثمه على إثم من ارتكبها. وأنتم تعلمون أن ((الحراق)) المهاجر غير الشرعي قد يقع في هذه المحاذير كلا ....!!! وموالاتهم منهي عنها.... لأنها من نواقض الإسلام الخطيرة ومبطلاته الكبيرة موالاة الكفار من اليهود والنصارى فموالاة الكافرين محادَّة لرب العالمين وخروج عن شرعة سيد المرسلين وخذلان لإخوة العقيدة والدين. ما يُبتلى الإسلام في عصر من عصوره بأشد ولا أخطر من معاداة المسلم لأخيه المسلم وموالاة الكافر ومشايعته ومصانعته والتعاون والتنسيق معه بل والوقوف معه تأييدا لضرب الإسلام وإذلال أتباعه وانتهاك كرامتهم وغزو ديارهم كما هو مشاهد في بلدان كثيرة من بلدان المسلمين. لقد حذر الله ورسوله والسلف الصالح من موالاة الكافرين ومظاهرتهم وبين الشارع الحكيم أن في ذلك ردة وخروج عن الدين مهما كان الدافع لذلك وإليك طرفاً من ذلك: ففي القرآن الكريم نهى الله عباده المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء في آيات عدة كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا} (144) سورة النساء. وقال: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْء إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ} (28) سورة آل عمران. وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْض وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (51) سورة المائدة. فاتخاذهم أولياء هو اعتبارهم أصدقاء وأحباباً وأنصاراً وأعوانا. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبايع أصحابه على تحقيق هذا الأصل العظيم فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يبايع فقلت: يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك واشترط علي فأنت أعلم قال: (أبايعك على أن تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق المشركين). والموالاة تظهر بصور شتى ومن هذه الصور: التشبه بهم في الملبس والمظهر وغيرهما: فإن التشبه بهم في الملبس والمظهر وغيرهما يدل على محبة المتشبه به ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من تشبه بقوم فهو منهم). فيحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم ومن عاداتهم وعباداتهم وسمتهم وأخلاقهم والأكل والشرب وغير ذلك. ومنها: الإقامة في بلادهم وعدم الانتقال منها إلى بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين: إذ أن الهجرة بهذا المعنى ولهذا الغرض واجبة على المسلم لأن إقامته في بلاد الكفار تدل على موالاة الكافرين-ومن هنا حرم الله إقامة المسلم بين الكفار إذا كان يقدر على الهجرة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا*إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ َيسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً* فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} الآية -99 سورة النساء. فلم يعذر الله في الإقامة في بلاد الكفار إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة. وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام في بلادهم. ومن الصور: السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس: والسفر إلى بلاد الكفار محرم إلا عند الضرورة كالعلاج والتجارة والتعليم للتخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم فيجوز بقدر الحاجة وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين. ويشترط كذلك لجواز هذا السفر أن يكون مظهراً لدينه معتزاً بإسلامه مبتعداً عن مواطن الشر حذراً من دسائس الأعداء ومكائدهم وكثير منا يمدح الكفار ويجعلونهم مثالا أعلى ومدحهم وهم أفضل من المسلمين والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد. وهذا من نواقض الإسلام وأسباب الردة نعوذ بالله من ذلك. إن مكايد الكفار وما يكنونه نحو المسلمين ومايدبرونه ضدهم من مكر وخيانة وما يحبونه من مضرة المسلمين وإيصال الأذى إليهم بكل وسيلة وأنهم يستغلون ثقة المسلمين بهم فيخططون للإضرار بهم والنيل منهم. أيها الحراقة (اعلموا أن الله سبحانه وتعالى أوجب معاداة الكفار والمشركين وأكد إيجابه وحرم موالاتهم وشدد فيها حتى أنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده). إن مظاهرة الكفار على المسلمين خصلة من خصال المنافقين وشعبة من شعب النفاق كما جاء بيان ذلك في كثير من نصوص القرآن الكريم. قال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا*الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ ِللّهِ جَمِيعًا} الآية 138-سورة النساء. فاليتقوا الله أبناؤنا ولا يعرضون أنفسهم إلى التهلكة ولا يعرضون دينهم للخطر لأن به حياتهم ومماتهم.