تباشر الجزائر والاتحاد الأوربي، الأربعاء المقبل، مفاوضات جديدة على خلفية الخلافات التي نشأت بين الجهتين في خصوص اتفاق الشراكة القائم منذ قرابة ست سنوات. وسيقود المفوض الأوروبي المسؤول عن التوسع والسياسة الأوروبية للجوار ستيفان فول، محادثات مع مسؤولين جزائريين لتجاوز الخلافات وطرح فكرة الانضمام لسياسة الجوار الأوربية مجددا. عُلم أن المسؤول الأوربي يحمل دعوة جديدة لضم الجزائر لسياسة الجوار الأوربية، وأن الرغبة الأوربية تقابلها تحفظات جزائرية معروفة تتعلق ب »رفض الوصاية وطلب إصلاحيات داخلية«. ولا ترى الجزائر في سياسة الجوار »أولوية« سيما على أساس الشروط الأوربية على حسب قول المصدر. وتعتقد الحكومة الجزائرية أن أطروحات أوربا في سياق هذا المشروع »تتعدى المعقول«، سيما المطالبة بإصلاحات ذات صلة بحقوق الإنسان والديمقراطية، وبإعادة هيكلة بعض القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية. وأُعلن، أمس، عن زيارة المفوض الأوروبي المسؤول عن التوسع والسياسة الأوروبية إلى الجزائر يومي 19 و20 ماي الجاري. وقالت الخارجية أن فول سيجري محادثات مع المسؤولين السياسيين السامين للدولة حول آفاق العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في ضوء تنفيذ اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، وكذا حول سلسلة من المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ويزعم خبراء ومسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن الجزائر ماتزال غير مقتنعة بالسياسة الأوروبية للجوار، وتتفاوض حاليا من موقع قوة مع الاتحاد الأوروبي لأنها مصدرة للنفط، وهو يحاول أن يغري الجزائر كما يفعل مع المغرب، باعتباره البلد الأول المستفيد من الدعم المالي، إذ تقدر حصة تمويل برامج العمل لكل سنة ب 200 مليون أورو، على خلاف الجزائر التي حازت على حصة 220 مليون أورو خلال فترة 2007 2009 ونحو 172 مليون أورو على مدى فترة 2010 2013، على خلاف أيضا الحصص التي قُدمت لكل من تونس ومصر. وستكون هذه الزيارة وفقا للخارجية، والتي تأتي عشية الدورة 5 لمجلس الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي المقررة يوم 15 جوان المقبل بلوكسمبورغ، فرصة »للتحضير أحسن لهذا الموعد الهام، وتُعتبر شهادة عن الاهتمام الذي يوليه الطرفان لتعزيز علاقات التعاون والحوار«. كما أوضح البيان أنه سيتم على هامش الزيارة التوقيع على مذكرة تفاهم متعلقة بالبرمجة المالية 2011-2013 بمبلغ 172 مليون يورو، تغطي ستة (6) مشاريع تعاون متعلقة بالتنمية المستدامة والثقافة والتنمية الاقتصادية والشغل. ولكن صلب المحادثات يتجاوز ذلك نحو خلافات تكاد تكون جوهرية بين الطرفين، وتطالب الجزائر في اللقاء المقبل بمراجعة عدة بنود في الاتفاق، في حين يحاول الاتحاد الأوروبي »تقليص الأضرار« بعدما كاد يتوجه إلى حل »التحكيم الدولي«، على حد وصف مصادر تشتغل على متابعة الاتفاق المبرم بين الطرفين قبل أربعة أعوام، إذ أن الاتحاد الأوروبي يعتقد أن الجزائر »لم تحترم« أربعة بنود في الاتفاق على خلفية التعديلات التي أدرجتها الحكومة الجزائرية على قانون الاستثمار وشركات الاستيراد. وترد الجزائر أنها ترفض التدخل في شؤونها الداخلية، لا سيما عندما يُطلب منها القيام بإصلاحات ذات صلة بحقوق الإنسان والديمقراطية، وبإعادة هيكلة بعض القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، بل ورفضت التعاون في إطار الشراكة بخصوص بعض القطاعات، بينها رفض وزارة التكوين المهني التعاون. وتنذر حقيقة المفاوضات الجارية في سرية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، حول إدراج الحكومة تعديلات موسعة في قانون المالية للسنة الجارية بخصوص الاستثمار والاستيراد، بتصدع في العلاقات بين الجانبين بحكم نية معاكسة من الاتحاد للذهاب إلى »تحكيم دولي«. وتقول مصادر تشتغل على متابعة الاتفاق الموقّع بينهما قبل أربعة أعوام (دخل حيز التطبيق في 2 أفريل 2005)، أن الاتحاد »يرى أن الجزائر لم تحترم الاتفاق، وخلّف هذا استياء لدى الاتحاد الأوروبي«.