اقتحم ما يقرب 50 ألف متظاهر بميدان التحرير بوسط القاهرة يتقدمهم أعضاء هيئة تدريس بالجامعات المصرية مساء الثلاثاء الحواجز العديدة التي أقامها الجيش، ودخلوا إلى شارع قصر العيني ليحيطوا بمجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) ومجلس الوزراء لأول مرة بهذه الأعداد منذ بدء الاحتجاجات في 25 يناير الماضي، وردد المتظاهرون هتافات "باطل.. باطل.." وهم يشيرون بأيديهم نحو مجلس الشعب مع كل هتاف. وقال أحد المتظاهرين ل«أون إسلام»:" :كأننا في شعائر الحج نرجم الشيطان الأكبر الذي وسوس إلينا بالمعاصي طلبا للغفران، فنحن اليوم في شعائر الثورة المصرية نرجم مجلس الشيطان الذي انعقد بانتخابات مزورة بهتافات البطلان وطلبا للحرية". وحاصر المحتجون في المظاهرة المليونية التي دعوا إليها تحت اسم "الثلاثاء العظيم"، مجلسي الوزراء والشعب من ناحية شارع القصر العيني، وهتفوا حين وصلوا أمام مبنى البرلمان: "باطل.. باطل" في إشارة إلى أحكام القضاء ببطلان عضوية معظم نوابه لتزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وملأ المتظاهرون شارع قصر العيني -بطول 2 كيلو متر وعرض 20 مترا- الذي يعتبر حيويا لوقوع مجلسي الشعب والشورى (الغرفة الأولى والثانية للبرلمان) به وبجوارهما مجلس الوزراء في شارع متفرع منه. كما حاولوا اقتحام المبنى المحاط بقوات الجيش ومدرعاته في مشهد مهيب أثاروا فيه حماس جميع المتظاهرين، مرددين شعار: "الشعب خلاص أسقط النظام"، في إشارة إلى نجاح الثورة في انهيار النظام، بدلا من الشعار المعتاد منذ يوم 25 يناير: "الشعب يريد إسقاط النظام". وتقدم مظاهرةَ أعضاء هيئة التدريس وزيرُ النقل السابق في عهد مبارك، عصام شرف، بين عامي 2004 و2005. وخلال المشهد الذي بدا شبيهاً برمي الحجاج جمرة العقبة غير أن أيدي المتظاهرين لم تحمل غير هتافات حناجرهم، رفض المتظاهرون طلبا من أحد الضباط وجهه إليهم عبر مكبرات الصوت بالتوجه إلى ميدان التحرير، وأعلنوا أن هذه ستصبح عادة للمتظاهرين في إطار تصعيدهم للضغط على النظام المصري للرحيل خلال الأيام القادمة، حيث سيعتصمون لساعات أمام المجلس منادين بحله ولن يقتصر التظاهر على ميدان التحرير بوسط القاهرة. كما ردد المتظاهرون هتافات تطالب برحيل مبارك، وحل مجلسي الشعب والشورى، ثم اتجهوا إلى وسط القاهرة ومنطقة عابدين، حيث انضم إليهم المئات من موظفي وزارة الصحة، من المسعفين والسائقين والعمال المؤقتين، مطالبين بزيادة الأجور والتعيين. كما ترددت أنباء نقلتها مواقع مصرية أن المتظاهرين أعاقوا وصول رئيس الوزراء الفريق أحمد شفيق إلى مكتبه في مجلس الوزراء، حيث لم يتمكن من ذلك حتى الساعة الثانية ظهرا. ويرفض النظام حتى الآن مطلبا رئيسيا لملايين المتظاهرين والمعتصمين المصريين ويتعلق بحل مجلسي الشعب والشورى الذي لا يكاد هناك مصري واحد يختلف على أنهما جاءا بالتزوير، ويكتفي بالقول أنه سيقبل أحكام القضاء بشأن التزوير من عدمه في عدد الدوائر التي تقدم بها مرشحون منافسون بطعون. غير أن المظاهرة غير المسبوقة ضد البرلمان ستمثل بلا شك عامل ضغط هائل على النظام المتشبث بالحكم بعناد شديد.