تحوّلت مظاهرات كبيرة نظمها شباب مصريون، أمس الثلاثاء، لأول مرة منذ سنوات في معظم محافظات البلاد، إلى اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن التي حاولت تفريق الحشود خاصة في العاصمة القاهرة. وكانت المعارضة المصرية، خاصة حركة ''كفاية'' و''شباب 6 أبريل'' وبعض المتمردين على أحزاب المعارضة التقليدية وجماعة الإخوان المسلمين، قد دعوا عبر ''الفيس بوك'' إلى هذه المظاهرات في كافة أنحاء البلاد، وذلك في يوم عيد الشرطة الذي صادف، أمس، وأطلقوا على احتجاجاتهم ''يوم الغضب''. ففي العاصمة القاهرة، اشتبكت قوات الأمن مع المتظاهرين بميدان التحرير، وميدان الدقى وشارع شبرا، وأسفل كوبرى الجلاء. ولجأ الأمن إلى إطلاق قنابل مسيلة للدموع واستخدام خراطيم المياه لتفرقة المتظاهرين، بعد اختراقهم السياج الأمني وتوجههم إلى شارع مجلس الشعب، وذلك لمنع عدد من المسيرات من الالتقاء في ميدان التحرير، من أجل تنظيم مسيرة سلمية باتجاه وزارة الداخلية. ونشبت مشادات بين أكثر من 10 آلاف متظاهر من النشطاء ورجال الأمن الذين كانوا يسيرون خلفهم. والأمر نفسه تكرر في صدامات بين الأمن والمتظاهرين أمام دار القضاء العالي، حيث اعتدوا عليهم بالضرب بالعصي، وانتقل جزء منهم في مسيرة حاشدة في طريقهم إلى منطقة باب الشعرية الشعبية. كما وقعت اشتباكات فوق جسر قصر النيل بين الأمن الذي استعان بقوات إضافية. وأمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة، تظاهر المئات من المواطنين بمشاركة العديد من القوى والرموز السياسية والأحزاب، خاصة حزب الوفد وحركة كفاية وبعض السياسيين منهم حمدي قنديل. ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بالتغيير، مؤكدين على بطلان النظام الحاكم والبرلمان المصري والحزب الوطني الحاكم، ورددوا العديد من الهتافات التي كان من ضمنها ''يا مبارك يا مبارك.. السعودية في انتظارك'' في إشارة إلى مصير الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي ''باطل''، ''بعد الفقر وبعد الجوع التغيير مشروع مشروع'' و''وفديون ضد التوريث ارحل يا جمال مع بابا''، ''الله حي التاني جاي .. بن علي .. مبارك'' و''Mubarak Degage/ ، و''لا لقطع الأرزاق'' و''تونس هي الحل لحرماننا من كل مقومات الحياة الكريمة'' و''لا للفقر والغلاء والبطالة والفساد ونهب المال العام ولوقف العلاج.. لا لقانون الطوارئ ولتزوير الانتخابات.. لن نستعبد بعد اليوم'' و''طلعوهم''، مشيرين إلى الأفراد المحتجزين الذين يحاصرهم أفراد الأمن من كافة النواحي، وغيرها من الهتافات والشعارات التي تندد بالنظام وتطالب بإسقاط الحكومة، بخلاف التغيير والتنديد برئيس الجمهورية وجميع رموز الدولة، مثل أحمد نظيف رئيس الوزراء والقيادي بالحزب الحاكم أحمد عز وبطرس غالي وزير المالية، وجمال مبارك، مؤكدين رفضهم التام للتوريث. وتحدث شهود عيان عن خروج مظاهرات مماثلة بعدد من المحافظات، حيث ذكروا أن المئات من أهالي شمال سيناء قد خرجوا للتظاهر، ظهر أمس، استجابة لدعوة قوى المعارضة. ففي قرية المهدية القريبة من الحدود بين مصر وإسرائيل، خرج المئات للتظاهر مطالبين بالإفراج عن المعتقلين وتحسين معاملة الشرطة لهم وتحسين أحوالهم المعيشية. وقام المحتجون بإغلاق الطريق الدولي رفح - العريش وقاموا بإشعال الإطارات المطاطية. وقال الشهود إن المئات من البدو يستقلون شاحنات صغيرة توجهوا إلى منطقة قريبة من مطار الجورة وهو قاعدة القوات الدولية بسيناء. وفي مدينة الشيخ زويد تظاهرت عشرات السيدات من زوجات وأسر المعتقلين أمام قسم شرطة الشيخ زويد للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين. وشهدت مدينة العريش مشاركة محدودة من جانب المتظاهرين في وقفة احتجاجية قصيرة أمام المجلس المحلي لمدينة العريش. وفي الإسماعيلية، اندلعت مظاهرات الغضب بميدان الفردوس بمشاركة ما يقرب من 600 من النشطاء وأحزاب المعارضة وشعب الإسماعيلية وسط حراسة أمنية مشددة منعت تحرك المظاهرة في شوارع الإسماعيلية وحجمت تحركاتها بطوق من الأمن المركزي، فيما فشل رجال الحزب الوطني في إرهاب المواطنين وإقناعهم بعدم المشاركة، وقد أقام المتظاهرون صلاة العصر في الشارع. ونجح المتظاهرون في اجتياز الحاجز الأمني الذي فرضته عليهم قوات الأمن وتحركوا في اتجاه شوارع الإسماعيلية، حيث طاردتهم قوات الشرطة لفترة ثم نجحت في تطويقهم مرة أخرى. والتزمت أجهزة الأمن ضبط النفس وعدم الاشتباك مع المتظاهرين الذين رددوا هتافات تنتقد الداخلية والنظام. وردد المشاركون هتافات ''حسني مبارك باطل.. الفخراني باطل.. الانتخابات باطل.. الحزب الوطني ''ارحل ارحل يا جمال الشعب المصري جعان''.. ''اهتف اهتف علي الصوت اللي يهتف مش حيموت''. وحاصرت قوات مكافحة الشغب والأمن المركزي المدعمة بالمصفحات والمدرعات منطقة وسط مدينة الإسماعيلية ومنعت مرور السيارات بميدان الفردوس والشوارع المحيطة به منذ الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء منعا لوصول المتظاهرين لمكان التظاهر المتاخم لسوق الجمعة، الذي يعد أكبر سوق تجاري بالمنطقة، فيما طوقت الحواجز الحديدية الميدان لمنع انتظار السيارات. ووزع المتظاهرون بيانا تم لصقه على جدران الشوارع طالبوا فيه بإقالة حبيب العادلي وزير الداخلية وحل مجلسي الشعب والشورى ووقف تصدير الغاز لإسرائيل. وكانت الميادين العامة والشوارع الرئيسية بالقاهرة والجيزة والمحافظات الأخرى قد شهدت منذ صباح أمس الثلاثاء تواجدا أمنيا مكثفا استعدادا لمواجهة المظاهرات التي أعلنت عنها الحركات السياسية وأحزاب المعارضة في يوم الغضب، حيث امتلأت الشوارع بسيارات الأمن المركزي والإسعاف والمطافئ تأهبا للتصدي لأي مظاهرات. وطوقت قوات الأمن الأماكن العامة وبخاصة دور العبادة والكنائس الكبيرة المنتشرة في القاهرة الكبرى، واكتست منطقة وسط البلد أمام دار القضاء العالي، برجال الأمن المركزي الذين ارتدوا سترات واقية، حيث كثف الأمن من حضوره في الساعات الأولى منذ الصباح الباكر، وكذلك ميدان التحرير وعبد المنعم رياض اللذين امتلأ بسيارات الإسعاف والإطفاء وقوات الحماية المدنية.