بعد أن ضاقت بهم السبل، لم يجد بعض الشباب إلاّ التكنولوجيا الحديثة لكي يبحث بها وفيها عن عمل، إذ أن الآلاف يراسلون مواقع اختصت في تقديم العروض، بعضهم نجحت تجربته وآخرون فشلوا· مصطفى مهدي أكدت الإحصائيات الأخيرة أنه حوالي 25 ألف شخص يبحث عن عروض عمل عبر الأنترنت، وأن هذه الأرقام في تزايد مستمر، وهو ما يعبر عن النمو الذي تشهده الجزائر في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، رغم أن البعض لا يزال لا يؤمن بهذه الطريقة كحل للعثور على عمل، خاصة منهم البطالون الذين لا يملكون شهادات، والذين يحسبون أن تلك العروض تستهدف خاصة حاملي الشهادات العليا، حيث أنّ 75% من الذين يزورون تلك المواقع ويضعون إعلاناتهم هم من الجامعيين· وعبر الأنترنت تحدثنا إلى بعض المواطنين الذين كانت لهم أو كانت لأصدقائهم تجربة ناجحة في العثور على عمل عبر الأنترنت فراحوا يبحثون بدورهم عن عرض يلائمهم، بسيرهم الذاتية، ويزورون بريدهم الإلكتروني بشكل يومي علهم يجدون رسالة، أو ردًا ما، يقول لنا عمر، 26 سنة: "رغم أنّ سيرتي الذاتية ثرية بالمؤهلات، إلاّ أني لم أعثر على عرض يلائمني، وأنا حاصل على شهادة ليسانس في القانون، وشهادة الكفاءة المهنية، وشهادة لغة إنجليزية، وشهادة في استعمال الكمبيوتر، ورغم ذلك فلا أحد أرسل يعرض علي عملاً ولو صغيرا، ولم يرد عليّ هؤلاء الذين راسلتهم، وأنوي أن لا أراسل أحدًا بعد اليوم، فهذه الطريقة ليست متعبة، ولكنها بالمقابل تجعلني أتعلق بآمال كاذبة"· أمّا سارة، 23 سنة، فكانت تجربة صديقتها ناجحة، وكذلك تجربتها، رغم أنها لا تعمل لحد الساعة، إلاّ أنها تشرح لنا ذلك قائلة: "لقد تخرجت وصديقتي من كلية الترجمة في سنة واحدة، أما أنا فبقيت أبحث عن عمل عبر الانتقال من مؤسسة لأخرى، ولكني لم أعثر على شيء، وأما صديقتي فقد كانت تراسل الشركات عبر مواقعها، وهي اليوم تعمل في شركة أجنبية مرموقة، وقد اقترحت عليّ فرفضتها، إلاّ أني إن لم أعثر على وظيفة أحلم بها، فلا شك سأقبل بعرض آخر، وفي النهاية، فكما على الأنترنت أو على أرض الواقع كل شيء بالمكتوب"· مراد من جهته، لم يحاول من قبل أن يبحث عن وظيفة عبر الأنترنت، يقول: "لازلت أعتمد على الجرائد، ذلك أنها توفر عروضا للجميع، وليس فقط لحاملي الشهادات، فالمواقع الإلكترونية لا تبحث عن مثلي، أو أن أمثالي من الذين لم يدرسوا، أو لم يبلغوا في دراستهم أطوارا متقدمة، ومستعدين لأيّ عمل، هم كثيرون، ولا حاجة إلى أن نوظفهم عبر الأنترنيت" وعندما أخبرنا مراد أن نظرته خاطئة، وأن هناك مواقع تختص في توظيف الجميع، حيث تضع الإعلانات في صفحة والعروض في صفحة أخرى، أجابنا دون أن يبدو عليه أي اهتمام "ربما لكن ما أعلمه أن كل شيء يتم عبر الوساطة في أيامنا هذه، وحتى الأعمال المتواضعة"، ويضيف مازحا: "ولأنني لا أعرف "بيل غايتس" شخصيا، فلا أظنني سأعثر على عمل في الأنترنيت"·