نساء كثيرات مضطرات إلى العمل في الصباح ولكن إلى ساعات متأخرة من المساء كذلك، وهو الأمر الذي قد يزعج أُسرهن، خاصّة إن كانت أسرا محافظة، بل قد يخلق شجارات لا نهاية لها، ويجعل الإخوة يتبعهن في كل تنقلاتهن. مصطفى مهدي كثيرة هي العلاقات المتشجنة بين الإخوة وأخواتهم، والتي تفتقد إلى الحوار، فلا يعرف الأخ ما يدور بذهن أخته، وان كانت نفسيتها هادئة، او كانت تخفي أفكارا متمردة، وتفتقد تلك العلاقة كذلك إلى الثقة، فلا يثق الأخ في أخته، وهي بعيدة، ولا يرتاح إلاّ إذا كانت قريبة من عينيه، وقد يعلل ذلك بأنّ نفسية النساء ضعيفة، ولهذا لا بد من أن نحميهن من أنفسهن أولا، ثمّ من التأثيرات الخارجية التي يمكن أن تفسدهن، وقد يكون الأمر كذلك، وقد يكون مجرد تسلط، لكن كل ذلك يمكن أن يحول حياة الأخت مع أخيها في البيت جحيما دائما، وقد يترك الولد كل أشغاله لمراقبة أخته، خاصة التي عمل إلى ساعات متأخرة من الليل، أو من المساء، وقد تعصف بها الوساوس، وتجعله يسيء بها الظن، إذا ما تأخرت، او لأيّ سبب من الأسباب ولو كان تافها. سلوى، صاحبة الثامنة والعشرين سنة، ولو أنها تعتبر نفسها كبيرة ومسؤولة عن نفسها، إلاّ أنّ أخاها يرى غير ذلك، ويبقى يحاسبها على خرجاتها، ويقول لها في كل مرة أنها ما لم ترتبك بعد، وما لم تخرج بيت الأسرة، فهو مسؤول عنها، ولكنها تعتبر ذلك تدخلا في حياتها الشخصية الأمر الذي جعل الاثنين يعرفان علاقة متشنجة، تقول سلوى: "لقد تغيّرت حال أخي منذ أن صرت اعمل إلى السابعة مساء، وهو أمر ليس بيدي فأمي بحثت لي عن هذا العمل ولم تعثر على سواه، ولكن أخي لم يتقبل ذلك، وصار يأتي لانتظاري ما إن اخرج من العمل، ولكن المشكل ليس هنا، ولكن في الشجارات التي يخلقها مع كل من يراه يتحدث إلي، حتى لو كان زميل عمل، وتخيلوا الوضع عندما أتأخر في العمل، فيسيء الظن بي، ومرة خرجت باكرا، واتصلت به لأعلمه أن لا يأتي لمصاحبتي فكان هاتفه مقفلا، وعندما لم يجدني جاء إلى البيت وأشبعني ضربا، إلى أن قالت له أمي أنني ومنذ منصف النهار كنت في البيت وحسبت أن ذلك سيجعله يعيد حساباته لكنه لم يفعل وظل على حاله، ولا ادري ما الذي يجعله يشك في، أهي أخبار طعنت في شرفي دون أن اعلم او أمور أخرى، فهو لا يخبرني بشيء، وأكاد لا اعرفه حتى أتحدث معه عن أمور مماثلة". أما ياسين، فقد اخبرنا عن أخته التي تطيل البقاء في العمل، ليس لان ساعات الخروج تقتضي ذلك، ولكنها تحب أن تعمل ساعات إضافية، وهو الأمر الذي جعله يشك في أمرها، وفي أمر تلك الساعات، خاصة وان العائلة ليست فقيرة بالدرجة التي تجر أفرادها على العمل فوق الساعات المحددة، وفعلا ما إن ذهب مرة لملاقاتها رآها تصاحب رجلا غريبا، فضربه وضربها، وانقطعت لمودة التي كانت بينهما، وحولت إلى صراعات مستمرة، خاصة بعد أن تدخل الأب ليقف إلى جانب ابنته، ويؤكد على حقها في لعمل، فلم يجد ياسين إلاّ أن يصحب أخته يوميا من العمل، وذلك حتى لا تلاقي شخصا غريبا، وهو الأمر الذي يجده طبيعيا، فأخته التي تعمل بالقرب من الحي الذي يسكنونه يمكن أن تجلب العار للعائلة، وهو في الأول والأخير يحميها ولا يمارس عليها ضغطا او يحاول أن يكون متسلطا، هذا قال.