** ظهر أناس بعد اندلاع الثورة المصرية يطلق عليهم (المتحولون) تغيرت مواقفُهم وآراؤهم عن الثورة للنقيض، من موقف المهاجم المعادي المحرِّض إلى موقف المدافع المؤيد، فما موقف الإسلام من ذي الوجهين الذي تتغير مواقفه وآراؤه تبعا للظروف والأحوال، فيبدو للناس بوجه مغاير لما هو عليه في واقع الأمر؟ بارك الله لكم. * يجيب عبد الرحمن يحيى زكريا: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تصف طوائف بأنهم شر الناس لبعض الخصال السيئة الموجودة فيهم. من ذلك: ذو الوجهين، وهو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيُظهر لها أنه منها ومخالِفٌ لضدها، وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيُّل على الاطلاع على أسرار الطائفتين، وهي مداهنة محرمة. ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ". وهذه الصفة هي صفة المنافقين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون، قال تعالى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) [البقرة:14]. وقال تعالى: (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَك) [آل عمران:154]. قال أهل العلم: ووصف ذي الوجهين بكونه شر الناس أو من شر الناس مبالغة في شره، فهو أبلغ في الذم. ولذلك جاء في رواية: من شر خلق الله ذو الوجهين. قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق، إذ هو متملق بالباطل وبالكذب، مدخل للفساد بين الناس. وقال النووي: هو الذي يأتي كل طائفة بما يُرضيها، فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها، وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيُّل على الاطلاع على أسرار الطائفتين، وهي مداهنة محرمة. ولابد من التفريق بين المنافق ذي الوجهين، وبين من تغيرت رؤيته للأمور وتغير مساره وأعاد النظر فيما تبناه من مواقف، ولا ينبغي التسرع في الحكم على الناس بالنفاق لمجرد تغيير في الرأي والمواقف؛ لأن النفاق أمر قلبي لا يعلمه إلا الله، لكن لو كانت هناك أدلة واضحة على النفاق لا تحتمل الشك فلا بد أن يتم التعامل مع هؤلاء بحذر أو تجنبهم تماما وعدم إظهار الاحترام لهم، أو نصحهم إن كان يجدي معهم النصح.