جادوا بحياتهم ثمنا لكرامة وحرية الشعب المصري في ثورته ضد القهر والظلم خلال المظاهرات التي اندلعت شراراتها منذ 25 يناير الماضي، وما زالت قائمة إلى الآن باستمرار اعتصام الشباب في ميدان الحرية أو ميدان التحرير في وسط العاصمة المصرية القاهرة. خرج هؤلاء الشهداء في المظاهرات باحثين عن حياة كريمة وغد أفضل لبلادهم عامر بالحرية والعدالة الاجتماعية، كثير منهم لا ينتمون إلى حزب أو حركة، وربما لم يقوموا بأي عمل سياسي طوال حياتهم، ولكن حماسهم ورغبتهم في محو ظلام الخوف والقهر دفعهم للمضي قدما نحو غاياتهم. "أنا نازل يا سيدة.. وأحلى يوم لما حقوق مصر ترجع كلها".. كانت هذه هي كلمات الحاج فايز فهيم السيد الأخيرة لزوجته الحاجة سيدة يوم الجمعة 28 يناير قبل استشهاده بساعات قليلة. الحاج فايز يبلغ من العمر 54 عاما لديه 6 أولاد (3 من البنين و3 من البنات)، يعمل في تركيب الزجاج والبراويز، هو من محافظة كفر الشيخ لكنه جاء إلى السويس منذ عشرات السنين وتزوج وأنجب أولاده فيها. أصر الحاج فايز على النزول من أول يوم للمظاهرات التي بدأت يوم 25 يناير، وفي كل يوم نزل فيه للمظاهرة يعود بعد أن استنشق قنابل رجال الشرطة المسيلة للدموع وهو أكثر إصرارا على النزول مرة أخرى. يوم "جمعة الغضب" ترك زوجته وأولاده ونزل أمام قسم الأربعين الذي شهد يومها مذبحة من رجال الشرطة وبلطجية الحزب الوطني الحاكم سابقا، وراح من بين الضحايا الحاج فايز. لم تعلم أسرة الحاج فايز أن عائلها الوحيد استشهد يوم الجمعة لأن الاتصالات كانت مقطوعة في عدد من محافظات الجمهورية بأوامر عليا، فجر السبت 29 يناير وصل الخبر إلى أسرته، هرعت الحاجة سيدة إلى المستشفى لتجد زوجها في المشرحة. تقول الحاجة سيدة إنها رأت الرصاص بجسد زوجها، "الرصاصة دخلت من جنبه الشمال وخرجت من اليمين وواحدة أخرى أصابت ذراعه". الحاجة سيدة زوجة الشهيد فايز أقسمت أنها لن تترك حق زوجها ومئات الشباب الذين قضوا في هذه الثورة، معتبرة أن دمهم كلهم في رقبتها ورقبة كل المصريين إلا أن يأخذوا بحقهم من رجال الشرطة المجرمين.