قتل وتعذيب وانتهاكات ضد الإنسانية ** أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن ضباط وعناصر الشرطة و قطاع الأمن الوطني بمصر في عهد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني بأساليب تشمل الضرب والصعق بالكهرباء ووضعيات مجهدة وأحيانا الاغتصاب مطالبة الدول الأجنبية باستخدام الولاية القضائية العالمية لمقاضاة المسؤولين المصريين المشتبه في تورطهم في أعمال التعذيب. ق.د/وكالات ونددت المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بانتظام بممارسات أجهزة الأمن في مصر مشيرة إلى أن التعذيب الشائع في مصر يشكّل جريمة محتملة ضد الإنسانية بسبب انتشاره وممارسته بشكل ممنهج . وأشارت المنظمة المذكورة - في تقرير لها امس الأربعاء صدر في 63 صفحة بعنوان هنا نفعل أشياء لا تصدق: التعذيب والأمن الوطني في مصر تحت حكم السيسي _ إلى أن ما وصفته بالتعذيب الواسع النطاق والمنهجي من قبل قوات الأمن المصري قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية. ولأول مرة في ظل نظام السيسي تقدم منظمة دولية لحقوق الإنسان أدلة تثبت أن التعذيب في مصر منذ انقلاب 3 جويلية 2013 يتم بشكل ممنهج وواسع النطاق على نحو مفزع وهو ما يكشف تماما كذب التصريحات الرسمية لسلطة الانقلاب والتي تنفي دائما وجود أي حالات تعذيب وتدعي خضوع المعتقلين لمحاكمات قضائية عادلة. وأوضحت هيومن رايتس ووتش أن النيابة العامة تتجاهل عادة شكاوى المحتجزين بشأن سوء المعاملة وتهددهم في بعض الأحيان بالتعذيب ما يخلق بيئة من الإفلات شبه التام من العقاب . ويوثق التقرير كيف تستخدم قوات الأمن ولا سيما عناصر وضباط الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية التعذيب لإرغام المشتبه بهم على الاعتراف أو الإفصاح عن معلومات أو لمعاقبتهم لافتا إلى انتشار ادعاءات التعذيب بشكل واسع منذ أن أطاح وزير الدفاع آنذاك السيسي بالرئيس محمد مرسي عام 2013 وبدأ هجوما واسعا على الحقوق الأساسية. وأضاف: لطالما كان التعذيب متفشيا في الأطر الأمنية والعدلية في مصر كما أن الانتهاكات الواسعة من قبل قوات الأمن ساعدت على انطلاق الثورة في مختلف أنحاء البلاد عام 2011 التي أطاحت بالزعيم السابق حسني مبارك بعد قرابة 30 عاما في الحكم . مشاهد الرعب وقابلت هيومن رايتس ووتش 19 معتقلا سابقا وأسرة معتقل آخر تعرضوا للتعذيب بين عامي 2014 و2016 فضلا عن محامي الدفاع وحقوقيين مصريين. وراجعت هيومن رايتس ووتش عشرات التقارير عن التعذيب التي أصدرتها المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام المصرية. واستطردت قائلة: مورست تقنيات التعذيب التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في مراكز الشرطة ومقرات الأمن الوطني في جميع أنحاء البلاد واستخدمت أساليب متطابقة تقريبا لسنوات عديدة . وشدّدت المنظمة على أنه بموجب القانون الدولي يُعتبر التعذيب جريمة تخضع للولاية القضائية العالمية ويمكن مقاضاة مرتكبيه في أي بلد مطالبة الدول الخارجية بتوقيف والتحقيق مع أي شخص مصري على ترابها يشتبه في تورطه في التعذيب وأن تحاكمه أو تُرحله لمواجهة العدالة. وتابعت: منذ الانقلاب العسكري عام 2013 اعتقلت السلطات المصرية أو اتهمت 60 ألف شخص على الأقل وأخفت قسرا المئات لعدة أشهر في وقت واحد وأصدرت أحكاما أولية بالإعدام في حق مئات آخرين وحاكمت آلاف المدنيين في محاكم عسكرية وأنشأت ما لا يقل عن 19 سجنا وحبسا جديدا لاحتواء هذا التدفق لافتة إلى أن الهدف الرئيسي لهذا القمع هو جماعة الإخوان المسلمين والتي وصفتها بأنها أكبر حركة معارضة في البلاد. وأضافت: وجدت هيومن رايتس ووتش أن وزارة الداخلية طورت سلسلة متكاملة لارتكاب الانتهاكات الخطيرة لجمع المعلومات عن المشتبه في كونهم معارضين وإعداد قضايا ضدهم غالبا ما تكون ملفقة. ويبدأ ذلك عند الاعتقال التعسفي ويتطور إلى التعذيب والاستجواب خلال فترات الاختفاء القسري وينتهي بالتقديم أمام أعضاء النيابة العامة الذين كثيرا ما يضغطون على المشتبه بهم لتأكيد اعترافاتهم ويمتنعون بشكل كامل تقريبا عن التحقيق في الانتهاكات . وقال معتقلون سابقون للمنظمة الدولية إن جلسات التعذيب تبدأ باستخدام عناصر الأمن بصعق المشتبه به بالكهرباء وهو معصوب العينين عار ومقيد اليدين بينما يصفعونه أو يلكمونه أو يضربونه بالعصي والقضبان المعدنية. وإذا لم يمنح المشتبه به العناصر الإجابات التي يريدونها فإنهم يزيدون قوة الصعق بالكهرباء ومدته وغالبا ما يصعقون المشتبه به في أعضائه التناسلية. وتؤكد هيومن رايتس ووتش أن عناصر الأمن يضعون المعتقلين في وضعيات الإجهاد هذه لساعات كل مرة ويستمرون في ضربهم وصعقهم بالكهرباء واستجوابهم. وأردفت: يمتد تاريخ مصر من التعذيب إلى أكثر من 3 عقود سجلت هيومن رايتس ووتش لأول مرة الممارسات الموثقة في هذا التقرير منذ عام 1992 مشيرة إلى أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تخضع لتحقيقين عموميين من قبل لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة والتي كتبت في جوان 2017 أن الوقائع التي جمعتها اللجنة تؤدي إلى استنتاج لا مفر منه وهو أن التعذيب ممارسة منهجية في مصر . وأكملت: منذ أن أزاح الجيش الرئيس السابق مرسي عام 2013 أعادت السلطات تشكيل وتوسيع الأدوات القمعية التي ميّزت حكم مبارك. وأدى انتظام التعذيب والإفلات من العقاب على ممارسته منذ عام 2013 إلى خلق مناخ لا يرى فيه من يتعرضون للإيذاء أي فرصة لمساءلة المسيئين وكثيرا ما لا يكلفون أنفسهم حتى عناء تقديم الشكاوى إلى النيابة العامة . ولفت التقرير إلى أنه بين جويلية 2013 وديسمبر 2016 حققت النيابة العامة رسميا في 40 قضية تعذيب وهي جزء بسيط من مئات الادعاءات المقدمة لكن هيومن رايتس ووتش لم تعثر إلا على 6 قضايا فازت النيابة العامة فيها بأحكام إدانة ضد عناصر وضباط وزارة الداخلية. ولا تزال جميع هذه الأحكام قيد الاستئناف وتشمل حالة واحدة فقط ضباطا بالأمن الوطني . وذكرت هيومن رايتس ووتش أنه يجب على السيسي تكليف وزارة العدل بإنشاء منصب مدع خاص مستقل مكلف بتفتيش مراكز الاعتقال والتحقيق في الإساءة من قبل الأجهزة الأمنية ومقاضاتها ونشر سجل الإجراءات المتخذة مضيفة أنه في حال عدم قيام إدارة السيسي بجهد جدي لمواجهة وباء التعذيب فإن على الدول الأعضاء في الأممالمتحدة التحقيق ومقاضاة المسؤولين المصريين المتهمين بارتكاب التعذيب أو الأمر به أو المساعدة عليه . من جهته قال نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة جو ستورك: أعطى الرئيس السيسي ضباط وعناصر الشرطة والأمن الوطني الضوء الأخضر لاستخدام التعذيب كلما أرادوا مؤكدا أن الإفلات من العقاب على التعذيب المنهجي لم يترك أي أمل للمواطنين في تحقيق العدالة. وأضاف ستورك : تسبب الإفلات من العقاب في الماضي في ضرر كبير لمئات المصريين ومهّد لثورة 2011 مشدّدا على أن السماح للأجهزة الأمنية بارتكاب هذه الجريمة الشنيعة في جميع أنحاء البلاد قد يسبّب موجة أخرى من الاضطرابات.