منبوذون ومطرودون في كل مكان ** * أمنيستي : الجيش البورمي قتل المئات من الروهينغا عمدا لم تتوقف معاناة الروهينغا الهاربين من ميانمار إذ إن اللاجئين منهم في الهند يجدون أنفسهم وسط مستقبل غامض مع سعي الحكومة الهندية لترحيلهم من البلاد ليصبحوا محاصرين بين الخوف من طردهم من البلاد التي يعيشون فيها في وضع صعب وبين العودة لبلادهم التي أعلنت سلطاتها بشكل واضح عدم ترحيبها بهم فيما تكشف التقارير في كل مرة حجم الفظائع التي يتعرض إليها الروهينغا من قتل عمدي وهتك للأعراض فقط لأنهم مسلمون وحدوا أنفسهم بين البوذيين ! ق.د/وكالات منذ تصاعد الاعتداءات بحق الروهينغا في ميانمار لجأ كثيرون منهم إلى الهند عبر حدود بنغلادش ليصبح عددهم نحو 40 ألف لاجئ وفق إحصائيات حكومية هندية. وهم يعيشون في مخيمات قرب نيودلهي وإقليم اتربرديش وهاريانا وجامو وكشمير وبنغال الغربية وآسام. وفيما تم تسجيل نحو 10 آلاف منهم في مفوضية الأممالمتحدة للاجئين إلا أن معظمهم لا يتمتعون بأية مساعدة حكومية أو أي دعم من المفوضية كما يقولون. ولتزداد المخاطر على هؤلاء أعلنت وزارة الداخلية الهندية أخيراً أنها ستقوم بترحيل الروهينغا إلى ميانمار لأنهم يشكّلون تهديداً للأمن في الهند . وقال وزير الداخلية الهندي راجناث سينغ إن الحكومة لن تنتهك أي قانون دولي عبر ترحيل اللاجئين الروهينغا لأن الهند لم توقّع الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لسنة 1951. وعلى العكس من ذلك قالت وزارة الخارجية الهندية في تصريح إن نيودلهي قلقة من الوضع الإنساني الذي يسبّبه تدفق اللاجئين الروهينغا وستتعامل مع الأمر وفق ذلك. قرار الحكومة الهندية بترحيل الروهينغا قوبل بمسيرات احتجاجية في مدن هندية مختلفة لهنود مسلمين وناشطين شارك فيها المئات واعتُبرت أكبر تظاهرات من نوعها في السنوات الأخيرة. كذلك بدأ النائب عن حزب المؤتمر الناشط السياسي شاشي ثارور حملة توعية في الهند حول حق الروهينغا بالحياة. وبثّت منظمة العفو الدولية مقاطع فيديو له كجزء من حملتها التوعوية. أما التحرك الأبرز لمواجهة قرار الحكومة المركزية بترحيل اللاجئين إلى ميانمار فكان عبر رفع المحامي براشانت بوشان قضية في المحكمة العليا لإبقاء هؤلاء في الهند ومن المتوقع أن يصدر الحكم النهائي فيها خلال الأيام المقبلة. وشرح المدير العام لمركز جنوب آسيا لتسجيل حقوق الإنسان رافي ناير في حوار مع العربي الجديد أنه ليس لدى الهند إطار قانوني ووطني للتعامل مع قضايا اللاجئين. غير أن المحاكم الهندية اعترفت بالحق في عدم الإعادة القسرية لهم لكن هناك خلافات واضحة بين وزارة الخارجية الهندية ووزارة الداخلية الهندية. ففي سبتمبر/ أيلول الماضي أيّدت الهند قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإجراء تحقيق في العنف في ولاية راخين في ميانمار لكن سياسة الوزارة الداخلية تناقض هذا القرار كما قال ناير. وأصدرت محاكم هندية قرارات تحذر الحكومة من الإعادة القسرية للاجئين. وعن هذا الأمر قال ناير إن المادة 51 (ج) من الدستور الهندي تنص على أن الدولة تعمل على تعزيز احترام القانون الدولي والالتزامات الدولية وهذا يشمل التزامات عدم الإعادة القسرية على الرغم من أن الهند لم توقّع على اتفاقيات دولية وخصوصاً اتفاقية اللاجئين لعام 1951. وأضاف أن الدستور الهندي يوفر إطاراً قانونياً مفيداً للمطالبة بحق اللاجئين في عدم الإعادة القسرية. وحول إمكان توجّه السلطات الهندية لتنفيذ قرار طرد الروهينغا إلى ميانمار رأى ناير أن وزارة الداخلية في الهند تتجاهل القانون المحلي وأيضاً القانون الدولي بالنسبة للاجئين مضيفاً: لا يمكنها إعادة أي لاجئ من الروهينغا إلى أي مكان حتى تتخذ المحكمة العليا في الهند قراراً بشأن القضية التي تم رفعها أخيراً ضد ترحيلهم . وأشار إلى أن حكومة ميانمار لا تعترف بالروهينغا كمواطنين لها لذا لا يمكن إعادتهم إلى ميانمار التي لن تقبلهم وإذا قبلتهم سيكون عليها الموافقة على عودة نصف مليون لاجئ من بنغلادش . وتابع: من غير الواضح ما إذا كان سيُرحّل اللاجئون الروهينغا في حال فازت وزارة الداخلية الهندية بالقضية في المحكمة العليا . واعتبر ناير أن الحكومة الهندية الحالية استبدادية وتُعامل المسلمين الهنود بشكل غير عادل فكيف نتوقع منها معاملة اللاجئين الروهينغا بشكل مختلف وهي ترسل رسالة إلى المسلمين الهنود بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية مضيفاً: في السنوات الثلاث الماضية ساد الخوف بين المسلمين الهنود بسبب الهجمات عليهم وحظر لحوم البقر والحكومة المركزية لا تمثّل قيم الحضارة الهندية . وأتاحت الهند المأوى لمهاجرين من التبت وسريلانكا من بين لاجئين آخرين من البلدان المجاورة في الماضي. ووفق إحصائيات منظمة ريفيوجي انترناشيونال الأميركية فإن هناك نحو 330 ألف لاجئ من مختلف الجنسيات في الهند منهم 143 ألفاً من سريلانكا و110 آلاف من التبت وآخرون من ميانمار وبوتان وأفغانستان. كما أن هناك عدداً كبيراً من الهندوس الذين جاؤوا إلى الهند من بنغلادش ومنهم من نيبال بعدما غادروا بلدهم خوفاً من الماويين. ولا توجد حماية من الحكومة الهندية للاجئين باستثناء تلك التي ينص عليها مبدأ عدم الإعادة القسرية. وأوضحت مديرة جنوب آسيا في منظمة هيومن رايتس وواتش مانيشا غانغولي أنه على الرغم من أن الهند لم توقّع على اتفاقية دولية تتعلق باللاجئين فإن الملايين لجأوا إليها في العام 1947 وكان الدالاي لاما أيضاً لاجئاً في الهند ومنذ ذلك الحين أصبح عشرات الآلاف من التبتيين لاجئين في الهند كما أن البلاد قدّمت على مر السنين المأوى للاجئين من سريلانكا وميانمار وأفغانستان وبلدان أخرى . وأضافت أنه من المستغرب أن تعلن السلطات الهندية فجأة أنها ترغب في ترحيل الروهينغا خصوصاً حين شن جيش ميانمار حملة التطهير العرقي متابعة: عملنا في كل أنحاء العالم ونادراً ما سمعنا عن مثل هذه الاعتداءات الوحشية في ميانمار من ذبح الأطفال والنساء واغتصاب الفتيات . وطالبت غانغولي الهند بقبول المبادئ الدولية فلا يمكنها أن ترحّل الناس إلى مكان تكون حياتهم فيه بخطر فالسلطات في ميانمار رفضت منذ فترة طويلة قبول الروهينغا كمواطنين وسيكون من الصعب إرسال هؤلاء الأشخاص إلى الوراء . وعن ربط الحكومة الهندية قرار ترحيل الروهينغا بوجود مخاطر أمنية بسببهم تساءلت غانغولي: هل يمكن أن يشكّل جميع هؤلاء تهديداً للأمن؟ وفي هذه الحالة كيف لا توجد تحقيقات للشرطة في هذا الملف؟ . أمنيستي : الجيش البورمي قتل المئات من الروهينغا عمدا من جهتها أعلنت منظمة العفو الدولية أمنيستي في تقرير جديد صدر امس الأربعاء أن قوات الأمن في بورما قتلت مئات الرجال والنساء والأطفال خلال حملة منهجية لطرد مسلمي الروهينغا من البلاد داعية مجلس الأمن إلى السعي لمحاكمة المتورطين في أعمال العنف. ووصل أكثر من 580 ألف لاجئ الى بنغلادش منذ 25 اوت عندما بدأت قوات الأمن في بورما حملة الأرض المحروقة ضد قرى الروهينغا. وأشارت حكومة بورما إلى أنها تواجه هجمات المسلحين في حين أن الأممالمتحدة والمجتمع الدولي اعتبروا أن الرد غير مناسب واصفين المجازر والفظائع التي لحقت بشعب الروهينغا بأنها تطهير عرقي وحرب إبادة. وسبب النزوح المستمر لمسلمي الروهينغا نحو بنغلادش المجاورة أزمة إنسانية كبرى وإدانة دولية لأغلبية بورما البوذية التي ما زالت تنكر ارتكاب الفظائع. واستناداً إلى مقابلات أجريت مع أكثر من 120 فاراً من الروهينغا قالت منظمة العفو الدولية إن ما لا يقل عن مئات الأشخاص قتلوا على أيدي قوات الأمن الذين حاصروا القرى وأطلقوا النار على السكان الهاربين ومن ثم أشعلوا النار بالمباني وأحرقوا كبار السن والمرضى والمعوقين ممن لم يتمكنوا من الفرار وهم أحياء. وفي بعض القرى اغتصبت النساء والفتيات أو تعرضن لعنف جنسي آخر وفقاً للتقرير. وذكرت منظمة العفو الدولية أن الشهود وصفوا الشارات على ملابس المهاجمين التي تماثل زي الجنود التابعين لقوات القيادة الغربية لبورما. وأشارت إلى أن شارات مختلفة يستخدمها جيش بورما إلا أنه تبعاً لوصف الشهود فإن ما رأوه يؤكد أنها للقيادة الغربية. ونقل التقرير عن الشهود أيضاً أن فرقة المشاة الخفيفة ال 33 وشرطة الحدود التي ترتدي زياً أزرق موحداً متورطة في الهجمات على القرى بالإضافة إلى الغوغاء البوذيين . وقال الباحث بشأن أزمة الروهينغا في منظمة العفو الدولية ماثيو ويلز الذي قضى أسابيع عدة على الحدود بين بنغلادش وبورما إن مجموعة الحقوق تعتزم إصدار تقرير آخر في الأشهر المقبلة لدراسة المسؤولية الجنائية الفردية بما في ذلك القادة المعينون وغيرهم ممن قد يكونون متورطين في الانتهاكات. وأوضح أن المئات من الروهينغا عولجوا من إصابات بطلقات نارية وتبعاً لشهادات أدلى بها الأطباء وتتوافق مع شهادات المصابين بالرصاص فإن الجرحى أصيبوا من الخلف أثناء فرارهم. ولفت التقرير إلى مؤشرات موثوقة تفيد بأن عدة مئات من الأشخاص قتلوا في خمس قرى فقط. وقال ويلز إنه بالنظر إلى استهداف عشرات القرى في ولاية راخين الشمالية بطريقة مماثلة فإن عدد القتلى قد يكون أعلى بكثير. وتابع أن صور الأقمار الصناعية التي تؤكدها روايات الشهود تظهر أن منازل ومساجد الروهينغا قد أحرقت بالكامل في القرى في حين لم يتضرر سوى مائتي متر مربع تقريباً من مناطق غير الروهينغا. وأضاف ويلز إنها طريقة منظمة ويبدو جيداً أن حملة الأرض المحروقة دبرها الجيش البورمي وتظهر الجهود في دفع سكان الروهينغا إلى خارج البلاد . من بين ما يقرب من 12 توصية دعت مجموعة حقوق الإنسان مجلس الأمن الدولي إلى فرض حظر شامل على الأسلحة على بورما وعقوبات المالية ضد كبار المسؤولين رداً على الانتهاكات التي تقول منظمة العفو الدولية أنها تنطبق في معايير على الجرائم ضد الإنسانية. وقال التقرير إنه يتعين على المجلس أن يبحث خيارات تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة بموجب القانون الدولي إذا لم تتصرف سلطات بورما بسرعة. وقالت منظمة العفو الدولية حان الوقت كي يتخطى المجتمع الدولي الاحتجاجات العامة ويتخذ إجراءات لإنهاء حملة العنف التي دفعت أكثر من نصف سكان الروهينغا إلى الخروج من بورما .