في ظل الحداثة وما بعد الحداثة واقع السوسيولوجيا في الجزائر عرف المجتمع الجزائري منذ مرحلة الاستقلال إلى اليوم بوادر الدخول في مرحلة جديدة اتسمت بتحولات عميقة على مستوى البنيات الاقتصادية والاجتماعية من إعادة تشكيل للطبقات الاجتماعية وانتقال للتمركز الديمغرافي من خلال النزوح السكاني وتوسع لنشاطات على حساب أخرى زيادة متصاعدة في عدد المتعلمين والمتخرجين بالإضافة الى زيادة كبيرة في عدد التخصصات وفروع العلم المختلفة وكلها ساهمت في بلورة الوضعية الاجتماعية للمجتمع الجزائري . ي. ت وضعية علم الاجتماع في الجزائر تعيدنا إلى محاولة الربط بين هذه الوضعية والمعرفة السوسيولوجية المقدمة كإنتاج سوسيولوجي من دراسات وبحوث ومشاريع كنتاج لفهم هذه الوضعية الناجم عن الوعي بشروطها وظروفها فلا يستوجب بالضرورة التعمق في كل الإنتاج عن طريق عمليات مسح للدراسات والبحوث وتقييمها لأن الكثير من الباحثين والدارسين كانوا سباقين في جمعها وفحصها وتمحيصها وإنما الأمر المستحب هو إلقاء الضوء أو الاقتراب منها لمعرفة نقاط قوتها وضعفها والاستفادة من ربطها بالواقع الاجتماعي لمعرفة إلى أي مدى وصل هذا العلم في تحقيق أهدافه تذبذب الإنتاج السوسيولوجي الجزائري بين إنتاج غربي والاجتماعي الثري فالمعرفة في علم الاجتماع تنبع عن سيرورة تطور وتراكم وتغير شروط الواقع الاجتماعي الذي وجب علينا في هذا العلم إدراكه بحكم أن الجهل بطبائع العمران من أسباب الخطأ لدى المؤرخين لا يختلف الأمر كثيرا فانصراف الباحثين عن تناول الواقع الاجتماعي بسبب جهلهم بالأحوال الاجتماعية يجعلهم منغلقين عن أنفسهم لابل متحجرين ومتقوقعين في قوالب نظرية جامدة التي لا تتعدى نظريات ومقاربت سوسيولوجية كلاسيكية ومتموقعين في إطارالعمل الأكاديمي المؤسساتي الجامد هو الآخر الذي لا يتعدى اعتماد المسائل البسيطة والسطحية كمنظومة لعلم الاجتماع. وعليه يشكل الواقع الاجتماعي الراهن محور اهتمام مشاريع البحث الاجتماعية هذا الواقع الذي يجب أن يدرس انطلاقا من تطويرالتأمل السوسيولوجي الذي يقوم على التحرر من مخاطر الوعي الاجتماعي وتنمية وعي ذاتي سوسيولوجي قادر على تفادي مشكلات واختلالات علم الاجتماع فبقدر مايزيد تعقد وتخلف الواقع كمجال موضوعي لعمل المشتغلين بالسوسيولوجيا بقدر ما يزيد احتمال ظهور حركات جذرية تمثل نخبة تعبر عنها فئات أدركت واستوعبت وتفهمت قضايا مجتمعها ثم نزلت للساحة الاجتماعية للمشاركة التطوعية التي تندفع إليها اندفاعا ذاتيا في العمل الاجتماعي لبناء مجتمعها أيا كان نمط مشاركتها أو نوعها أو مستواها بمعنى أن لا تقف منعزلة عازفة غير مبالية إزاء مايحدث في المجتمع. فمسألة النخب أي في مجتمع وفي نظام أمر حيوي بحسب الأدوار المنوطة به حيث أصبحت صناعة النخبة أرقى فن يمارسه المجتمع المعاصر فتخضع النخب لعملية تأهيلية عالية التحكم وهي في واقعنا المعاصر تتولاها تنظيمات متطورة ومؤسسات لإعدادها وعلى رأسها المؤسسة التعليمية عامة والجامعات بشكل خاص والنجاح في إعدادها هو النجاح في بناء المجتمع والتوفيق في توجيهها في الاتجاه السليم هو الذي يحدد درجة فعاليتها وسلامة أدائها سرعة إنجازها وضمان نتائجها أما الإخفاق في توجيهها أو الخلل في إعدادها فإنه يعرض المجتمع لجميع ما يمكن تصوره من سلبيات.