يؤكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر 2، أحمد رميتة، في حديثه ل “الجزائر نيوز"، أن طرح مسألة عجز السوسيولوجيين التعمق في قضايا المجتمع وفقا لما يتماشى مع التغييرات الحاصلة، ليست جديدة، وأرجعها إلى غياب طلب المجتمع لهذا العلم مما يقلص مساهمته في تقديم حلول وإعطاء وجهات نظر استشرافية. أجمع الباحثون المشاركون في اليوم الثاني من أشغال الندوة العلمية التي ينظمها مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، بوهران، حول “إسهامات العلوم الاجتماعية والانسانية في التفكير حول التغيير" أن السوسيولوجيين أثبتوا فشلهم في معاينة نوعية التغيير بمجتمعنا وفي الإنتاج المعرفي وعدم اكتراثهم بقضايا المجتمع. ما تعليقكم على ذلك؟ الإشكال الأساسي ليس في عجز السوسيولوجيين عن الانتاج المعرفي، لكنه يكمن في غياب طلب السوسيولوجية من المجتمع، رغم أن هذا العلم يمكنه المساهمة في تقديم الحلول وفهم الظواهر وإعطاء وجهة نظر استشرافية، صحيح أننا مسؤولون عن هذا العجز، والقضية تتعلق بتحويل تنظير السوسيولوجيين إلى واقع، وفي هذا الصدد لدينا العشرات من الرسائل الجامعية والدراسات الصادرة عن مراكز البحث في علم الاجتماع، لكن لا يتم توظيفها، وهذا الأمر لا يخص الجزائر دون بقية الدول، وإنما هو مطروح بشكل عام على مستوى كل دول العالم. هل يمكنكم أن توضحوا للقارئ أسباب هذا العجز؟ لدينا اتجاهين في علم الاجتماع، الاتجاه الأول يتمثل في أن علم الاجتماع يعتبر علما نقديا للسلطة بمختلف أشكالها، سواء الدينية أو السياسية.. الخ، ما يعني أن السوسيولوجي يزعج تلك السلط، أما الاتجاه الثاني يرتكز على أن السوسيولوجية نفسها يطلب منها أن تكون أداة تكنولوجية وليست علما قائما بحد ذاته، وإذا اعتمدنا على هذا الاتجاه يظهر عجز هذا العلم، وبالعودة إلى هذه الندوة نجد أن هذا العلم عاجز بطريقة أو بأخرى لكن لا يمكن أن نشبهه ببقية العلوم على غرار الفيزياء مثلا، الكثير من الباحثين في علم الاجتماع تحدثوا عن انتشار العنف وهو ما يعد استشرافا تأكد فيما بعد، إلى جانب قضية الظاهرة الحضارية وتطبيق ذلك ليس من مهام السوسيولوجي. ضف إلى ذلك أن ما جاءت به الندوة العلمية ليس أمرا جديدا، لأنهم كانوا دائما يتحدثون عن أزمة السوسيولوجيا، والقول بأن عجز علم الاجتماع أو الخطاب السوسيولوجي عن مواكبة التغيير وإعادة إنتاج لخطاب سابق، ومن المفروض أن ننتقل إلى مستوى أعلى من ذلك، وكان على القائمين على الندوة معالجة هذا الإشكال من منظور آخر عن طريق تقديم أبحاث ميدانية جديدة. ماذا تقترحون لتجاوز هذا الإشكال؟ لا يمكن أن نتجاوز هذا الإشكال إلا إذا كان هناك طلب من المجتمع على علم الاجتماع، كما يحتاج الجسم إلى الغذاء، وبالتالي لا ينظر لعلم الاجتماع أنه عاجز عن فهم المجتمع.