بسبب الندرة وتذبذب التوزيع مواطنون في رحلة البحث عن أكياس الحليب عاد سيناريو ندرة الحليب ليطفو على السطح مرة أخرى بحيث عرفت عدة مقاطعات نقصا فادحا في توزيع المادة مما شكل طوابير طويلة من المواطنين يندى لها الجبين ونحن في الألفية الثالثة بحيث لازالت المناظر المعبرة عن البؤس ديكورا في شوارعنا مادام أننا نصطدم دوما بطوابير الخبز والحليب وإن كان الأول يتعلق بالمناسبات الدينية فإن الحليب كمادة أساسية ندرتها باتت تسجل على مدار شهور السنة مما أدى الى استياء كبير للمواطنين. نسيمة خباجة تعرف بعض الأحياء عبر الجزائر العاصمة ندرة في الحليب مما انعكس سلبا على الاستهلاك اليومي للجزائريين لتلك المادة الضرورية والأساسية خاصة مع سعرها المدعم الذي يستقر في حدود 25 دينارا وهو سعر معقول مقارنة بانواع الحليب الرفيعة والتي تصل الى 100 دينار وهو سعر لا تقوى عليه أغلب الأسر الجزائرية بالنظر الى ضعف القدرة الشرائية والرواتب الزهيدة لأرباب الأسر بحيث يبقى الخبز والحليب من المواد التي تدعمها الدولة لكن مع هذا التدعيم الذي يعتبر وجه إيجابي هناك وجه سلبي يتمثل في عدم توفر مادة الحليب التي تبقى سيناريوهاتها متواصلة وتترأس الأحاديث بين النسوة والرجال عبر الطرقات عند البحث عن كيس الحليب بصفة يومية أو يترقبون وصوله الى المحلات مرة كل يومين او ثلاثة ايام لنشاهد تلك الطوابير الطويلة والمبارزات الحامية التي يتزعمها كيس الحليب. واستاء أغلب المواطنين من تلك الوضعية التي يجتازونها بعد أن جفت أفواه أطفالهم من شرب الحليب كمادة ضرورية في الاستهلاك اليومي مثلها مثل الخبز والبطاطا كثلاثي ملزم اقترن بالعائلات المحدودة الدخل التي أصبح عنوانها البؤس والشقاء وأضحت تعاني لأجل توفير لقمة العيش للابناء. تقول السيدة عائشة إنها احتارت لأزمة الحليب وهي تقطن ببئر مراد رايس بحيث قالت إن تلك المادة غابت عن المحلات واضحينا نشاهد الصناديق الزرقاء خاوية بسبب تذبذب التوزيع وانقطاعه لأيام ويكون الضحية الزبون المغلوب على أمره فإما التوجه الى العلب الرفيعة للحليب التي لا تنزل عن 90 دينارا وإما حرمان الأطفال من تلك المادة الضرورية في نموهم وقالت إنها فضلت اقتناء مسحوق الحليب لتدارك الأمر تزامنا مع أزمة الحليب التي مللنا منها خاصة وانها أصبحت سيناريو متكرر. فيما اهتدى آخرون الى حليب البقر الذي توفره بعض النواحي بسعر 60 دينارا للتر وفضلوا ذلك الحل بدل الحرمان الكلي من تلك المادة وهو ما عبرت به السيدة وهيبة التي قالت انها تقتني لتر من حليب البقر وهو يغطي احتياجات أبنائها الثلاثة لنصف يوم أي في وجبة القهوة في الصباح وتضطر الى شراء لتر آخر في المساء مما أثر على ميزانيتها كثيرا في الوقت الذي كانت تضمن فيها الكمية بسعر 50 دينارا ارتفع السعر الى 120 دينار الامر الذي يحيرها كثيرا وقالت إنها استاءت للأمر خاصة وأن الندرة في هذه المرة استمرت لوقت طويل واحتارت في كيفية توفير المادة لأبنائها. اقتربنا من بعض أصحاب المحلات للاستفسار عن أسباب الندرة فاجمعوا أن ألامر هو خارج عن إرادتهم وان تذبذب التوزيع وانعدامه أصلا في بعض المقاطعات أدى الى تسجيل الندرة في المادة كما ان الإقبال الكبير والمتزايد للمواطنين وأخذ ضعف الكمية في حال توفر الحليب أدى الى حرمان آخرين من المادة لاسيما وأن الندرة غيرت طبيعة استهلاك الجزائريين لمادة الحليب وكان من الأجدر حل الإشكال وتوفير المادة بصفة يومية لكي نقضي على تلك العادات السيّئة التي لم تتولد من العدم بل لها مسبّبات.