أساطير كرة القدم الجزائرية (الحلقة السادسة) دريد نصر الدين.. ليف ياشين إفريقيا حديثنا عن نجوم قدماء المنتخب الجزائري يتواصل حيث سنتحدث في حلقة هذا العدد عن الحارس نصر الدين دريد الذي يصنفه الكثيرون واحد بين من الحارس الكبار الذين أنجبتهم الملاعب الوطنية ويكفي أن نقول بشأنه انه كان من بين المساهمين في بلوغ نهائيات كأس العالم بالمكسيك 1986. ترى من هو دريد نصر الدين؟ أين ولد؟ متى بدأ مداعبته لكرة القدم؟ ماهي أهم محطاته الكروية؟ وكيف كانت نهايته مع الساحرة ؟ واين هو الآن تلكم من بين الأسئلة التي سنجيبكم عنها في حلقة هذا العدد. 22 جانفي 1957 دريد ولد بحي سيدي يحيى بمدينة تبسة ولد نصر الدين دريد في أقصى الشرق الجزائري بمدينة تبسة وبالضبط بحي سيدي يحيى يوم 22 جانفي 1957 وسط عائلة رياضية فوالده ناصر كان لاعبا في فريق الكويف وهو إحدى بلديات ولاية تبسة. أولى خطوات نصر الدين دريد مع الكرة المستديرة كانت في حي مسقط رأسه سيدي يحي عام 1967 أي بعد بلوغه سن العاشرة. عرف عن نصر الدين درين عن حبه لحراسة المرمى لدرجة انه كلما خاض أي لقاء مع فرق حييه الا ويقول لزملائه انا الحارس فكان المهيمن على حراسة المرمى. بعد بلوغه سن الثانية عشر بدأت عبقرية دريد تتضح إلى العيان خاصة بعد أن أثبت مكانته في الفريق الذي كان يلعب له كحارس مرمى بارع الأمر الذي جعل أبناء حييه الكبار يلقبونه باسم حارس الاتحاد السوفياتي الراحل ليف ياشين. دريد كان مدربا لكرة اليد العودة إلى كرة القدم والبداية الحقيقية لناصر مع الشباك بعد انتقال ناصر دريد إلى إحدى الإكماليات بحي سيدي يحيى وجد نفسه حارس مرمى لفريق إكماليته لكن ليس في الرياضة التي أحبها بل في رياضة كرة اليد حيث اختاره أحد المعلمين المشرفين على فرق الكمالية الحارس الأساسي. دريد لم يعارض الفكرة واستجاب لطلب مدربه وكان عند حسن ظنه إذ قاد فريق الكمالية إلى تحقيق الكثير من الانتصارات نال على إثرها دريد الإعجاب والتقدير فحصل على أكثر من شهادة تقديرية. بعد تألقه الكبير مع فريق أكمالية حي سيدي يحي بمدينة تبسة عاد ناصر دريد إلى رياضته المفضلة كرة القدم لكن هذه المرة ليس إلى فريق الحي بل إلى فريق اتحاد تبسة الفريق الذي كان ينشط في القسم الوطني الثاني كان عمر ناصر آنذاك 15 سنة حيث انضم إلى الفئات الشبانية لهذا الفريق ومنه كانت البداية الحقيقية لناصر مع المجد والشهرة. الثقة في النفس والهدوء والرزانة تأثر بليف ياشين وأعجب بعبروق يقول ناصر دريد عن بدايته الكروية انه كان معجبا إلى درجة لا توصف بكل من الحارس الجزائري محمد وعبروق الذي كان يتولى حراسة شباب بلوزداد أما دوليا فكان معجبا بالحارس الألماني ستيف مايير إلى درجة انه كان يقلدهما في كل صغيرة وكبيرة لكن تأثره الكبيرة كان بالحارس الروسي السابق ليف ياشين الذي لم تعرف ملاعب العالم مثله إلى الأبد. كان يرى في هؤلاء الحراس مثله الأعلى لدرجة أن تعلم من هؤلاء كثيرا. من بين المميزات التي كان يمتاز بها نصر الدين دريد الثقة في النفس والهدوء والرزانة لكن مع مرور الأيام والسنوات أضاف دريد إلى نفسه الحدس والتمركز الجيد الأمر الذي جعله محل أطماع الكثير من الفرق الجزائرية خاصة الأندية الشرقية باعتبار ان ناصر كان يحرس فريقا ينتمي إلى المنطقة الشرقية للوطن. قبل بلوغه سن الثامنة عشر من اتحاد تبسة إلى اتحاد الحراش لم يجد ناصر دريد أي صعوبات في شق طريقه نحو النجومية فقبل ان بلوغه سن الثامنة عشر كان الحارس الأساسي لفريق اتحاد تبسة الأمر الذي جعل طموحاته تكبر وتكبر وتمنى حينها ان يلعب لفريق جزائري كبير. بعد استدعائه لأداء الخدمة الوطنية في منطقة الوسط فضل ناصر دريد ان يحرس شباك فريق اتحاد الحراش لكن وبالنظر لوجود الحارس القوي بلكحل فوت على ناصر فرصة تألق والبروز لكن حتى وإن لعب بعض المقابلات إلا أن دريد ترك انطباعا جيدا لدى الأواسط الرياضية لفريق الكواسر . سنة في اتحاد الحراش كانت كافية ليتعلم دريد الكثير من الأشياء التي كان يفتقدها حين كان في فريق اتحاد تبسة ومنها على وجه الخصوص البعد عن الأهل والأقارب والأحباب. بعد الحراش.. دريد في مولودية وهران بعد اتحاد الحراش فضل دريد ناصر الانتقال إلى الغرب الجزائري حيث حط رحاله بفرق الحمراوة فريق الباهية فريق الأمجاد والبطولات وصوله إلى هذا الفريق شكل منعرجا حاسما في مسيرة الحارس ناصر دريد كيف لا وانه بات الحارس الأمين لفريق كان من بين أقوى النوادي الجزائرية وقد مكن اعتزال الحارس الأسطورة لمولودية وهران سبع الفرصة لفرض مكانته فكان عند حسن ظن من استقدموه إلى هذا الفريق الكبير. تألق ناصر في فريق الحمراوة مكنه من شق طريقه إلى المنتخب الوطني لكن أمله الكبير كان هو المشاركة مع المنتخب في إحدى الدورات الكبيرة وتحقق له ذلك سنة بعد انضمامه إلى فريق الحمراوة بتأهل المنتخب الوطني إلى مونديال المكسيك. بداية من سنة 1985 خليفة سرباح في الخضر كل من شاهد ناصر دريد وهو يداعب الكرة بين الخشبتين في مطلع الثمانينيات قالوا عنه ان مكانته كانت ضمن المنتخب الوطني لكن من الذي كان سيقدر على إزاحة الحارس العملاق انذك للمنتخب مهدي سرباح وهو الحارس الذي أخر بنسبة كبيرة بروز ناصر دريد ضمن المنتخب على غرار الكثير من حراس جيله. اعتزال مهدي سرباح اللعب دوليا في دورة كاس أمم إفريقيا عام 1984 بكوت ديفوار فتحت الأبواب على مصراعيها للحارس ناصر دريد خاصة وانه كان الحارس الثاني للمنتخب في تلك الدورة فكان من البديهي ان يخلفه في المنتخب. البداية الحقيقية لناصر دريد مع المنتخب الوطني في إقصائيات كأس أمم إفريقيا والعالم لعام 1986 لكن إذا كانت دورة مصر الأفريقية قد فشل فيها من فرض مكانته في المنتخب خاصة في اللقاء الثالث أمام الكاميرون بتلقي شباكه ثلاث أهداف كاملة أقصت المنتخب من المنافسة في الدور الاول لكن في الأدوار الاقصائية ساهم ناصر دريد بنسبة كبيرة في بلوغ الأدوار النهائية لكل من كاس أمم إفريقيا والعالم. ومن بين المباريات التي لن تغيب من ذاكرة الجمهور الرياضي الجزائري والتي خاضها دريد وساهم فيها بنسبة كبيرة في تألق منتخبنا الوطني تلك التي لعبها في مثل هذه الأيام من عام 1985 بالعاصمة الزامبية لوزاكا أمام المنتخب المحلي برسم الدور ما قبل الأخير من تصفيات كاس العالم التي جرت في السنة الموالي في المكسيك. فبعد انتهاء لقاء الذهاب بملعب 5 جويلية بفوز منتخبنا الوطني بهدفين لصفر كان لقاء العودة في غاية الصعوبة كون المنتخب الزامبي الذي كان يقوده النجم الكبير كالوتشا لا يقهر بميدانه زد على ذلك ان الظروف التي أحيطت باللقاء لم تكن بجانب العناصر الوطنية. في مثل هذه الأيام من 1985 دريد ولقاء زامبيا التاريخي من بين المباريات الكبيرة التي خاضها دريد خلال مسيرته الكروية تستوقفنا مواجهة زامبيا التي جرت في صائفة عام 1985 في إياب الدور الثاني لتصفيات مونديال المكسيك 1986. فأمام حوالي 50 ألف متفرج بملعب الاستقلال بلوزاكا دخل المنتخب الوطني اللقاء بقيادة الحارس دريد بإرادة وعزيمة كبيرة لافتكراك ورقة الترشح إلى الدور الإقصائي الأخير. تحمل دريد عبء المباراة فكانت تدخلاته تثير شكوك الزامبيين وبما ان الشعوب الأفريقية السوداء تؤمن بالسحر والشعوذة راح احد الشباب المكلفين بإعادة الكرات إلى الميدان بسرقة قبعة الحارس دريد الذي كان من الحين لآخر يضعها بالقرب من قائم مرماه دريد لم يبال بشكوك الزامبيين وواصل المباراة بنفس العزيمة والإرادة إلى ان مكن اللاعب بن سحاولة في الأنفاس الأخيرة من الوصول إلى شباك الزامبيين كان بمثابة ضربة قاضية على المنتخب المحلي سرعان ما أعلن الحكم النيجيري نهاية اللقاء بفوز منتخبنا الوطني عن جدارة واستحقاق واعترافا لما قدمه دريد في ذلك اللقاء راح اللاعبون الجزائريون يحملونه فوق أكتافهم. أمام التونسيين.. دريد أسد الأسود كرر دريد نفس المشهد أمام التونسيين فرغم ان المنتخب التونسي كان يتشكل من ارمادة من اللاعبين الكبار يقودهم الهرقال وبن يحي والحارس شوشان الا ان شبان الجزائر بقيادة درين هزوا شباك التونسيين برباعية تاريخية لن ينساه جيراننا إلى وقتنا الحاضر. دريد أمام المنتخب التونسي لعب واحدة من احسن مبارياته الكروية فرغم هدف السبق لأصحاب الأرض الا ان ذلك لم يؤثر على معنويات الحارس دريد فتدخلاته الرائعة والجميلة أعطت دفعا معنويا لزملائه بقيادة رابح ماجر وصالح عصاد والتاج بن سحاولة. فانهى المنتخب اللقاء بفوز تاريخي 4/1 لكن الفضل في هذه النتيجة في نظر المدرب الوطني انذاك والحالي رابح سعدان تعود إلى الدور الكبير الذي قام به الحارس نصر الدين دريد فتدخلاته الرائعة هي التي أعطت الشحنة التي كان يفتقدها اللاعبون الأمر الذي مكننا قال سعدان من هزم التونسيين بالأداء والنتيجة وقد كرر دريد نفس المشهد في لقاء العودة الذي جرى بملعب 5 جويلية الذي انتهى بفوز ساحق للخضر 3/0. بعد الخيبة في مصر 1986 أداء رجولي أمام إيرلنداوالبرازيل في مونديال 1986 تعتبر دورة أمم إفريقيا 1986 التي جرت بمصر من بين الدورات التي لا يحبذ دريد تذكرها بعد خروج منتخبنا في الدور الاول بتسجيله لتعادلين بدون اهداف أمام كل من المغرب وزامبيا وخسارة قاسية أمام الكاميرون 3/2 وهي الخسارة التي اضرت بنسبة كبيرة في إمكانيات اللاعبين خاصة وان منافسات كاس العالم كانت على الأبواب. بعد أدائه لقاء رجولي في اللقاء الاول أمام المنتخب الايرلندي الشمالي في اول لقاء لمنتخبنا في مونديال المكسيك بتعادله بهدف لمثله بتصديه للكثير من محاولات الايرلنديين التي كان يقودها نجم مانشيستر يونايتد انذاك الشاب واتسايد الذي كان يبلغ من العمر 17 سنة. اللقاء الثاني الذي لعبه منتخبنا الوطني أمام منتخب الصامبا البرازيل قدم كل ما يملك من قوة وقد إبان الحارس ناصر دريد علة مهارات كبيرة لكن كل تلك المهارة احرفها اللاعب مجادي اثر خطا فادح في الربع ساعة من الشوط الثاني مكن اللاعب البرازيلي الخطير كاريكا من الوصول إلى شباك الحارس دريد هدف ابكى ابن مدينة تبسة كثيرا كونه لا يتحمل مسؤولية تسجيله وهو الهدف الذي هزم منتخبنا الوطني أمام البرازيل الذي لا يستحق الفوز علينا بشهادة عمالقة اللعبة انذك. دريد وغويكتشيا والإصابة اللعينة اللقاء الثالث الذي خاضه دريد رفقة منتخبنا الوطني في مونديال المكسيك كان أمام المنتخب الاسباني وهو اللقاء الذي كان ان يودع فيه دريد ملاعب كرة القدم وهو في عز عطائه اثر تعرضه إلى إصابة خطيرة على مستوى الكتف يقف وراءها الجلاد الاسباني غو يكتشيا فبعد ان لاحظ هذا الأخير ان من الصعب على زملائه الوصول إلى شباك الحارس دريد والنيل منه راح يستعمل ضده كل الوسائل اللارياضية وبما ان الاسباني غويكتشيا معرفو في الملاعب بجلاداته وهو الذي تسبب في إصابة اللاعب الأرجنتيني مارا دونا بعد انضمامه إلى فريق البارصا عام 1983. إصابة دريد في اللقاء شكل نقطة تحول لمصلحة الأسبان الذي تمكنوا من تسجيل ثلاثة أهداف كانت كافية لتبعد منتخبنا الوطني من ذلك المونديال وتعيده إلى ارض الوطن لكن ما قدمه دريد في تلك الدورة سيبقى راسخا في سجل وأرشيف المونديال. في المغرب لعنة الإصابات تطارد دريد طاردت لعنة الإصابات دريد مع المنتخب الوطني ففي آخر لقاء تصفوي لمونديال ايطاليا الذي جرت أدواره النهائية في عام 1990 التقى منتخبنا الوطني بملعب ناصر بالقاهرة يوم 17 نوفمبر وكان على العناصر الوطنية مطالبة بالفوز على الأقل بهدف او بالتعادل الايجابي لضمان الترشح إلى الأدوار النهائية بحكم لقاء الذهاب الذي انتهى بالتعادل السلبي وبما ان المصريين كانوا يدركون صعوبة المأمورية وكانوا يرون أن الوصول إلى شباك الزائر يمر الا بإبعاد الحارس دريد من اللقاء كان لهم ذلك فبعد دقيقتين من البداية تعرض دريدج إلى إصابة خطيرة ورغم الخشونة التي اعتمدها المصريون على درين اثناء تسجيلهم الهدف الوحيد في اللقاء الا ان الحكم الايطالي احتسب الهدف ولم يبال باحتجاجات اللاعبين الجزائريين وهي الإصابة التي كانت سببا في وضع خد لمسيرة دريد مع المنتخب الوطني فرغم قصرها خمس سنوات الا أنها كانت مليئة بالانتصارات والأفراح. خاض نصر الدين دريد في بداية التسعينيات تجربة احترافية في المملكة المغربية حيث حرس لموسم واحد الرجاء البيضاوي ليعود إلى ارض الوطن. الاعتزال في وداد مستغانم بعد عودته إلى أرض الوطن انضم نصر الدين دريد إلى فريق اتحاد بلعباس حيث لعب له موسمين. بعد اتحاد بلعباس انتقل دريد نصر الدين إلى وداد مستغانم وهو الفريق الذي كان أخر فريق دافع دريد عن ألوانه وذلك في مطلع صائفة 1995 بعد بلوغه سن ال38. دريد المدرب أشرف نصر الدين دريد بعد اعتزاله الكرة الإشراف على الكثير من الفرق البداية كانت مع وداد مستغانم وبعدها اشرف على تدريب اتحاد بسكرة كما درب اتحاد بلعباس ومولودية وهران ومولودية العلمة فأولمبي أرزيو.