إعداد: كريم مادي مصطفى دحلب محبوب الأمراء كان ولازال مصطفى دحلب من بين أحسن الأسماء التي لعبت للمنتخب الوطني القادمة من فرنسا والتاريخ لا يزال يحمل في طياته حين رفض اللعب للمنتخب الفرنسي في منتصف السبعينيات حيث فضل أداء الخدمة الوطنية بالجزائر تاركا ناديه الفرنسي باريس سان جرمان وهو الذي كان يصنع أمجاده في تلك الفترة فبقدر ما خسر حب الفرنسيين بقدر ما زادت شعبية مصطفى في الجزائر. عائلته انتقلت إلى فرنسا قبل سنة من الاستقلال دحلب ولد ببجاية يوم 8 فيفري 1952 ولد مصطفى دحلب في الثامن فيفري 1952 أي قبل اندلاع الثورة التحريرية 28 شهرا تقريبا وهذا بمدينة بجاية من عائلة ميسورة الحال الأب كان عاملا بأحد الشركات الفرنسية. بداية مصطفى دحلب مع رياضة كرة القدم كانت ككل الجزائريين تعيش تحت ضغط الاستعمار في شوارع مدينة بجاية وهو في سن صغير وقد أبان دحلب في سنواته الأولى من ممارسته لكرة القدم مستوى فني كبير حيث كان يجيد لعب الكرة على شاكلة اللاعبين الكبار. قبل استقلال الجزائر بسنة واحدة انتقلت عائلة مصطفى دحلب إلى فرنسا واستقر بها المقام بمدينة سودان وفور انتقال عائلة إلى مدينة سودان راح الفتى مصطفى يمارس هوايته المفضلة رياضة كرة القدم الأمر الذي أدهش أبناء حييه بفنياته الرائعة فكان من البديهي أن تصل سمعة مصطفى دحلب مدرب الفئات الصغرى بنادي سودان حيث طلب منه الانضمام لمدرسة الفريق وعمره لم يكن يتجاوز الثانية عشر. تنبأ له الجميع بمستقبل زاهر الانطلاقة من نادي سودان الانطلاقة الحقيقية لمصطفى دحلب مع كرة القدم كانت بنادي مدرسة سودان الفرنسية وعمره لم يكن يتجاوز الثانية عشر ولم يخيب الصغير مصطفى ظن مدربه فنال الاحترام والتقدير من طرف الجميع فقد تنبأ له الجميع بمستقبل زاهر في كرة القدم وهو الذي تحقق فيما بعد. لعب مصطفى دحلب لجميع الأصناف الشبانية لفريق نادي سودان الفرنسية وقد أبدع في جل المباريات التي كان يخوضها الأمر الذي دفع بمدرب المنتخب الفرنسي للأشبال أن استدعاه دالت مرة للعب لمنتخب فرنسا للأشبال لكن والد مصطفى دحلب رفض ذلك ولم ييأس الاتحاد الفرنسي من رفض والد مصطفى دحلب بانتقال ابتعه إلى المنتخب الفرنسي للشباب فاستدعاه ثانية لمنتخب الأواسط لكن إصرار الوالد جعله معرضا للطرد من الشركة التي كان يزاول فيها عمله الأمر الذي دفع برئيس نادي سودان التدخل شخصيا والتوسط بينه وبين مدير الشركة التي كان يزاول فيها عمله لتلطيف الأجواء. 1969 دحلب في أكابر سودان تم ترقية مصطفى دحلب إلى أكابر نادي سودان في سنة 1969 أي بعد بلوغه سن السابعة عشر وبذلك يعد دحلب من بين أصغر اللاعبين الذين لعبوا لأكابر نادي سودان في سنة السابعة عشر. دحلب وبالرغم من مرور أكثر من 45 سنة على أول مباراة لعبها مع أكابر نادي سودان إلا أنه لا يزال يتذكر تلك اللحظة التي طلب منه مدرب أكابر نادي سودان الالتحاق بالتدريبات مع أكابر الفريق يقول دحلب في احدى حواراته كان ذلك في أمسية باردة فما أن خرجت من غرفة تغيير الملابس بعد إجرائي لحصة تدريبية عادية مع أواسط الفريق وإذا بمدرب الأكابر يطلب مني مرافقته إلى مكتبه كنت رفقة اثنين من زملائي اللاعبين أحداهما من جنسية مالية فقال لي انتم من الآن ضمن أكابر الفريق كنت أنا أصغرهم . ويضيف يقول دحلب لم اتفاجأ بقرار ترقية إلى أكابر نادي سودان كونة مدرب الأواسط كان قد أشعرني من قبل أنني سيتم ترقيتي إلى صنف الأكابر . هكذا كانت بداية دحلب مع أكابر نادي سودان وهي الانطلاقة التي سيبهر بها الجميع حيث سيتحول بين عشية وضحاها من لاعب مغمور إلى لاعب أسال الكثير من حبر الصحفيين فالكل كان يجمع في تلك الفترة أن مصطفى دحلب سيكون له شأن كبير في عالم كرة القدم. دام بقاء مصطفى دحلب في نادي سودان ثلاثة مواسم لكن ولصغر سنه لم يقدم الكثير مع أكابر الفريق فجل المباريات التي خاضها إما كاحتياطي أو لعبها لبضع دقائق وبالرغم من ذلك إلا أن دحلب لم يكن يعرف اليأس والملل وظل محافظا على معنوياته كونه كان يثق تمام الثقة انه سيلعب ذات يوم لنادي كبير. من أجل أداء الخدمة الوطنية مصطفى رفض اللعب لأولمبيك مارسيليا فاجأ مصطفى دحلب في سنة 1971 الجميع بما في ذلك الجزائريين باستجابته لنداء الوطن بأداء الخدمة الوطنية وهو الذي كان محل إعجاب العديد من الأندية الجزائرية منها اولمبيك مارسيليا حيث طلب خدماته مقابل مبلغ مالي مغر وفي الوقت الذي أبدت فيه إدارة ناديه سودان موافقته لانتقال دحلب إلى فريق الجنوب الفرنسي نادي اولمبيك مارسيليا دحلب قال لا الأولوية ليس اللعب لنادي مارسيليا بل أدائي الخدمة الوطنية بين أبناء بلدي الجزائر. اختيار دحلب أداء الخدمة الوطنية سنتين بالجزائر على حساب اللعب لنادي الاولمبيك مارسيليا تحول إلى مادة دسمة في كتابات الصحف الفرنسية فحتى وان اختلفت نوعية الكتابات إلا أن الجميع تساءل عن السر الذي جعل دحلب وهو في بداية مسيرته الكروية يختار الانتقال إلى الجزائر لأداء الخدمة الوطنية على اللعب لنادي بحجم اولمبيك مارسيليا. وقبل أن يحزم ابن مدينة بجاية حقيبته ليمتطي الطائرة المتوجهة من باريس إلى الجزائر العاصمة خص صحيفة فرانس فوتبول الشهيرة بحوار قال فيه: حبي لوطني الجزائر قبل أموال مارسيليا . هكذا قال دحلب قبل أن يعود إلى أرض أجداده الأرض الذي سيترك فوقها دمه خلال أدائه الخدمة الوطنية باختياره اللعب لنادي شباب بلوزداد. لعل الكثير قد يتساءل لماذا اختار مصطفى دحلب اللعب لفريق شباب بلوزداد دون غيره من الأندية الجزائرية في تلك الفترة وفي مقدمتها فريقي اتحاد العاصمة ومولودية الجزائرية خاصة هذا الأخير المتوج بكاس الجزائر لسنة 1971 يجيب دحلب في حوار كان قد خصنا به في منتصف التسعينيات بقوله لست أنا الذي اخترت اللعب لفريق شباب بلوزداد بل والدي هو الذي اختار لي هذا الفريق فلم أعارض طلبه كونه كان معجبا بفريق الشباب كيف لا وهو الذي كان يضم في تلك الفترة أحسن الأسماء الوطنية يتقدمهم الأسطورة حسن لالماس . كما سبق الذكر دام بقاء مصطفى دحلب في الجزائر سنتين كاملتين وهي الفترة المحددة لأداء الخدمة الوطنية وبالرغم من الأسماء الرنانة التي كانت تزخر بها تشكيلة الشباب نذكر منهم الحارس الكبير محمد عبروق ومختار كالام وحسن لالماس وعاشور إلا أنه لم ينل أي لقب وطني مع الشباب وقد تمنى آنذاك مصطفى دحلب ان يعود من حيث قدم فرنسا أن يتوج ولو بلقب واحد بألوان الشباب لكن الحظ خانه. لكن حتى وان لم ينل دحلب أي لقب مع الشباب إلا أنه لا يزال يصف الفترة التي لعب فيها لفريق الشباب من بين أحسن الفترات في حياته الكروية ويكفيني شرفا -يقول دحلب- أنني لعبت في عز شبابي لفريق شباب بلوزداد. عشرة مواسم في الفريق الباريسي العودة إلى نادي سودان.. فباريس سان جرمان بعد إنهائه فترة الخدمة الوطنية التي دامت سنتين من 1972 إلى 1974 عاد من جديد مصطفى دحلب إلى نادي سودان الفرنسي ولعب له موسم واحد لينتقل بعدها إلى فريق باريس سان جرمان مقابل مليوني فرك فرنسي وهو مبلغ كبير في تلك الفترة دحلب لم يخيب ظن الباريسيين حيث قاده بفضل قدميه الذهبيتين إلى الفوز بكأس فرنسا مرتين سنة 1982 و1983. دام بقاء مصطفى دحلب في النادي الباريسي عشرة مواسم كاملة صنع فيها مجد باريس سان جرمان بنيله أكثر من لقب وطني من صنعه الخاص ولا يزال الباريسيون يتذكرون لمحات ابن الجزائر مصطفى دحلب إلى حد اللحظة. لعب دحلب في الموسم الأول مع نادي باريس سان جرمان (1974/1975) 29 مباراة سجل 13 هدفا وفي الموسم الموالي 1975/1976 لعب دحلب 32 مباراة سجل 12 هدفا وفي الموسم الثالث 1976 / 1977 لعب دحلب 38 مباراة سجل 22 هدفا وهو الموسم الذي اختير فيه أحسن لاعب في الدور بالفرنسي. وفي موسم 1977/1978 لعب دحلب 26 مباراة سجل تسعة أهداف فقط وفي موسم 1978/1979 لعب دحلب 21 مباراة سجل ستة أهداف وفي الموسم الموالي 1979/1980 لعب دحلب 27 مباراة سجل ستة أهداف وفي موسم 1980/1981 لعب دحلب 20 مباراة سجل ستة أهداف وفي موسم 1981 / 1982 لعب دحلب 22 مباراة سجل ثمانية أهداف وفي موسم 1982/1983 لعب دحلب 29 مباراة سجل سبعة أهداف وفي الموسم الأخير له مع الفريق الباريسي 1983/1984 لعب دحلب 22 مباراة سجل أربعة أهداف حينها كان يبلغ دحلب 32 سنة فقرر ترك النادي الباريسي والانتقال إلى نادي نيس الفرنسي. جوان 1984 الأسطورة يقود نيس إلى الدرجة الأولى.. ويعتزل بعد قضائه 10 سنوات كاملة في البي أس جي موموس يغادر هذا الفريق نحو فريق نيس في جوان 1984 الفريق الأخير الذي يحمل ألوانه كلاعب فكان فأل خير على هذا الفريق بإعادته إلى دوري الأضواء بعد أن سجل له 14 هدفا من بين 26 مقابلة لعبها ويبقى الهدف الذي سجله في آخر جولة أمام نادي رامس أحسن ما سجل فريق نيس وهو الهدف الذي صعد به نيس إلى بطولة القسم الممتاز في الدوري الفرنسي ليعلن بعدها مصطفى دحلب اعتزاله الكرة رافضا العديد من العروض التي توصل بها بعد أن قضى 16 سنة فوق الملاعب منها 14 سنة كلاعب محترف وسنتين في فريق شباب بلوزداد. الفرنسيون أسموه موموس مجلة فرانس فوتبول الفرنسية تتذكر دحلب أصدرت مؤخرا مجلة فرانس فوتبول الفرنسية تقريرا مطولا تناولت فيه أبرز وأفضل اللاعبين الأجانب الذين لعبوا في الدوري الفرنسي على مدار تاريخه وضمت القائمة اسم لاعب عربي وحيد ويتعلق الأمر بالظاهرة الكروية مصطفى دحلب (66 سنة) أو موموس مثلما كان يحلو لعشاق ناديه باريس سان جيرمان مناداته عندما كان يلعب لناديهم عشر سنوات في الفترة ما بين 1974-1984 وحل دحلب في المركز ال39 من الترتيب بفضل ما قدمه لناديه حيث ساهم بشكل كبير في نيله لقبين يظلان من أغلى الألقاب عند الجمهور هما كأس فرنسا عامي 1982 و1983 كما قدم خلال 267 مباراة التي خاضها بالدوري الفرنسي أداء لافتا بفضل يسراه الساحرة ومراوغاته المتميزة وأهدافه الرائعة التي بلغت 84 هدفا ما حوله إلى معبود الجماهير الفرنسية منافسا للنجم الفرنسي ميشال بلاتيني. كان دحلب يلهب جمهور ملعب حديقة الأمراء في باريس بلمساته السحرية التي لا تزال ذاكرة محبي البي اس جي إلى درجة ان جميع الباريسيين أطلقوا عليه محبوب الأمراء ولا يزال أنصار باريس سان جرمان تحتفظ بتلك الصور الرائعة لمصطفى دحلب بالرغم من مرور أكثر من ربع قرن من اعتزاله الكرة وبأهدافه الكثيرة والرائعة والتي جعلت منه خامس هداف في تاريخ النادي بعد الأورغوياني كفاني والسويدي زلاتان ابراهيموفيتش والبرتغالي باوليتا والفرنسي دومنيك روشتو بعدما سجل 98 هدفا رغم أنه ليس مهاجما صريحا. لعب 17 مباراة دولية مسيرة دحلب مع الخضر مصطفى دحلب الذي استنجدت به الجزائر من أجل مغامرة تصفيات مونديال 1978 بالأرجنتين فشل في المهمة بعد خروج اشبال المدرب رشيد مخلوفي أمام المنتخب التونسي ولكن حلمه الكبير تحقق بلعب كأس العالم عام 1982 وكان حينها على مشارف الثلاثين وساهم دحلب في الفوز التاريخي على ألمانيا بقيادته للقطة الهدف الثاني لعب دحلب 17 مباراة دولية سجل ثلاثة أهداف فقط. بالرغم من اعتزاله الكرة سنة 1985 حب أبدي للجزائر ولكرة القدم وقرر دحلب اعتزال اللعب عام 1985 وبقي وفيا للجزائر بزيارته لها ومشاركته من دون أن تصله الدعوات في لقاءات اعتزال النجوم الجزائريين دحلب الذي لم ينل حقه وبقي مبعدا عن الساحة الجزائرية تم تكريمه عام 2005 في باريس بوسام فارس جوقة الشرف الفرنسي وحاول دحلب كما أخبرنا أن يُورث فنياته النادرة لابنه الأكبر ولكن الابن اختار حراسة المرمى وبالرغم من ذلك تألق وأصبح حارسا أساسيا في الفرق الصغيرة للنادي الباريسي إلى أن أصيب بكسر أبعده مدى الحياة عن الميادين وللذين نسوا دحلب الرجل المتواضع الذي يأخذ أول طائرة إلى الجزائر إذا سمع بمباراة خيرية وحرموه حتى من دعوة لحضور مباريات الخضر فإن باريس سان جرمان خصصت له مقعد باسمه في كل مقابلة.