الشيخ أبو إسماعيل خليفة ها نحن نودع عاما هجريا ونستقبل عاما جديدا وليس من السنة أن نحدث عيدا لدخوله أو نعتاد التهاني باستقباله.. ولكن يجب أن نعلم أنه عند ما ينقضي العام لا نظن أننا عشناه بل في الحقيقة قد مِتناه لأنه كلما ازداد عمر الواحد منا سنة في العدِّ نقصت من عمره سنة في الحقيقة ورحم الله الحسن البصري رحمه الله إذ قال: يا بن آدم إنما أنت أيامٌ مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك .. . كفى واعظاً للمرء أيام دهره * تروح له بالواعظات وتغتدي ما أسرع تصرم الأيام وانقضاء الشهور والأعوام كيف مضى عام بهذه السرعة؟. إننا نعجز أن نمسح صفحة الماضي ولكن قد نقدر أن نصنع صفحة الحاضر. فحياتنا كورق الشجر يخضُر في الربيع ويصفر ويسقط في الخريف .. يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار النور: 44. يحكي أنّ أحدهم كان مولعاً بالسفر مغرماً باللهو وحدث أنه زار ذات يوم إحدى المدن.. وقد ضمّن برنامجه زيارة لمقبرة المدينة.. وبينما هو يسير بين القبور متأملاً قد رقّ قلبه وسكنت روحه وإذ به يجد لوحة على أحد القبور وقد كُتب عليها: (فلان بن فلان ولد عام 1934ومات سنة 1989 ومات وعمره شهران) امتلكته الدهشةُ ونال منه العجب!. فتوجه نحو حفار القبور وسأله عن هذه المفارقة رد عليه حفارُ القبور: نحن في مدينتنا نقيس عمر الإنسان بقدر إنجازاته وعطاءاته وليس بحسب عمره الزمني فرد عليه صاحبنا وكان ذا دعابة وطرافة: إذا وافني الأجلُ في مدينتكم.. فاكتبوا على قبري: هذا الرجل مات قبل أن يولد. إيه .. كم من أناس وللأسف أمثال هذا .. رضوا بأن يكونوا مع الخوالف.. لا يقدمون ولا يؤخرون.. لا إنجازات تذكر.. ولا عطاءات تشكر. فرويدكم أيها المباركون لا تظنون أن الخلود لكم أو حتى طول العمر بضمانكم فكم سيموت من خلق نهاية هذا العام؟ وكم سيمرض من صحيح؟ وينشغل من فارغ؟ ويضعف من قوي؟. فاغتنموا الحياة قبل انقطاع العمل . واطرحوا الحاجة بين يدي الكريم. أمدّ الله أعماركم أعواما عديدة وأزمنة مديدة على طاعة وحسن عمل.. فاللهم يا ربنا اغفر لنا ما سلف ووفقنا للعمل فيما يرضيك فيما بقي. اللهم إن كتبت لنا أن نعيش إلى مثل هذا اليوم من قابل فاستعملنا في طاعتك وجنبنا معصيتك وإلا فاكتب لنا بفضلك وكرمك حسن الخاتمة برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين..