الأخبار المزيفة والإشاعات تغزو مواقع التواصل ** * الفيسبوك يتحول إلى منصة لتصفية الحسابات يبدو واضحا أن تصاعد الإجرام الإلكتروني واستخدام التكنولوجيا في الإساءة للأشخاص والمؤسسات قد بات مصدر قلق للحكومة التي ارتأت التحرك بشكل قانوني تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية حيث يُرتقب الإفراج عن نص قانوني جديد يتخصص في محاربة الجريمة الإلكترونية التي تحولت إلى صانعة للحدث عبر وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة.. وتسبب الاستعمال الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها الفيسبوك الذي تحول إلى منصة لتصفية الحسابات المختلفة سياسيا واجتماعيا في تغيير طريقة تعامل وسائل الإعلام مع المعلومة وأصبح لنقل الأخبار المتداولة في العالم الافتراضي أبعاد خطيرة على الواقع خاصة حينما يتعلق الأمر بنشر الأخبار المزيفة (fake news). ويعاني الأفراد العاديون والشخصيات العمومية وكذا مختلف المؤسسات من تفشي هذه الظاهرة التي نقلت مفهوم الإشاعة من المعنى التقليدي للخبر غير الصحيح الذي تتناقله الألسن إلى أخبار مزيفة تنتقل بسرعة وفي رقعة جغرافية واسعة إلى أكبر عدد من المتلقين حيث أصبح بإمكان أي شخص تلفيق وقائع أو اتهامات لأي شخصية أو مؤسسة دون الأخذ بعين الاعتبار العواقب المنجرة عن هذا الفعل الذي يعتبر جريمة الكترونية . قانون لردع مجرمي الأنترنت توشك وزارة العدل على الانتهاء من إعداد قانون يتعلق بمحاربة الجريمة الإلكترونية والتصدي لها وذلك تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية التي تضمنتها رسالته الأخيرة بمناسبة اليوم الوطني للمحامي حيث تولي السلطات العمومية أهمية كبيرة لهذا الموضوع. كما تعتبر الجزائر من بين الدول التي تنادي باتفاقية دولية للأمم المتحدة تتعلق بمسألة حماية المعطيات الشخصية في استعمال الوسائل ذات العلاقة بالتكنولوجيات الحديثة. وقد أكد وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح مؤخرا على أهمية تعزيز المنظومة التشريعية المتعلقة بمحاربة هذه الجريمة الخطيرة التي تتسبب في بعض الأحيان في تخريب العائلات بأكملها وما لها من أثر سلبي على استقرار المواطنين والمجتمع ومن ثمة البلاد ككل مجددا دعوته للنيابات العامة ومصالح الضبطية القضائية إلى الحرص على تطبيق القانون والقيام بدورها كاملا في التصدي لمختلف الجرائم والانحرافات الاجتماعية والمساس بالقيم بكل أصنافها طبقا لصلاحياتها واختصاصاتها في كنف القانون. ولوحظ مؤخرا كيف دفعت الأخبار المزيفة بمؤسسات وهيئات رسمية وكذا شخصيات عمومية إلى نشر توضيحات وردود حول معلومات مضللة تم تداولها بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وتناقلتها وسائل الإعلام كالتوضيح الذي نشرته وزارة السكن الشهر الماضي بشأن دراسة ملفات مكتتبي وكالة عدل حسب الترتيب التسلسلي حيث أكدت أن هذا الترتيب لا يزال معمولا به عكس ما تم تداوله أو حتى الخبر الكاذب الذي أعلن عن وفاة خبيرة الطبخ الجزائري المعروفة ب السيدة رزقي والذي دفعها إلى الظهور شخصيا ونشر فيديو لتكذيب هذه الإشاعة. انعكاسات خطيرة.. وحول هذا الموضوع يؤكد الباحث في علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3 الأستاذ أحمد غربي أن الأخبار المزيفة ليست بعيدة عن الدعاية في كثير من الأحيان كما أنها قد تكون مجرد سخرية إخبارية تلجأ إلى المبالغة وإدخال عناصر غير واقعية بهدف التسلية معتبرا أنها صناعة قديمة تزدهر اليوم في العصر الرقمي وتصبح ذات مفعول هائل حتى في الدول الديمقراطية والغنية والتي تتوفر شعوبها على درجة محترمة من الوعي . وبعد أن أشار إلى أن هذه الظاهرة أصبحت موضة عالمية اعتبر الباحث أن استفحالها وسط المجتمع الجزائري كان نتيجة لتزايد عدد قنوات الاتصال بمختلف أنواعها حيث أصبح --كما قال-- يتم نشر الأخبار الكاذبة بقصد التضليل وإلحاق الضرر بجهاز أو كيان أو شخص معين بغرض تحقيق مكاسب مادية أو سياسية وأصبحت هذه الأخبار أكثر بروزا في إطار ما يعرف بسياسة ما بعد الحقيقة . وأشار إلى أن للأخبار المزيفة انعكاساتها الخطيرة على المجتمع الجزائري نظرا لمدى تأثيرها على الرأي العام ودعا وسائل الإعلام إلى المزيد من الاحترافية والموضوعية والمصداقية في نقل الخبر وذلك بعد مراجعة عدة مصادر مؤكدة قبل نشره خاصة إذا كان الأمر يتعلق بكرامة وأعراض الأشخاص . ويثير موضوع الأخبار المزيفة جدلية عالمية دفعت بالشبكة الاجتماعية فايسبوك إلى إنشاء مركز عصبي أسمته غرفة الحرب لمكافحة الحسابات المزيفة والقصص الإخبارية المفبركة وتعتمد تقنيتها على نظام الذكاء الاصطناعي الذي استخدم للمساعدة في تحديد المشاركات غير الصحيحة وسلوك المستخدم وذلك بهدف تسيير 3ر1 مليار حساب مزيف خلال العام الماضي والتخلي عن مئات الصفحات التي أنشئت بهدف خلق الأذى. وبالرغم من ذلك يشكك خبراء في صدق نية شبكات التواصل الاجتماعي في التصدي للأخبار المزيفة والمضللة علما أن الموضوعات المثيرة التي يتم توزيعها في قصص إخبارية خيالية يمكن أن تكون فعالة في إبقاء الأشخاص مشاركين على مواقع التواصل الاجتماعي.