بادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى صديقه الحميم أبي بكر رضي الله عنه ليخبره بما أكرمه الله به من النبوة والرسالة ويدعوه إلى الإيمان به فآمن به دون تردد وشهد شهادة الحق فكان أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال إذ كان من أخص أصحابه قبل البعثة عارفا به صلى الله عليه وسلم وبأخلاقه وكان يعلم من صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته ما يمنعه من الكذب على الخلق فكيف يكذب على الله؟!. ولذا بمجرد ما ذكر له النبي صلى الله عليه وسلم أن الله أرسله رسولا سارع إلى تصديقه والإيمان به ولم يتردد.. وقد روى ابن إسحاق عن بداية إسلام أبي بكر رضي الله عنه فقال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الحصين التميمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عكم عنه حين دعوته ولا تردد فيه) ما عكم: ما تباطأ بل سارع.. يقول ابن إسحاق: .. كان أبو بكر رجلا مؤلفا لقومه محببا سهلا وكان أنسب قريش لقريش وأعلم قريش بها وبما كان فيها من خير وشر وكان رجلا تاجرا ذا خلق ومعروف وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته وحسن مجالسته فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه . لقد كان أبو بكر رضي الله عنه كنزاً من الكنوز ادخره الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وكان من أحب قريش لقريش فذلك الخُلق السمح الذي وهبه الله تعالى إياه جعله من الذين يألفون ويؤلفون والخُلق السمح وحده عنصر كاف لألفة القوم وهو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر) (الترمذي). ولما كان رصيده رضي الله عنه العلمي والاجتماعي في المجتمع المكي عظيماً استجاب له في دعوته للإسلام صفوة من خيرة الخلق من العشرة المبشرين بالجنة منهم: عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم أجمعين .. وكان هؤلاء الأبطال الخمسة أول ثمرة من ثمار الصديق -رضي الله عنه - دعاهم إلى الإسلام فاستجابوا وجاء بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فُرادَى فأسلموا بين يديه فكانوا الدعامات الأولى التي قام عليها صرح الدعوة وكانوا العدة الأولى في تقوية جانب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تتابع الناس يدخلون في دين الله أفواجا.