استغرقت نادية ساعة كاملة، وهي ترتب خمارها فوق رأسها، بدا لها شكلها غريبا، ولكنه أنيق، ورغم أنها قررت أن ترتدي هذا اللباس الشرعي في شهر رمضان منذ أيام، وفكرت كثيرا، إلاّ أنها ترددت كثيرا قبل أن تخرج من البيت، ولكنّ الصفاء الذي لاحظته على وجهها جعلها تتشجع، وتخطو الخطوة الأولى. مصطفى مهدي مع قدوم شهر رمضان من كل سنة، تقرر بعض الفتيات إرتداء اللباس الشرعي، أي الحجاب، بعضهنّ يرتدينه عن اقتناع، أو يكون قرارهنّ نهائيا، فلا ينزعنه، وبعضهنّ يرتدينه لشهر رمضان فقط، ربما ليجربنّه، أو لكي لا يتعرضن إلى المعاكسات خلال الشهر، أو ليعودن أنفسهنّ لغد سيفكرن فيه فعلا في ارتدائه، ولكن الظاهرة تلاقي الكثير من الانتقادات من بعض المتحفظين الذين يرون في هذه التصرفات عبثا باللباس الشرعي، لكن ما قالته لنا نادية يختلف: "صحيح أنه كان يجب عليّ أن أضع خمارا فوق راسي منذ مدة، لكن ما عساني أفعل، في كلّ مرة يوسوس لي الشيطان، فلا أفعل، وهذه المرّة نويت أن أرتديه في رمضان فقط، لكي تعوّد عليه، ثمّ بعدها أقرر فيما إذا كنت سأرتديه كل السنة، في الحقيقة أخشى أن أفعل، ولكن أعود وأنتزعه، وهذا هو برأيي العبث الحقيقي". فتيات أخريات يرتدينه فقط لكي يتخلصن من معاكسات الشبان لهنّ، تماما مثلما فعلت رتيبة: "كثير من الشبان لا يضعون لرمضان أي حرمة أو قدر، فهم لا يتحرجون من معاكسة الفتيات في النهار، ولكي أتخلص من ذلك، ولكي لا أؤثم على تلك التصرفات الغريبة، ففضلت أن أرتدي لباسا مُحترما، أو أكثر احتراما من لباسي العادي، في باقي الأشهر، أمّا عمّا إذا كنت سأفعل طيلة أيام السنة الأخرى، فسأفكر في الموضوع". فتيات أخريات يتخذن من رمضان فرصة للتوبة، ولكي يُراجعن أنفسهن، ومن ذلك اللباس الذي يرتدينه، وهو اللباس الشرعي، حيث لطالما فكّرن في الأمر، ولكن، ومع حلول شهر الرحمة صرن أكثر إصرارا، تقول عديلة: "أفكر في الأمر منذ ستة سنوات، ولكني لم أفعل حتى هذه السنة، قررت قراراً لا رجعة فيه، أو أتمنى أن يكون كذلك، فأنا لا أحبذ العبث هكذا ببساطة بلباس شرعي، هذا لا يجوز، الأفضل أن أتخذ قرارا لا رجعة فيه، وها أنا قد اتخذته". كذلك سمية كانت قد إرتدت الحجاب في رمضان الماضي، ولكنه خلعته بعدها، ولم تفعل في رمضان لهذه السنة، تقول: "للأسف أخطأت عندما ارتديت الحجاب فقط لرمضان، كان عليّ أن أفكر في ارتدائه نهائيا، حتى أنّ الشجاعة خانتني بعدها، وحتى اليوم لا أزال مترددة، رغم أنه لباس شرعي، ورغم أنّ ارتداءه واجب، رغم ذلك كله، إلاّ أنني بقيت مترددة، فكوني إرتديته، ثمّ خلعته زادني هذا الأمر ترددا".