بدت الشوارع الجزائرية منذ صبيحة أمس وكأنها مهجورة، وقد كانت شوارع العاصمة لاسيما التي كانت تشهد حركية كثيفة خالية على عروشها، لعدة ساعات، وذلك بالنظر للاهتمام الشديد بالمباراة الحاسمة التي لعبها الفريق الوطني أمام نظيره الأمريكي، وذلك نظرا لأهمية المباراة في حسم تأشيرة التأهل على الدور المقبل، خاصة وأن الخضر قدموا مردودا رائعا في المقابلة السابقة أمام المنتخب الإنجليزي أحد أعرق المنتخبات في كرة القدم العالمية. وكانت المقابلة التي جمعت بين المنتخب الجزائري والمنتخب الإنجليزي أو المنتخب السلوفيني قد جرّت كل الجزائريين إلى منازلهم، ومنعتهم من الخروج، وقد كانت شوارع العاصمة يبدو عليها النقص العدد بالتعبير الرياضي، إلا أنها في مباراة الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت أكثر حدة، ويعتقد المتجول في مدن العاصمة صبيحة أمس وكأنك في مدن مهجورة، وذلك راجع ربما لأهمية المباراة، وكذا لطيعة المنافس الذي يراه الجزائريون بأعين أخرى، غير الأعين الرياضية فوق المستطيل الأخضر، امتدت الأنظار واتجهت صوبا إلى فلسطينالمحتلة وما يعاينه شعبها المحاصر في قطاع غزة. وقد تجولت »أخبار اليوم« بشوارع ديدوش مراد والعربي بن مهيدي، وحسيبة بن بوعلي وهي الشوارع المعروفة بحركيتها الكثيفة طيلة أيام الأسبوع، فلم تجد أثرا لتلك الحركية، وذلك الازدحام للمتجولين في الشوارع، إلا بعض المارة المحسوبين على أصابع اليد الواحدة، وكأنك في يوم عطلة، بل أكثر من ذلك، وبدا على كل الوجوه إلى أنها مهرولة أو مسرعة إلى العودة لترتيب مكان مشاهدة المباراة، وكانت محلات الشوارع المذكورة في حدود الساعة ال 11 صباحا تترقب من يلج إليها، والكثير منها أنزل الستار وأعاد غلق محله والتحق بمنزله، وقد سألت »أخبار اليوم« صاحب أحد المحلات لبيع الأكل السريع يقع بشارع العربي بن مهيدي مقابل لتذكار الأمير عبد القادر عن سبب نقص الزبائن اليوم، فرد بعفوية: »اليوم تلعب مباراة الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية، والناس لا تخرج من بيوتها خوفا وتجنبا لأي طارئ يمنعها من مشاهدة المباراة الفاصلة، وقد كنا نتوقع هذا السيناريو، ووضعنا ذلك في الحسبان، بناء على تجربة مقابلة الخضر مع إنجلترا، لكن لم نكن نتوقع أن تكون إلى هذه الدرجة«، وتابع زميله: »مع إنجلترا لم تكن إلى هذا الحد، لقد اشتغلنا قليلا، وكان هناك متجولون وزبائن، أما اليوم فقد اعتقدت أنه يوم عيد الأضحى أو عيد الفطر، الشوارع كلها خالية، والأهم أننا لم نحضّر كثيرا المؤكولات، وإلا لكنا أكلناه لوحدنا«. ويرى الجزائريون أن المباراة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، ليست فقط مباراة في كرة القدم، وأن الانتصار على أكبر قوة عظمى في العالم، ليس انتصارا رياضيا يؤهلهم إلى الدور الثمن النهائي فقط، وإنما نصرا بأبعاد متعددة، في مقدمته ما يعانيه الأشقاء الفلسطينيين، على يد الكيان الصهيوني بدعم فاضح من الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث تعتبر هذه الأخيرة المسؤول الأول والمباشر على ما يعيشه الشعب الفلسطيني هذا الشعب الذي يحجز مكانة جد خاصة في قلوب الشعب الجزائري، الذي يعتبر الشعب الوحيد الذي يدافع عنها بكل أحاسيسه وجوارحه بعيدا عن المصالح والمنافع السياسية والشخصية الضيقة، وبالتالي فإن النصر على الولاياتالمتحدةالأمريكية سيهدى مباشرة إلى الشعب الفلسطيني الشقيق.