بعد قاعات الأعراس والشوارع والأسواق والحمامات أضحت المساجد هي الأخرى فرصة للتعارف والبحث عن "المكتوب" بحيث تنتهز الكثيرات من العجائز والسيدات فرصة صلاة التراويح في رمضان التي تقبل عليها الكثيرات من الفتيات لغرض اختيار زوجة الابن المستقبلية والانطلاق فيما بعد في رحلة التحري المكثف عن أصولها وخصوصياتها. نسيمة خباجة ووجدن في صلاة التراويح الحل البديل الذي يغنيهن عن مشقة البحث عن زوجة للابن في الأعراس وقاعات الزفاف، وأتاحت بيوت الله لهن الفرصة في ذلك لاسيما وان الوافدة إلى المسجد لايشك الأغلبية في حسن سيرتها وطيب سمعتها، وحسب ما كشفه الواقع أن العديد من الفتيات كانت الصلاة في المسجد سببا في زواجهن ويشهد الكل بنجاح تلك الزيجات التي كانت بيوت الله سببا فيها وفي جمع شمل الزوجين. بحيث تقبل النسوة والأوانس في رمضان على المساجد اقبالا مكثفا لأداء صلاة التراويح بالنظر إلى روحانية تلك الشعيرة الرمضانية، وهي الفرصة التي واتت العجائز لاختيار زوجة مناسبة للابن وضمان حسن سيرتها بعد أن يتم التعرف عليها في بيوت الله، سيما وان الواقع كشف عن تورط العديد من العائلات في زيجات لا تليق بمقامهم ولا بشرفهم وسمعتهم وكان الفراق والطلاق خاتمة الأمور، مما أدى إلى تخوف البعض من تلك الخطوة خاصة في الوقت الحالي الذي أضحى الخوف متبادلاً بين عائلتي الزوجة أو الزوج على حد سواء، خاصة وان علاقة المصاهرة هي علاقة قوية تربط بين عائلات متباعدة، وللكل أن يتخيل في حالة ما إذا اقترن الموجب بالسالب أو حصل العكس. لذلك صارت العديد من العائلات ترهب من تلك الخطوة وتذهب في السؤال والتحري والبحث الطويل عن أصل الفتاة قبل الإقدام على تلك الخطوة، فهي مشروع مهمّ يقارب عائلتين على مدة الحياة ولا نقول زوجين كون أن العائلة حضورها يعد أساسيا في حالة نشوب أي نزاع بين الزوجين وتناط لها مهمة حله وإرجاع الأمور إلى نصابها، الأمر الذي أدى بالأمهات إلى انتقاء زوجة للابن انتقاء جيدا من شانه أن يبعد عنهن الندم فيما بعد أو بالأحرى المشاكل والنزاعات التي قد تنشب بين الزوجين أو حتى بين العائلتين معا. اقتربنا من بعض المساجد لرصد الآراء والدوافع التي دفعت ببعض النسوة إلى اختيار كنائنهن من المساجد فقلن الكثير، منهن الحاجة ربيعة، 70 عاما، قالت أن الوقت الحالي يفرض على العائلات التخوف ووزن الأمور بطريقة محكمة قبل خطو تلك الخطوة سيما وأنها تتعلق بجمع شخصين مدى الحياة، وأضافت أن ابنها فوض أمر تزويجه لها وبحثت كثيرا ولم تجد له الزوجة المناسبة خامة وانه نال درجة من العلم وحائز على ماجستير في الحقوق، ومن أولى شروطه أن تكون الفتاة متعلمة من اجل التوافق الفكري والثقافي فيما بينهما، وعكفت على البحث عنها في المسجد الذي تصلي فيه وانتهاز فرصة التراويح التي يتقبل عليها الكثيرات، خاصة وأنها جد متخوفة وترى انه لا يوجد أحسن من بيوت الله لانتقاء الزوجة الصالحة ومن ثمة تضمن عدم تعرضها إلى اللوم والعتاب من طرف ابنها الذي أوكل لها مهمة البحث عن زوجة المستقبل. نفس ما راحت إليه السيدة وردية، 50 عاما، التي قالت أن الواقع يكشف نجاح تلك الزيجات وهي على معرفة بفتاة هي الآن ببيت زوجها ورزقت بمولود تم التعرف عليها في المسجد من طرف خالة العريس خاصة وأنها جميلة ومؤدبة ومثقفة فلم تتوان تلك السيدة على اخذ معلوماتها الشخصية ومباشرة بعد رمضان تمت خطبتها ولم يمر شهرين حتى كانت ببيت زوجها وفعلا كانت نعم الزوجة حسب ما تشهد به خالة الزوج دوما كونها على معرفة بها وتقطن بجوارها. ومهما قيل ويقال لا يعد انتقاء الفتاة في المسجد مع كل احترامنا لبيوت الله وطيب الموضع الذي تُؤدّى به أهم فريضة في الإسلام باعتبارالصلاة عماد الدين ، معيارا عاما لانتقاء القناة الصالحة كون أن هناك العديد من الفتيات من بتن يتخفين من وراء المساجد بحيث يتظاهرن بالصلاة وبطيب الأخلاق التي لا تعكس سلوكاتهن البتة ووجب أن لا نعمم فالأمور تبقى نسبية في مجتمعنا الذي اختلط فيه الحابل بالنابل.