في خطوة ربما تكون تداعياتها شديدة الخطورة على الأسواق المالية خفضت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني علامة الدين العام للولايات المتحدة، في أول إجراء من نوعه في تاريخ هذا البلد. وستقود هذه الخطوة إلى ارتفاع تكلفة التأمين على سندات الخزانة الأمريكية، نظراً لتزايد المخاطر الاستثمارية بعد تخفيض التصنيف. ومن المنتظر أن يؤدي هذا التخفيض أيضاً إلى تخفيض علامة العديد من المقترضين، بدءاً بالهيئات العامة وشبه العامة مثل عملاقي الرهن العقاري فاني ماي وفريدي ماك، وصولاً إلى شركات التأمين فضلاً عن الولايات والحلفاء . وكانت كارمن راينهارت، الخبيرة الاقتصادية في معهد بيترسون بواشنطن، قد قالت إنه بالرغم من التسوية التي تم التوصل اليها بعد أسابيع من المفاوضات الشاقة بين البيت الابيض والكونغرس، فإن الولاياتالمتحدة "لاتزال عرضة" لاحتمال فقدان علامتها القصوى. ورأت الاختصاصية في تاريخ أزمات الديون أن الاتفاق الذي أقره الكونغرس "هزيل جداً" بالنسبة لما كانت وكالات التصنيف الائتماني تدعو إليه، "ما قد يشكل وسيشكل على الأرجح عاملاً يدعو إلى تخفيض العلامة". وكانت "ستاندرد آند بورز" قد حذرت في أفريل الماضي من أنها تفكر في خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدةالأمريكية بسبب استمرار العجز في الموازنة عند مستويات مرتفعة وارتفاع العجز العام. وتأكدت مخاوف الوكالة بعد الانقسامات الحادة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن الموازنة، والتي تجلت في سجالات وخلافات كادت أن تؤدي بالبلاد إلى التخلف عن السداد لأول مرة في تاريخها وهي كارثة تجنبتها واشنطن في اللحظة الأخيرة الثلاثاء الماضي بالاتفاق بين البيت الأبيض والكونغرس على رفع سقف الدين العام. وأضافت أنها متشائمة حيال قدرة الكونغرس والحكومة على تحويل الاتفاق الذي توصلا إليه الأسبوع الماضي إلى خطة لإعادة التوازن إلى الموازنة مرة أخرى. وكانت "ستاندرد آند بورز" التي كانت أول وكالة هددت بتخفيض العلامة الامريكية، قد اعتبرت في جويلية الماضي أن تعهد الرئيس باراك أوباما بخفض العجز في الميزانية بمقدار 4000 مليار دولار على 10 سنوات يشكل انطلاقة جيدة، فيما رأت "موديز" أن ذلك يضمن الاحتفاظ بعلامة "اي اي أي "مع توقعات "مستقرة". الا أن الخطة التي أعلن عنها الثلاثاء الماضي تنص على اقتطاعات بقيمة 2100 مليار دولار، بحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس، الهيئة المستقلة عن البرلمانيين. وستستكمل الخطة بتوصيات تصدرها بحلول نهاية نوفمبر لجنة خاصة من الحزبين يتم تشكيلها لتحديد مكامن الادخار الإضافية، غير أن الوكالات الثلاث حذرت من أنها لن تنتظر إلى ذلك الحين لاتخاذ قرارها.