قوجيل: رحيل مناد فاجعة أليمة    مجلس الوزراء: رئيس الجمهورية يأمر باتخاذ كافة التدابير لمواجهة أسراب الجراد بالجنوب    مجلس الوزراء: رئيس الجمهورية يأمر بتطوير الاستثمار في إنتاج الكهرباء وتوجيه الفائض للتصدير    ماذا قال ابن باديس عن ليلة القدر؟    تصرف روتايو تجاه الجزائر يزعج ماكرون    أبناء غزّة مرعوبون ومُدمَّرون    المغرب: تحذيرات من خطورة تمدد الاختراق الصهيوني وتهديداته للنسيج الاجتماعي    نيم ينعي مناد    الرئيس يُعوّل على الشباب    افتتاح الطبعة الخامسة    الجزائر تُرحّب بعلماء الأمّة..    النص الكامل لبيان اجتماع مجلس الوزراء    قضية نهضة بركان/اتحاد الجزائر: قرار "التاس" هو انتصار للحق وتأكيد للمواقف السديدة للجزائر    المحبوسين سيتصلون بذويهم عبر تقنية المحادثة "المرئية عن بعد"    تأكيد السلطات العليا على ترك بصمة مميزة في هذه النسخة الرابعة    استحداث تطبيق رقمي لمراقبة مدى التزام التجار بمداومة أيام عيد الفطر    مثمنا الأشواط المحققة لتعزيز الأمن المائي الوطني، زعلاني:    استذكار مآثر الشيخ محمد بلقايد الشريف الحسني مؤسس الطريقة البلقايدية الهبرية    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى جمهورية ساوتومي وبرانسيب    بطولة افريقيا للاعبين المحليين: المنتخب الوطني يختتم تربصه الاعدادي بعنابة    أشغال عمومية: رخروخ يستقبل نائبا بالمجلس الشعبي الوطني عن ولاية غرداية    تصفيات مونديال 2026: تشكيلة المنتخب الوطني تستأنف تدريباتها بسيدي موسى    السيد بلمهدي يشرف على افتتاح فعاليات المسابقة الوطنية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن    "ترقية المحتوى الرقمي لحماية الطفولة" محور لقاء وطني بالجزائر العاصمة    هزة أرضية بدرجة 0 ر3 درجات بولاية المدية    محرز.. 100 لقاء دولي    بلايلي: هذا الأهم بالنسبة لي..    عشرات الآلاف يُصلّون في الأقصى    مولوجي تشارك المسنين الإفطار    رئيس الجمهورية: الدولة ستقف بالمرصاد لكل من يحاول استهداف استقرار الوطن    رئيس الجمهورية: الجزائر خطت خطوات كبيرة في مجال الأمن الغذائي والمائي    القضاء على إرهابيين من جنسية أجنبية    الاحتلال الصهيوني يدمّر المستشفى الوحيد لعلاج الأورام بغزّة    مجزرة غار أوشطوح.. غازات محظورة لإبادة 118 مدني    "قلب اللوز".. الحلوى التي غزت موائد القسنطينيّين    "الشاربات".. عنوان "بنّة" فواكه متيجة    هولندا.. رمضان ضيف عزيز    الجزائريون لن يتوقفوا عن دعم القضية الفلسطينية    أشكر اللاعبين وسنلعب كل المباريات المتبقية كنهائيات    تكريم المساهمين في إنجاح صالون "ويست-إكسبورت"    دراما مشوّقة تكشف خبايا الفساد وأثر الحراك الشعبي    تندوف تكرم حفظة كتاب الله    الاتحاد المغربي للشغل يدعو إلى التعبئة    امتنان لعلماء دول العالم الإسلامي    زهير بللو: فن الشعبي تعبير صادق عن وجدان الشعب الجزائري    "جريت وول موتورز" تعرض مشروعها بالجزائر    فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" و"ركب الحجيج"    صالح قوجيل: الجزائر المنتصرة تسير في الطريق الصحيح    رئيس الجمهورية يجري لقاءه الإعلامي الدوري مع ممثلي الصحافة الوطنية    مسابقة "تاج القرآن الكريم" : تواصل السهرات التنافسية بالمركز الدولي للمؤتمرات    سايحي يبرز مجهودات الدولة    مدرسة الصيام الربانية    المحاربون يحققون فوزا ثمينا ويستعيدون الصدارة    دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    السيد سايحي يبرز مجهودات الدولة في توفير الهياكل الصحية عبر مختلف ربوع الوطن    أجمل دعاء يقال في رمضان    متى يباح الإفطار للصائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يغيّب السياسة الدولية التي تحقق الفائدة للجميع؟
نشر في أخبار اليوم يوم 02 - 03 - 2024


بقلم: لطفي العبيدي
هناك إشكالات أكثر جذرية وحتى وجودية في المقاربة الأمميّة الليبراليّة. فالأمميّة الليبراليّة ما هي إلّا نتاج لمرحلة نهاية القرن حين آمن المفكرون والناشطون وصانعو السياسات التقدميون بأن العقلانيّة يمكن لها أن تسيطر على الشؤون الإنسانيّة. بيد أنّ هذا الحلم أثبت أنه ليس سوى حلم فما من أمّة بغض النظر عن مدى قوّتها لديها المقدرة على التحكم بالعلاقات الدوليّة وهو مجال مسكون بعمق باللايقين فالعالم ليس رقعة شطرنج كما تريده واشنطن التي تتحدد علاقاتها بغيرها من الأطراف بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية لكل منطقة على نحو يجعل ثلاث مناطق رئيسة ذات أهمية استراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية القرن الماضي مع تغيّر ترتيب كل واحدة منها في سلّم الأهمية الاستراتيجية بالنسبة إلى واشنطن وهي أوروبا وآسيا أو شمال شرق آسيا ومنطقة الخليج في الشرق الأوسط.
في سياق التنازع الجيوسياسي بات من الواضح أنّ الصين هي الدولة الوحيدة المرشحة لتحل مكان الولايات المتحدة نظرا إلى المتطلبات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والنووية للدولة المهيمنة ولكن رغبة الولايات المتحدة في مواصلة دورها المهيمن على شؤون العالم ربما تتضح بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة والحدث السياسي الأبرز سيشهد انقساما بين رؤيتين متعارضتين بالنسبة للعلاقات الدولية.
من الواضح الآن على نحو متزايد أن حقبة ما بعد الحرب الباردة قد ولت وهذا يجعل أمثال مايكل دبليو دويل يشيرون إلى عام 1988 وتحديدا ما حدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما شارفت الحرب الباردة على الانتهاء. وهو اليوم الذي أعلن فيه ميخائيل غورباتشوف أن حقوق الإنسان ليست غربية فقط كما كان يُنظر إليها خلال الحرب الباردة بل هي إنسانية. سقط جدار برلين وانهار حلف وارسو ثم انهار الاتحاد السوفييتي وبدأت روسيا في التحول إلى الديمقراطية. وفي عام 1989 أقام الشباب الصينيون تمثالا للحرية في ميدان تيانانمين بطريقة بشرت بإمكانية انتشار الربيع الليبرالي إلى القوة الشيوعية العظمى الأخرى. اليوم انقلبت الموازين الدولية وما زالت التحولات تتسارع. فهل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ستغير سياسات واشنطن في علاقة بروسيا والشرق الأوسط أم لا؟ على الرغم من أن أسلوب ترامب وشخصيته وتفضيلاته لا تشبه أي زعيم معاصر بقدر ما تشبه فلاديمير بوتين فإن صداقة ترامب وبوتين لم تكن ضمانا لعلاقات تعاونية بين الولايات المتحدة وروسيا. يعد ترامب قوة مفاقمة في الحرب الباردة الجديدة بسبب نزعته العسكرية وعدم الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ. لم يتغير شيء مع جو بايدن فقد أصبحت الانقسامات العالمية أكثر وضوحا لم يوقف تصعيد الحرب الباردة الجديدة بل دفعها إلى الأمام وأكثر من ذلك سقط إنسانيا وأخلاقيا في مشاركته المباشرة في حرب الإبادة مع الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ورفعه الفيتو لمنع وقف المجازر المتواصلة حتى عندما يشعل طيّار أمريكي نفسه أمام السفارة الصهيونية في أمريكا رفضا للمشاركة في الحرب الهمجية ضد غزة لا تذكر كبرى الصحف الأمريكية اسم فلسطين أو تشير إلى الأسباب الحقيقية للحدث. تعمية متواصلة وتغطية غبية على فضائح إنسانية وسقوط أخلاقي ليس له نظير.
*أكثر الدول إسرافا في استخدام العنف وإراقة الدماء
في سياق الصراع الدولي حول النفوذ الاستراتيجي والمنافسة بين القوى العظمى طرح المحلل الألماني أندرياس كلوث مجموعة تساؤلات تتعلق بتراجع الدور الأمريكي وما إذا كانت الولايات المتحدة قد سئمت من الدفاع عن النظام العالمي القائم على القواعد والقوانين وما إذا كان العالم يسمح بتدهور مكانة الولايات المتحدة أم عليه تشجيع استمرار التفوّق الأمريكي؟ العالم لن يكون أفضل في تقديره إذا لم توجد فيه قوة مهيمنة على الإطلاق لأنه يتوقع العودة إلى حالة الفوضى وليس إلى حالة تعدد الأقطاب كما يقول البعض في وقت يتقبل فيه قادة الولايات المتحدة حقيقة مفادها أن الصين لن تتلاشى وأن الرئيس شي جين بينغ لن يتخلى عن أهدافه وأن التفوق العسكري الأمريكي لم يعد مضمونا وإن كان بعض صناع السياسة في أمريكا يرون أنّ التركيز على حملة الردع قد يكون هو السبيل الوحيد للتعايش السلمي في عالم لم تعد الولايات المتحدة تهيمن عليه. تبقى المقاربة التاريخيّة لمناصري سياسة ضبط النّفس تمثل سبيلا أكثر نجاعة لتحليل العلاقات الدوليّة إذ يركّز مناصرو سياسة ضبط النّفس على ما فعلته الصين لا على ما قد تفعله. فبالنسبة لهم الصين دولة موجودة في العالم لديها مصالحها وشؤونها الخاصّة بها وليست تجريدا نظريّا يجسّد قوانين فوق تاريخية وهي تعكس بذاتها قلقا أمريكيّا وعند تمحيص ما فعلته الصين فالأدلة جليّة ففي حين من الواضح أنّ الدولة تصبو إلى أن تكون قوّة عظمى في شرق آسيا وتأمل في غزو تايوان يوما ما فليس هناك الكثير مما يوحي بأنّها ترمي في الأمد القصير على الأقل إلى أن تحل محل الولايات المتحدة الأمريكية كقوة مهيمنة إقليمية فضلا عن أن تكون قوة مهيمنة عالميّة. كما أنّه لا الميزانية العسكرية الصينية المتزايدة والتي تقل مقارنة بالولايات المتحدة ب800 مليار دولار ولا مساعداتها للتنمية الخارجيّة تشير إلى أنّها ترغب في الهيمنة. في الواقع إنّ القادة الصينيين الذين يتسامحون مع وجود عشرات الآلاف من القوات المسلحة على مقربة من حدودهم يبدو أنّهم راغبون في السماح للولايات المتحدة بأن تظل لاعبا أساسيّا في آسيا وهو شيء لن يقر به الأمريكيون قط في نصف الكرة الغربي كما يؤكد دانييل بيسنر في سياق نقده للأممية الليبرالية غير المسؤولة والاستعلائيّة.
الصين تستمتع بمغريات الركوب المجاني ما دام أنّ هناك من يقود الحافلة. وحقيقة الأمر أنّ نهاية العهد الأمريكي جاءت قبل هذا بكثير لكن الأسباب طويلة المدى للضعف والانحدار الأمريكيين. وهي في الحقيقة محلية أكثر منها دولية. ليس من المرجح أن تستعيد الولايات المتحدة مكانتها المهيمنة السابقة وينبغي لها أن لا تطمح في ذلك. أمريكا مثال للدولة الفاشلة التي تروج للديمقراطية والقيم الإنسانية كالحرية والرحمة لكنها أكثر الدول إسرافا في استخدام العنف وإراقة الدماء وتشجيع كيانات ارهابية استيطانية وعنصرية مثل دعمها المطلق لإسرائيل في استعمارها لفلسطين وإبادة شعبها. والقرن الذي شهد سيطرة الولايات المتحدة بدأ في الانتهاء من منطقة الشرق الأوسط وحرب غزة وجرائم بايدن ونتنياهو المشتركة ستكون لعنة سياسية واستراتيجية لكليهما مع تداعيات محلية مؤكدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.