قرّرت الجزائر فتح صفحة جديدة مع من يسمّون أنفسهم بالثوّار في ليبيا بعد أن بسطوا سيطرتهم على العاصمة طرابلس وغالبية المدن الليبية، حيث ذهبت التصريحات الأخيرة لعدد من مسؤولينا في اتجاه تقبّل الأمر الواقع والتعامل مع (ليبيا الجديدة) كما هي بعد أن لازمت الجزائر موقف الحياد منذ بداية الأزمة اللّيبية· إذ تفيد التصريحات الرّسمية الأخيرة بوجود نوع من المرونة في التعاطي الجزائري الرّسمي مع القضية اللّيبية، خصوصا بعد أن تبيّن إلى حدّ بعيد أن المعارضين للعقيد القذافي نجحوا في فرض منطقهم على دواليب الحكم في ليبيا· وفي هذا السياق قال الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيّد عبد القادر مساهل مساء الاثنين بالجزائر العاصمة إن الجزائر بلد لديه تقاليد في مجال الدبلوماسية وتصوّره (يلقى إصغاء) فيما يخصّ آخر التطوّرات التي تطرأ على العالم وفي إفريقيا بشكل خاص· وذكر السيّد مساهل الذي حلّ ضيفا على حصّة (كيستيو داكتو) ل (كنال ألجيري) - (التلفزيون الجزائري) أن (الدبلوماسية الجزائرية لا تعتمد على الإثارة، الجزائر تبقى عاصمة يزورها المبعوثون من مختلف الجنسيات في إطار الأزمة اللّيبية، ونحن بلد لديه تقاليده في مجال الدبلوماسية وتصوّره يلقى إصغاء)· وردّا على سؤال حول (الحملة التي تشنّها بعض وسائل الإعلام على الجزائر) بشأن موقفها إزاء الأزمة اللّيبية، قال الوزير إن (العالم تغيّر كثيرا لكن الجزائر تمكّنت من أن تتكيّف بفضل توجيهات رئيس الجمهورية)، مؤكّدا على (المقاربات التي تخدم المصالح العليا للجزائر ومكانتها الجيواستراتيجية وقدراتها المختلفة)· في هذا الصدد، أشار السيّد مساهل إلى أن أطرافا من المجلس الوطني الانتقالي اللّيبي من جهة والأطراف المساندة للقذافي من جهة أخرى كانوا قد حاولوا (توريط) الجزائر وجعلها (أحد رهانات سياستهم الداخلية)، مؤكّدا بالمقابل أن الجزائر كان لها (دور كبير) في بنية خارطة طريق الاتحاد الإفريقي من أجل تفضيل خيار مسار سلم على الحرب، وأضاف أنه ليس من تقاليد الجزائر الاعتراف بالأنظمة لكن بالدول والحكومات، سيّما وأن المجلس الوطني الانتقالي حدّد مؤخّرا رزنامة تقوم على ثلاثة محاور كبرى من أجل العودة إلى الوضع الطبيعي ويجب أن تطابق المرحلة الأولى المعيار الدولي المتمثّل في الحكامة، وبعد أن أكّد أن (الدبلوماسية هي فنّ التحفّظ والنّجاعة أشار إلى أن الاتّصالات مع (السلطات اللّيبية الجديدة قائمة منذ شهر مارس الفارط والجسور ما تزال ممدودة بين البلدين)· ولدى تطرّقه إلى انعكاسات الأزمة اللّيبية على منطقة الساحل، سيّما انتشار الأسلحة أكّد السيّد مساهل أن (السلطات اللّيبية الجديدة تجعل من الأمن مسألة جوهرية)، داعيا إلى التكفّل بمشكل عودة العمّال القادمين من ليبيا· وأشار الوزير في هذا السياق إلى أن إحدى نتائج النّدوة الدولية للجزائر حول الشراكة والأمن والتنمية تتمثّل في الوعي بضرورة إبعاد التهديدات النّاجمة عن الأزمة اللّيبية وغيرها على منطقة الساحل، وأردف يقول: (علينا أن نعمل معا لمواجهة التهديدات الجديدة النّاجمة عن الترابط بين الجريمة المنظّمة والإرهاب، إضافة إلى تداول الأسلحة وعودة العمال)· واعتبر الوزير أن ندوة الجزائر التي جمعت 38 بلدا، إضافة إلى خبراء في الأمن والمخابرات ونظام الأمم المتّحدة والمنظّمات الشريكة قد حقّقت أهدافها، مضيفا أن (الهدف المتوخّى يتمثّل أساسا في إقامة حوار مع شركائنا المعنيين بشكل مباشر أو غير مباشر في السياسات المنتهجة من أجل استتباب الأمن والتستقرار في المنطقة)، مضيفا أنه لا يمكن أن يكون هناك أمن من دون تنمية وتنمية من دون الأمن· ولدى تطرّقه إلى الوضع القائم في دول القرن الإفريقي التي تعاني من الجفاف والمجاعة ذكر الوزير أن الجزائر قرّرت منح مساعدة عاجلة عن طريق هبة بقيمة 10 ملايين دولار· وأردف الوزير أن الحصّة الأولى التي تعادل 3 ملايين دولار من المساعدات قد أرسلت إلى مخيّمات اللاّجئين الواقعة على الحدود بين كينيا والصومال، مضيفا أن 7 ملايين الباقية موجّهة لدول القرن الإفريقي الأخرى·