وثيابَك فطهِّر النظافة شطر الإيمان قيمة النظافة من أهم القيم الإسلامية والإسلام ينظر إليها على أنها جزء لا يتجزأ من الإيمان الأمر الذي جعلها تحظى باهتمام بالغ في الشريعة الإسلامية اهتمام لا يدانيه اهتمام من الشرائع الأخرى فلم يعد ينظر إليها على أنها مجرد سلوك مرغوب فيه أو متعارف عليه اجتماعياً يحظى صاحبه بالقبول الاجتماعي فقط بل جعلها الإسلام قضية إيمانية تتصل بالعقيدة يُثاب فاعلها ويأثم تاركها في بعض مظاهرها. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (222)سورة البقرة. *من أوائل ما نزل على رسول الله ومن أوائل ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة الأمر بالطهارة بقوله تعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (المدثر 4) والتطهر لا يتم الا بالماء الطهور قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (الفرقان 48). وقال أيضا {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} الأنفال 11. *الطهارة شرط للعبادة والإسلام اهتم كثيراً بنظافة الإنسان حساً ومعنىً لذلك جعل الطهارة شرطاً لكثير من العبادات كالصلاة والطواف بالبيت الحرام وقراءة القرآن... فهذه أمور لا تصح العبادة بها إلا إذا كان المسلم طاهراً متوضئاً حريصاً على نظافة جسمه وبدنه وثوبه ومكانه ولأجل ذلك أُمِر المسلم أن يتطهر بعد قضاء الحاجة وقد بيّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من أسباب عذاب القبر عدم تنزّه المرء من بوله. كذلك نقرأ جيداً في كتب الفقهاء أحكام الغسل من الجنابة والحيض والنفاس وكذلك الأمر بالغسل كل يوم جمعة حتى أنه جاء في بعض الأحاديث أن غسل الجمعة واجب على كل محتلم وقال النبي صلى الله عليه وسلم: حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يغسل رأسه وجسده . صحيح مسلم. ومن يتصفح السنة النبوية والأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك سيجد أحاديث كثيرة تدعو إلى النظافة ولا توجد أمة على سطح الأرض أشد حرصاً على نظافتها من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فالإسلام حضّ أتباعه على النظافة وأمر بها بشكل عام من ذلك مثلاً قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى طيّب يحبّ الطيْب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود فنظّفوا أفنيتكم ولا تَشبّهوا باليهود . سنن الترمذي. *دعوة من الله هذه دعوة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يحرص الإنسان المسلم على النظافة لأن الله سبحانه وتعالى يحب من كانت النظافة صفةً له كذلك ورد في حديث سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زائراً في منزلنا فرأى رجلاً شعثاً قد تفرّق شعره فقال عليه الصلاة والسلام: أما كان يجد هذا ما يُسكن به شعره؟! . صحيح ابن حبان. ورأى رجلاً آخر عليه ثياب وسخة فقال عليه الصلاة والسلام: أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه؟! . صحيح ابن حبان. فلم يرضَ من الرجل أن يترك شعره هملاً من غير تنظيف أو تسريح أو عناية ولا أن يلبس ثوباً وسخاً. ومن مظاهر اهتمام الإسلام بها جعلها سمة من سمات الرجال وهذه السِّمة جعلتهم ينالون شرف محبة الله تعالى لهم قال تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْم أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبه:108] كما جعلها سبحانه وتعالى شرطاً لإقامة عمود الدين -الصلاة- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرضى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} المائدة:6. والمتأمِّل حال الطهارة والنظافة في القرآن الكريم يجد أن الله سبحانه وتعالى يُعاقِب على عدم الالتزام بها أشد وأبلغ عقاب وقد أهلك الله سبحانه وتعالى أُمَّة كاملة لنجاستهم وعدم طهارتهم وهم قوم لوط عليه السلام قال تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ. فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيل } الحجر:73-74. ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم النظافة نصف الإيمان حيث قال صلى الله عليه وسلم: الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن -أو: تملأ- ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حُجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها .رواه مسلم.