لا شك أن المرأة الجزائرية قد شاركت في الثورة مشاركة فعالة، فهذه المرأة (الشاهدة والشهيدة) كانت قوتها مؤهلة لتغيير التاريخ، وقد أتيحت لها الفرصة للمشاركة بجدية في تعزيز مواقع الثورة، فالنساء والزوجات والأمهات في الشجاعة بوقفتهن وهن يحضرن متطلبات الثورة، وقفن أمام دبابات وكلاب فرنسا غير عابئات بقذائف ومدافع العدو· كانت الشهيدة الشايب أمينة مثلا في النضال ضد الاحتلال الفرنسي، التحقت بصفوف الفدائيين، وكانت أول المتطوعات، وكان لها دور مميز في مدينة شرشال، وشاركت بكل قواها في ثورة التحرير· ولدت الشهيدة في 7 ماي 1911 بحجوط، ونشأت وكبرت في مدينة شرشال، وهي من عائلة مناضلة، قدمت قوافل من الشهداء· عاشت مرحلة الطفولة كغيرها من الشباب الجزائري في ظل الاستعمار، وحياة الظلم والفقر المسلط على رقاب الجزائريين، بعد الظلم والاضطهاد والتعسف والجهل والمرض· فقد اضطرت المناضلة يمينة إلى البحث عن العمل واختارت عن قناعة وإيمان درب الجهاد· فالشايب يمينة زوجة وأم الشهيد حقا هي رمز للمرأة المناضلة· وأين تمكنت الشهيدة في هذه الظروف أن تساهم بفعالية في تشكيل خلايا جديدة في هذه الفترة، ولم يقتصر نشاطها على مدينة شرشال وحدها، بل استطاعت أن تكون خلية في القرى من مناضلات وكان نشاط الشهيدة محل ملاحقة واهتمام من طرف رجال الأمن الفرنسيين، إلا أن شدة كتمانها للسر وحنكتها وذكائها جعلهم يعجزون عن كشف المهام التي كانت تقوم بها وكانت تتمتع بثقة كبيرة لدى المجاهدين، كان لها دور ريادي في نشر الوعي الوطني وإفشال مخططات (ASS) لكسر شوكة الثورة وعزلها عن الشعب، وخاصة في الأرياف المجاورة لمدينة شرشال· كانت تقوم بجمع الأموال وتوفير الأدوية والمؤونة للمجاهدين، وقد حاولت السلطات الاستعمارية بكل الوسائل مطاردتها وإلقاء القبض عليها، ولم يتمكن العدو من معرفة نشاطها ودورها الحقيقي في الإعداد للثورة·· التحقت بصفوف الثورة في جبل (سيدي سميان) لتواصل كفاحها بكل دقة ومهارة· وقامت بواجبها وجاهدت بالمنطقة الرابعة، وبعد عملية تمشيط واسعة النطاق، استهدفت جبال (بوحرب) و(سيدي سميان) وبالتحديد وقعت الشهيدة في قبضة العدو· وأمام موقفها العظيم الذي أدته بكفاءة فائقة في الاتصالات، إلا أنها ورغم أنها تعرضت لأبشع التعذيب الجهنمية، وربطها على شاحنة عسكرية لتثبيط عزيمة المناضلين إلا أنها صبرت صبر أيوب ولم تبح بكلمة فكانت أسطورة التاريخ· وفي 25 أكتوبر 1958 تلتحق الشهيدة بركب الشهداء الطاهرين، لتسقي بدمائها الزكية أرض الجزائر، حيث تم اغتيالها من طرف جلادي الاستعمار· لقد تركت لنا الشهيدة ملحمة تاريخية بالأخلاق الفاضلة والشجاعة النادرة والعقيدة المتينة· وبمناسبة أول نوفمبر 2011 نحيي هذه البطلة ونعمل على إبراز ذلك لتبقى لنا الذاكرة منارة عالية للأجيال القادمة واللاحقة· رحم الله الشهيدة وأسكنها فسيح جنانه·