ذكر الشيخ الفاضل احمد بازمول في كتابه القيم شرح قول ابن سيرين في المقصد الثالث الفقرة ه من هم العلماء الذين يؤخذ العلم منهم؟ فقال: المقصود بالعلماء: هم العلماء الربانيون أهل الخشية والتقوى الذين تعلموا العلم الشرعي من كتاب وسنة على فهم السلف الصالح, وعلّموا الناس ما ينفعهم من أمور دينهم, ولم يشغلوا الناس بما لا يعنيهم ولا مصلحة لهم به أو ما لا يحتاج إليه الناس من القصص والخطرات والوساوس. روى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن العلماء ورثة الأنبياء, وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورَّثوا العلم, فمن أخذه أخذ بحظ وافر. صححه الألباني في سنن الترمذي. قال ابن حبان: في هذا الحديث بيانٌ واضح أن العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرنا هم الذين يعلمون علم النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من سائر العلوم, ألا تراه يقول: العلماء ورثة الأنبياء, والأنبياء لم يورثوا إلا العلم. وعلم نبينا صلى الله عليه وسلم سنته, فمن تعرى عن معرفتها لم يكن من ورثة الأنبياء. وقال أيوب: ما أمات العلمَ إلا القصَّاص, إن الرجل ليجلس إلى القاص برهة من دهره فلا يتعلق منه بشيء, وإنه ليجلس إلى الرجل العالم الساعة فما يقوم حتى يفيد منه شيئا. وقال أبو حيان التيمي: العلماء ثلاثة: عالم بالله وبأمر الله, وعالم بالله وليس بعالم بأمر الله, وعالم بأمر الله وليس بعالم بالله. فأما العالم بالله وبأمره: فذلك الخائف لله العالم بسنته وحدوده وفرائضه. وأما العالم بالله وليس العالم بأمر الله: فذلك الخائف لله وليس بعالم بسنته ولا حدوده ولا فرائضه. وأما العالم بأمر الله وليس بعالم بالله: فذلك العالم بسنته وحدوده وفرائضه وليس بخائف له. وقال ابن عبد البر: إنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه, ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم. وقال النووي: ولا يتعلم إلا ممن تكلمت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته, فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنما يخشى الله من عباده العلماء": المعنى أنه لا يخشاه إلا عالم؛ فقد أخبر الله أن كل من خشي الله فهو عالم كما قال تعالى في الآية الأخرى (أمن هو قنت ءاناء اليل......) الآية9 الزمر. والخشية أبدا متضمنة للرجاء، ولولا ذلك لكانت قنوطا كما أن الرجاء يستلزم الخوف ولولا ذلك لكان أمنا، فأهل الخوف لله والرجاء له هم أهل العلم الذين مدحهم الله. وقال الشيخ الفوزان: نصيحتي لطلاب العلم المبتدئين: أن يتتلمذوا على العلماء الموثوق بعقيدتهم وعلمهم ونصحهم. وقال أيضا: الذين تتلقى عنهم العقيدة هم أهل التوحيد، وعلماء التوحيد الذين درسوا هذه العقيدة دراسة واعية، وتفقهوا فيها، فالرجوع إلى أهل التوحيد وإلى علماء التوحيد الذين سلمت عقيدتهم وصفت هم الذين تؤخذ عنهم عقيدة التوحيد. وقال أيضا: أوصاف العلماء الذين يقتدى بهم هم أهل العلم بالله عز وجل، الذين تفقهوا في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحلوا بالعلم النافع، وكذلك يتحلون بالعمل الصالح. الذين يقتدى بهم هم الذين جمعوا بين الأمرين: بين العلم النافع والعمل الصالح، فلايقتدى بعالم لا يُعمل بعلمه، ولايُقتدى بجاهل ليس عنده علم، ولايقتدى إلا بمن جمع بين الأمرين: العلم النافع والعمل الصالح، وكل عالم لم يجرّب عليه خطأ، ولم يجرب عليه انحراف في السيرة أو الفكر فإنه يُؤخذ عنه. وقال الشيخ الفوزان أيضا: العلماءُ الراسخون الذين يُؤخذ بقولهم لا علماء الضلال ولا المتعالمين ولا الجهال؛ فإنما يسأل العلماء الربانيون الراسخون في العلم، فهم الذين يعتبر قولهم وفتواهم. ((وبعض الناس يستهين بالعلم والعلماء فلا يعرف قدر العلم ولا حق العلماء يظن أن العلم هو تكثير الكلام، وتحسينه بالقصص والأشعار والإكثار من الوعظ والرقائق. ومن الناس من يتوهَّم أن العلماء هم هؤلاء الرءوس الذين يخوضون في الأحداث، يتكلمون فيها بما يسمونه (فقه الواقع) يفتئتون على الأمراء والحكام بلا هدى وبصيرة. ومن الناس من صار العلم عنده هو مجرد ما في الكتب، فلم يلق بالاً إلى حقيقة أن هذا العلم نقلٌ وفهم، والفهم محكوم بما عليه طريقة الرعيل الأول والطراز المكلل من الصاحبة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فصار ينبز الاشتغال بالعلم والجلوس في حلق العلم عند العلماء، وما درى أن من العلم أبواباً لا ينالها إلا بمشافهة العلماء والأخذ عنهم. وصفة العالم من توفرت فيه الأمور التالية: 1. إتباع ما جاء في الكتاب والسنة. 2. التقيد والانضباط في فهم الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح. 3. لزومه للطاعة وبعده عن الفسق والمعاصي والذنوب. 4. بعده من البدع والضلالات والجهالات، وتحذيره منها. 5. رد المتشابه إلى المحكم: فهو يرد المتشابه إلى المحكم ولا يتبع المتشابه. 6. الخشوع والخضوع لأمر الله. 7. أنهم أهل الاستنباط والفهم. بارك الله في الشيخ أحمد وجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء. فلينظر الإمَّعة وأتباع كل ناعق من هم علماؤُهم وليزنُوهم بميزان الشرع. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم. * من الناس من صار العلم عنده هو مجرد ما في الكتب، فلم يلق بالاً إلى حقيقة أن هذا العلم نقلٌ وفهم، والفهم محكوم بما عليه طريقة الرعيل الأول والطراز المكلل من الصاحبة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فصار ينبز الاشتغال بالعلم والجلوس في حلق العلم عند العلماء، وما درى أن من العلم أبواباً لا ينالها إلا بمشافهة العلماء والأخذ عنهم.