لا يستطيع المار عبر بعض أحياء باب الوادي، المحاذية للمؤسسة الوطنية للتبغ والكبريت، تمالك أنفاسه، دون الشعور بالدوار والغثيان، نتيجة رائحة التبغ القوية المنبعثة من المصنع، حتى بالنسبة للعمارات التي تقع على بعد حي أو اثنين عن المؤسسة المذكورة، وهو ما تسبب في استياء كبير لدى السكان، والمارة على وجه العموم، الذين يطالبون في كل مرة بضرورة إيجاد حل لإيقاف نشاط المؤسسة، أو تحويلها إلى مكان آخر خارج المجمعات السكنية، المشكلة لواحد من أعرق الأحياء الشعبية في العاصمة، وهو حي باب الوادي· وتعتبر الروائح الكريهة المتمثلة في رائحة التبغ ومختلف مشتقاته التي يتم تصنيعها بالمؤسسة الواقع مقرها وسط النسيج العمراني بحي باب الواد في العاصمة، أكبر ما يؤرق سكان الحي المذكور والمتوافدين عليه، لا سيما السكان الذين يعانون منذ عقود طويلة، رغم أن البعض منهم، اعترفوا بأنهم قد اعتادوا الأمر بمرور الزمن، إلا أنهم يستغربون، كيف تم التفكير في إنشاء مؤسسة بمثل هذا النشاط، أي إنتاج التبغ والكبريت، ومختلف المشتقات الأخرى منه، في حي سكني يتميز بكثافته السكانية العالية، أي أن الأمر بدأ بطريقة خاطئة منذ البداية، فيما كان من المفترض أن يتم التفكير في إنتاج مثل هذه المصانع أو الشركات، بعيدا عن المحيط العمراني، وبعيدا عن كافة التجمعات السكانية، وفق تقنيات عالية من شأنها حفظ صحة العاملين أولا، وضمان عدم تلويث الجو والمحيط ثانيا، قائلين إنهم ينتظرون في كل وقت أن يتم إيجاد حل لهذه الوضعية الصعبة، ونقل نشاط المؤسسة إلى مكان آخر، يكون بعيدا عن التجمعات السكنية والعمرانية، أو إلى منطقة صناعية ما، على أطراف العاصمة، باعتبارها المكان الأمثل لنشاط مثل هذه المؤسسات، كي لا يكون تأثيرها سلبيا، على صحة المواطنين لاسيما من كبار السن والأطفال· ولا يقتصر الأمر على روائح التبغ الكريهة، فحسب، إنما يشمل كذلك الدخان المنبعث من المصنع، الذي سمم الأجواء في تلك الأحياء، إلى جانب ضجيج الآلات والتجهيزات، ويقول بعض المواطنين على مستوى حي (طالب عبد الرحمان) الأقرب إلى المصنع المعني، إنهم يعانون منذ سنوات طويلة مع هذا المشكل، رغم أنهم وجهوا في الكثير من المرات شكاوى إلى الجهات المعنية، التي كانت تعدهم في كل مرة بإيجاد حل نهائي لهذه الوضعية، إنما دون جدوى، فيما أكدوا أن بعضهم انتهى إلى الإصابة ببعض الأمراض التنفسية المزمنة، خاصة الربو والحساسية، وغيرها من الأمراض، كما أن البعض الآخر، قال إنهم يمتنعون في الكثير من الأحيان، لا سيما في فترة الصيف، عن فتح شرفات منازلهم أو الجلوس بها، لأنهم عوض أن يستنشقوا نسيم البحر العليل الذي لا يبعد عنهم إلا بأمتار قليلة، يستنشقون روائح التبغ التي سببت لهم ضغطا نفسيا رهيبا انعكس على حالتهم الصحية وراحتهم النفسية، على أمل أن يتم إيجاد حل ناجع ونهائي لهذه المشكلة، لا يؤثر على العاملين فيها، بحكم أن الكثير منهم هم من أبناء الحي والأحياء المجاورة، ولا يؤثر أيضا على صحة السكان وراحتهم·