في ظل ما يعرفه قطاع التربية والتعليم من اضطرابات مست جميع المستويات التعليمية منذ بداية العمل بالبرنامج التعليمي الجديد الذي لم يعرف استقرارا نتيجة التغييرات والتنقيحات التي شملته، انتشرت ظاهرة دروس الدعم بشكل عشوائي وغير منظم بقيادة بعض الانتهازيين الذين يسعون إلى الربح الوفير والسريع· وقد عرفت دروس الدعم انتشارا واسعا فشملت جميع المستويات ابتداء من المراحل الابتدائية، حيث تجد أطفال السنة الأولى مثلا ملزمين من طرف الأسرة بحضور دروس الدعم إلى جانب المقرر الدراسي ما ينهك الطفل ويجعله ينفر من الدراسة· وتقدم مثل هذه الدروس عادة في أيام العطل التي جعلت للراحة من تعب أسبوع كامل لكن هذا لا ينفي وجوب المراجعة والتحضير في هذه الأيام· وما يلفت الانتباه حجم المدارس المتخصصة في تقديم دروس التقوية، والتي عرفت في السنوات الأخيرة انتشارا رهيبا وعشوائيا، وغير قانوني في بعض الأحيان حيث يعمد بعض الأساتذة إلى استعمال مساحات مغلقة لا تلفت الانتباه لتقديم هذه الدروس بعيدا عن أعين الرقابة والضرائب· ويبقى تلاميذ المرحلة الثانوية أوفى الزبائن لهذه المدارس خاصة الأقسام النهائية التي عاشت خلال هذه السنة اضطرابات أدت إلى تأخرها في البرنامج الدراسي، وبهذا الشأن أبدى أساتذة الأقسام النهائية قلقهم اتجاه نشاط هذه المدارس التي يعتمد عليها التلاميذ كبديل عن الثانوية أحيانا خاصة في آ خر فصل، كما أبدى أحد الأساتذة تخوفه مما تتبعه هذه المدارس من أساليب التلخيص وتقديم الدروس الجاهزة، الأمر الذي يجعل التلميذ متكاسلا ويقتل لديه روح المبادرة والبحث· ناهيك عما يعانيه الأولياء من تكاليف هذه الدروس، حيث يصل سعر المواد الأساسية كمادة العلوم الطبيعية مثلا إلى 1500 دينار، زيادة عما ينتهجه بعض الانتهازيين اتجاه التلاميذ، حيث تؤكد إحدى التلميذات أن أستاذ الدعم لمادة الرياضيات وهو المسؤول عن مدرسة غير مرخصة تقدم دروس خصوصية في ثلاث مواد علمية الفيزياء والرياضيات والعلوم الطبيعية يفرض على التلاميذ دفع تكلفة المواد الثلاث وإن كان التلميذ يحتاج إلى الدعم في مادة واحدة أو مادتين فقط بحجة أن أسعار المواد منافسة ورخيصة مقارنة بالأسعار المعروضة في مدارس أخرى حيث يحدد سعر المادة ب 800 دينار وهو سعر قد يستقطب الكثير من أبناء العائلات ذات الدخل البسيط والمتوسط· وما لا يخفى على الجميع أن أساتذة الدعم كثيرا ما يفتقرون إلى كفاءة التدريس وإيصال المعلومة نتيجة نقص الخبرة، بل إن كثيرا منهم لا يملك شهادة ولم يصل حتى إلى مستوى الأقسام النهائية، ورغم ذلك ينظمون دروس الدعم لتلاميذ المرحلة الابتدائية في البيوت باعتبار أن دروسهم سهلة ولا تحتاج إلى شهادات لفهمها، ويجهلون أن التعليم يحتاج إلى خبرة ومهارة إلى جانب الشهادة· فإلى متى يبقى الانتهازيون يتاجرون بمستقبل أبنائنا؟