اتخذ بعض الشباب الجزائري من أزمة غاز البوتان التي تمر بها بعض ولايات الوطن، تزامنا مع الاضطرابات الجوية الأخيرة، وسيلة للترفيه عن أنفسهم، من خلال إبداع وابتكار صور جميلة وطريفة لقارورات الغاز، ونشرها على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، وإن كان السبب الحقيقي من وراء نشر هذه الصور على الفيس بوك ليس مجرد السخرية من الأزمة أو الترفيه عن أنفسهم فقط، بل إن أغلبهم أخذوا على عاتقهم مسؤولية نشر هذه الصور من أجل التعبير عن استيائهم وتذمرهم الشديدين من هذه الأزمة، بالإضافة إلى إيصال معاناة المواطنين الجزائريين إلى الجهات المسؤولة لإيجاد حل سريع لهذه المشكلة العويصة التي يمكن أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، في ظل النقص الفادح في غاز البوتان الذي يمكن أن يتسبب في هلاك العديد من الأشخاص جراء البرد القارس والجوع، خاصة إذا قلنا بأن أغلب التعاليق التي اطلعنا عليها انصبت كلها حول فكرة واحدة ألا وهي كيف لدولة بحجم الجزائر، والتي تعد صاحبة ثالث أكبر احتياطي في العالم من الغاز الطبيعي، وتقوم بتصدير غازها إلى دول عدة، أن يعيش أفرادُها أزمة نقص حادة في هذه المادة الحيوية والضرورية في كل بيت من البيوت الجزائرية، التي لم يصل إليها غاز المدينة بعد، ومازالت تعتمد في طبخها وتدفئتها على أنابيب غاز البوتان· ومن بين هذه الصور التي اجتهد في إبداعها هؤلاء الشباب، نجد صورة لقارورة غاز مرفقة بقائمة وثائق، أطلق عليها اسم ملف تسجيل للحصول على قارورة غاز، تحتوي على العديد من الوثائق التي يجب على الشخص المعني استخراجها وإحضارها معه، كشهادة الميلاد رقم 12 ونسخة طبق الأصل من شهادة عدم النوم لمدة 48 ساعة، بالإضافة إلى صك بريدي بقيمة 2000دج، وإن كان هذا الملف من نسج خيال هؤلاء الشبان، إلا أنه يعبر فعلياً عن الصعوبات التي يواجهها المواطن الراغب في الحصول على قارورة غاز واحدة، صورة أخرى أثارت الكثير من التعاليق الساخرة والمعبرة في آن واحد، وهي لقارورة غاز مزينة بباقة ورد، وموضوعة على إحدى الأرائك وبجنبها صحن حلوى وكأس عصير، كتب فوقها (ما رأيك في العروسة؟) كسؤال لزائري الموقع، وكتعبير على أنها أصبحت في معزة وغلاء العرائس، إذ يجب عليك دفع النفس والنفيس من أجل الحصول عليها· وغيرها الكثير من الصور التي جاءت لتعبر عما يعانيه المواطن البسيط في بلاد البترول والغاز، ففي الوقت الذي تصدر فيه الجزائر غازها إلى عدة دول على غرار مصر وإسبانيا يموت المواطن الجزائري من شدة البرد والجوع، فعلى حد قول أحد الشبان الذي علق قائلا بأن هناك بعض البلدان التي تنعم بالدفء الذي تحصل عليه من الغاز المتحرك عبر أنابيب تقطع البحور وتخترق الجبال ليصل الغاز الجزائري إلى مدافئهم وأفران مطابخهم، في حين يبقى المواطن الجزائري يرتعش من شدة البرد على جنبات الطرقات في انتظار وصول الشاحنة التي سوف لن تأتي وإن أتت لا تتوقف· في حين يشبِّه آخر المواطن الجزائري بدودة القز التي تنتج أفخر وأجود وأغلى أنواع الحرير، في حين تضل هي عارية حتى الممات· وإلى أن يتم إيجاد حل هذه الأزمة وإعادة توفير قارورات الغاز بشكل طبيعي كما كانت في السابق يبقى المواطن الجزائري ينتظر دوره في طوابير طويلة لا تنتهي للحصول على قارورة غاز واحدة·