خلقت الاضطرابات الجوية الأخيرة أزمة حادة في مادة غاز البوتان على كامل أرجاء التراب الوطني، وبعدما كانت ندرة هذه المادة الحيوية تمس في الغالب سكان القرى والمداشر النائية، التي يتم عزلهم بسبب كميات الثلوج وموجات البرد القاسية، مما يتسبب في عدم قدرتهم على توفير لوازم المعيشة الرغدة، غير أن الأزمة لم تعد مقتصرة عليهم، بل انتقلت إلى سكان العاصمة، وأصبحت تمثل لهم هاجسا حقيقيا إذ وجد العديد من سكان الأحياء الشعبية ومدن العاصمة الكبرى الذين يعتمدون على غاز البوتان، للقيام بالكثير من أعمالهم اليومية كالطهي والتدفئة خاصة، أنفسهم في رحلة بحث عن قارورات غاز البوتان، غير أن سوء الأحوال الجوية المصطحب بسقوط كميات معتبرة من الثلوج على العاصمة، ساهم في تدهور الأوضاع، وزاد الأزمة تعقيدا، حيث أجبر البعض منهم، خصوصا من لا يملكون السيارات، إلى الاستسلام للأمر الواقع، أما البعض الآخر، فقد اصطدموا بواقع أمر من الأول· إذ وبعد أن جالوا وصالوا في أرجاء العاصمة، لم يستطيعوا توفير ما يلزمهم من قارورات الغاز، حيث سجل نقص فادح في هذه المادة، سواء بالمحلات أو على مستوى نقاط البيع المختصة، ضف إلى ذلك ارتفاع أسعارها، هذا إن وجدت، حيث وصل سعر القارورة الواحدة إلى 350دج، في السوق السوداء، بعدما كان 230دج قبل أقل من أسبوع، وهو الوضع الذي أثار استياء وتذمر المواطنين، إذ يقول أحدهم كيف لقارورات الغاز أن تختفي من المحلات والسوق المحلية، في حين أنك تجدها بأسعار مرتفعة جدا بالسوق السوداء، ليضيف أين هو دور الرقابة لمثل هذه التصرفات، التي تعرض حياة المواطن للخطر وتحرمه من أبسط حقوقه، ليضيف آخر قائلا إنه اضطر إلى الذهاب في رحلة طويلة على متن سيارته، عبر أرجاء العاصمة، محاولا إيجاد قارورة غاز واحدة للتخلص من البرد القارس الذي يعم بيته، خصوصا بعد انقطاع التيار الكهربائي، وتوقف المدفأة الكهربائية عن العمل، مما جعل جو البيت باردا، ليعقب أنه بعد رحلة طويلة، بدأها من مقر سكناه بعين المالحة، مارا بعدة أحياء، إلى أن تحصل في الأخير على قارورة غاز واحدة من محطة للبنزين بنواحي الحراش· في حين يقول شاب آخر إن المسؤولية في هذه الأزمة تقع على عاتق المسؤولين، الذين لم يحضروا جيدا لاستقبال هذا الموسم البارد، ليقول إن بلدا كالجزائر من البلدان المصدرة للبترول، ومن بين الدول الأوائل من حيث احتياطي الغاز الطبيعي، من الغريب أن يشهد سكانها ندرة في مادة من المفروض أن تكون متوفرة بكثرة، ولما لا بفائض يسد احتياجات المواطنين وأكثر· ففي مثل هذه الأحوال الجوية المتدهورة، يزداد الطلب على هذه المادة الحيوية، خاصة بالنسبة لسكان الأحياء التي لم تزود بعد بشبكة غاز المدينة، وأيضا بالنسبة لسكان الأحياء القصديرية، الذين تفتقر أحياؤُهم إلى أبسط متطلبات المعيشة، حيث تعرف نقصا في الإمداد بغاز البوتان، إذ عرفت العديد من المحلات المتخصصة ببيع قارورات الغاز، على مستوى تلك المناطق، ندرة غير متوقعة للغاز الطبيعي، وحسب السيد (ر· م) صاحب محل لبيع المواد الغذائية، وقارورات غاز البوتان، فإن سبب الندرة راجعٌ إلى نقص قارورات الغاز من نقاط البيع، وكذا عدم قدرة الموزِّعين الذين كانوا يزودونهم بالغاز في الأيام العادية على المجيء، نتيجة موجات البرد القارس، وكميات الثلوج المتساقطة، التي شلت الحركة على مستوى العديد من المناطق، مما جعل تزويدهم بهذه المادة الحيوية ضربا من الخيال، ليضيف أن هناك العديد من المواطنين ممن تفطنوا إلى موجات البرد القادمة، مما جعلهم يقبلون على اقتناء قارورات الغاز بكميات معتبرة، خوفا من الاضطرابات الجوية، فحسبه هذا هو أهم ما ساهم في خلق هذه الأزمة، وجعل السوق يعرف ندرة حادة في التزود بهذه المادة الحيوية·